صحف إيران: جدل العقيدة النووية.. والرد الإسرائيلي.. وصمت روسيا والصين

تتواصل التناقضات في تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن عزم النظام صنع قنبلة نووية، في ظل الضغوط المتزايدة من إسرائيل وحلفائها الغربيين؛ حيث طالب نواب ومسؤولون سابقون بتغيير السياسة السابقة بتحريم امتلاك السلاح النووي وضرورة الإسراع في إنتاج قنبلة ذرية لمواجهة تهديدات "الأعداء".

وهاجمت صحف ووسائل إعلام إصلاحية ومعتدلة، دون هوادة، هذه التصريحات "الخطيرة"، مؤكدة أنها لا تصب في مصلحة البلد، الذي يعاني ضغوطًا دولية "بسبب دعمه لروسيا في الحرب على أوكرانيا"، وكذلك دوره في "زعزعة الأمن والاستقرار" في منطقة الشرق الأوسط.

وانتقد الكاتب والرئيس السابق للجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، حشمت فلاحت بيشه، هذه الدعوات، وقال لصحيفة "اعتماد": "إن الدعوة لامتلاك إيران سلاحًا نوويًا في ظل ما تواجهه البلاد من ضغوط وتحديات يعني إعطاء ذريعة للأطراف الأخرى لاتخاذ إجراءات جديدة ضد طهران".

وأكد البرلماني السابق أن هؤلاء النواب وبعض المسؤولين بإمكانهم، بدل الدعوة لصنع قنبلة ذرية، الضغط للحصول على أسباب صمت روسيا والصين، وعدم قيامهما بأي دور لصالح إيران فيما تمر به، على الرغم من اعتبارهما شريكين استراتيجيين لإيران، وتساءل بالقول: "ما سبب الغياب الاستراتيجي لهذين الصديقين في الأيام الصعبة التي تمر بها إيران؟".

ومن الملفات الأخرى، التي تناولتها بعض الصحف، لقاء الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في عشق آباد، عاصمة تركمانستان، والقضايا التي تناولها اللقاء.

وذكرت بعض الصحف، ومنها "آرمان ملي"، أن الرئيسين الروسي والإيراني، بجانب مناقشة العلاقات الثنائية بين الطرفين وتقارب وجهات النظر حول اتفاقية التعاون المشترك، ناقشا كذلك الأحداث في الشرق الأوسط واحتمالات التصعيد في الأيام والأسابيع المقبلة، في ظل ترقب العالم ردًا إسرائيليًا على إيران، بعد هجوم طهران في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية بعض الصحف:

"اعتماد": الضغط على أميركا أفضل طريقة أمام إيران لكبح جماح إسرائيل

تناول الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، محمد مهاجري، الطريقة المُثلى أمام إيران للتعامل مع إسرائيل. وذكر، في مقاله بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، أن أفضل الطرق أمام طهران هي الضغط على الولايات المتحدة الأميركية لكبح جماح إسرائيل واحتوائها.. مشددًا على ضرورة أن إعادة النظر في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، كون ذلك يحقق الكثير من المصالح والمنافع لإيران.

كما لفت الكاتب إلى أن ضبط هذه المعادلة لا يتم إلا بحضور ودور روسي، موضحًا أن لروسيا دورًا كبيرًا، وإن بدا صغيرًا؛ بسبب انشغالها بحرب أوكرانيا، وهو ما يعتبر انسحابًا متعمدًا منها في قضايا الشرق الأوسط، لكن الروس- في الحقيقة- قادرون على لعب دور أكبر وأكثر تأثيرًا في حلحلة هذه الأزمات، التي تعيشها المنطقة، حسب مهاجري.

"تجارت": لماذا يجب إعادة النظر في العقيدة النووية لإيران؟

حاولت صحيفة "تجارت" نقل مبررات الداعين إلى امتلاك السلاح النووي في إيران، وذكرت أن هؤلاء يعتقدون بأن الظروف الحالية أمام إيران والتهديدات المستمرة من قِبل إسرائيل باستهداف المنشآت النووية الإيرانية تحتم على طهران إعادة النظر في عقيدتها النووية.

وأشارت الصحيفة إلى فتوى المرشد الإيراني، علي خامنئي، القاضية بتحريم امتلاك السلاح النووي، وقالت إن الكل يعرف أن الفتوى تخص زمانًا ومكانًا معينًا، وهي قابلة للتغيير بتغير الظروف والمستجدات، كما أن الأحكام الثانوية قد تحل محل الأحكام الأولية، حسبما جاء في الصحيفة.

ولفتت الصحيفة إلى تطورات الموقف الإيراني من قضية امتلاك السلاح النووي؛ حيث نقلت تصريحات رئيس المجلس الاستراتيجي للشؤون الخارجية، كمال خرازي، الذي أكد قبل أشهر احتمالية تغيير إيران لعقيدتها النووية، إذا تعرضت سيادتها إلى تهديدات، كما نقلت الصحيفة تصريح مسؤول الحرس الثوري لحماية المنشآت النووية، أحمد حق طلب، الذي أكد هو الآخر أن تغيير استراتيجية إيران النووية بات قضية قابلة للتصور والاحتمال.

وذكرت الصحيفة أن أهم تطور في هذا السياق هو دعوة 39 برلمانيًا المجلس الأعلى للأمن القومي إلى إعادة النظر في العقيدة النووية لإيران، واعتبار ذلك ضرورة تقتضيها المرحلة الراهنة.

ونقلت الصحيفة كلام الأستاذ في جامعة طهران الدولية، فؤاد إيزدي، الذي كان من المدافعين عن امتلاك إيران قنبلة نووية قائلاً: "إن هناك 3 أسباب تجعل امتلاك إيران سلاحًا نوويًا أمرًا مشروعًا؛ الأول أن إسرائيل تمتلك هذا السلاح، والثاني أن الكيان الصهيوني (إسرائيل) أثبت في الفترة السابقة أنه قد يقدم على فعل كل شيء، بما فيها استخدام السلاح النووي ضد أعدائه، والثالث أن قادة هذا الكيان أكدوا أكثر من مرة أن عدوهم الرئيس في العالم هو إيران"، مضيفًا أن "عدم امتلاك سلاح نووي، في ظل هذا الواقع، يعتبر خطأً كبيرًا".

كما رأى الكاتب الإيراني أن امتلاك السلاح النووي كفيل بخلق الردع لإيران، مستشهدًا بأن الدول الكبرى التي تمتلك هذا السلاح لم تفكر يومًا بمحاربة بعضها البعض، لأنها تدرك أن المعركة بينها لن يكون فيها منتصر.

"همدلي": الضغوط البرلمانية لتغيير العقيدة النووية تخلق إجماعًا عالميًا ضد إيران

عارضت صحيفة "همدلي" الإصلاحية دعوة 39 نائبًا في البرلمان الإيراني، لمجلس الأمن القومي، إلى امتلاك سلاح نووي، وتساءلت بالقول: "هل يحاول هؤلاء النواب الضغط لتغيير فتوى المرشد علي خامنئي؟".

ونقلت عن خبراء ومحللين قولهم: "إن سياق فتوى خامنئي كان واضحًا بأنه لا يستثني زمانًا أو مكانًا معينًا، وأنه واضح في فتواه بأن امتلاك السلاح النووي محرم في كل زمان ومكان، كما أنه يتعارض مع تعاليم الإسلام ومبادئه".

وأوضحت الصحيفة أن من بين الرسائل التي يمكن استنباطها من دعوة هؤلاء البرلمانيين، هي الازدواجية لدى النظام الإيراني؛ ففي حين يقرر المرشد خامنئي تحريم امتلاك سلاح نووي، يدعو جزء آخر من منظومة الحكم في إيران إلى امتلاك هذا السلاح وإنتاجه.

وذكرت الصحيفة أن هذه الدعوات من شأنها مضاعفة الضغوط والتهديدات ضد البلاد، وتخلق إجماعا عالميًا ضد إيران.