صحف إيران: لغز تأهل جليلي المتشدد والدعاية الكاذبة للإصلاحيين والعدو الوهمي للنظام

سيطرت نتائج الانتخابات الرئاسية على الصحف الإيرانية الصادرة اليوم؛ حيث لجأ الإصلاحيون إلى استخدام لغة التخويف والترهيب لدفع الإيرانيين إلى المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد أن عجزوا في المرة الأولى، رغم الوعود الباردة لمرشحهم، بزشكيان، بالتغيير والإصلاح.

كما أن تأهل المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان والأصولي المتطرف سعيد جليلي إلى جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية ستُقام يوم الجمعة المقبل زاد من مخاوف الإصلاحيين؛ كون جليلي يملك في جعبته أصوات زميله في التيار السياسي الأصولي، محمد باقر قاليباف.
واعتمد الإصلاحيون، منذ الساعات الأولى لإعلان النتائج، خطابًا تخويفيًا ضد جليلي، وحذروا المواطنين من أن الوضع في إيران سيزداد سوءًا وترديًا في حال وصوله إلى الحكم، وهو احتمال قد يكون الأقوى، نظرًا لأن "جليلي" يأمل في حصد أصوات قاليباف والمرشحين الأصوليين الآخرين، الذين أعلنوا صراحة دعمهم له، ودعوا أنصارهم إلى التصويت له أيضًا؛ لأنهم يعتبرونه أحد أطراف "قوات الثورة"، مقابل "بزشكيان" الذي يتهمونه تارة بالتغريب وتارة بالتسبب في خلق الأزمات للبلاد داخليًا وخارجيًا؛ كونه منتميًا إلى التيار الإصلاحي ومن المؤيدين لحكومة روحاني السابقة.
وكتبت صحيفة "آرمان امروز" الأصولية، في صفحتها الأولى: "جليلي- بزشكيان.. استمرار العقوبات أم رفعها؟"، مؤكدة أن مجيء جليلي يعني أن العقوبات الحالية ستبقى قائمة، بل ستزداد قسوة واتساعًا، فيما تعتبر فوز بزشكيان عاملًا في إنهاء هذه العقوبات من خلال اعتماد نهج دبلوماسي حكيم ورشيد في التعامل مع الغرب.
وأبرزت صحيفة "جهان صنعت" قضية حاول الكثير من الصحف تجاهلها، وهي قضية مقاطعة 60 بالمائة لهذه الانتخابات، رغم وجود ممثلين عن التيارين الإصلاحي والأصولي، وكتبت في صفحتها الأولى: "لا يمكن إنكار الحقيقة. 60 بالمائة من الإيرانيين قاطعوا هذه الانتخابات. هؤلاء الـ 60 بالمائة أعلنوا جهارًا أنهم غير راضين عن إدارة البلاد، وغير متفائلين بقدرة المرشحين الحاليين على الإتيان بالتغيير والإصلاح المطلوب".
كما سلطت بعض الصحف الضوء على حالة التذبذب والاضطراب التي تعيشها العملة الإيرانية هذه الأيام، تزامنًا مع الانتخابات الرئاسية، وعدم حسم منصب رئيس الجمهورية؛ حيث يخشى القطاع الاقتصادي من مجيء رئيس قد يكون سببًا في زيادة الانهيار الاقتصادي وسقوط أكبر للعملة الإيرانية أمام العملات الصعبة.
ومن الملفات الأخرى التي كانت حاضرة في تغطية الصحف كذلك قرار مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) الإبقاء على إيران في قائمتها السوداء بجانب كوريا الشمالية وميانمار، وأكدت هذه الصحف أن استمرار وضع إيران في هذه القائمة ستكون له تبعات ومصائب على الإيرانيين، ما لم يجد النظام حلًا للخروج من هذا الوضع.
وفي شأن منفصل غطت صحف النظام حديث خامنئي عن المقاتلين الإيرانيين في سورية وبعض دول المنطقة؛ حيث أشاد المرشد بهؤلاء المقاتلين، ومن سقطوا قتلى في صفوفهم، واصفًا إياهم بأنهم "مدافعون عن الحرم" أي المراقد والأضرحة الدينية في سورية والعراق.
ونقلت صحيفة "كيهان" عن خامنئي، تعليقًا على دور هؤلاء القتلى من جنود النظام ومستشاريه: إن نظرة ثورة الجمهورية الإسلامية العالمية أمر مهم للغاية، ومن هذا المنطلق فإن ما قام به "المدافعون عن الحرم" أنقذ المنطقة من خطر كبير وخطة خطيرة.
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:

"جوان": لماذا انخفضت نسبة المشاركة إلى 40 بالمائة رغم دعوات الإصلاحيين ودعايتهم؟
تساءلت صحيفة "جوان" عن سبب تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية إلى 40 بالمائة؛ حيث كانت أقل من الانتخابات السابقة بنسبة 8 بالمائة وحتى أقل من الانتخابات البرلمانية قبل أشهر، موضحة أن هذه النسبة المنخفضة في المشاركة بالانتخابات جاءت رغم دعوات الإصلاحيين المكثفة للمشاركة والحضور في عملية التصويت.
وأضافت: لماذا تجاهل الإيرانيون دعوات الإصلاحيين وقاطعوا العملية الانتخابية؟ ولماذا تراجعت نسبة المشاركة 8 بالمائة على الرغم من توقعات الإصلاحيين بأنها ستكون فوق الـ 60 بالمائة؟
وبيّنت الصحيفة أن الشارع الإيراني لم يعد مؤمنًا بطروحات "الإصلاحيين" حتى محاولاتهم دفع المواطن للمشاركة في الانتخابات من خلال الادعاء بأنهم يشاركون في الانتخابات لا لكي يعطوا النظام مشروعية، وإنما من أجل تنفيذ مشاريع الإصلاح والتغيير، هذه الوعود ودعايتهم الكاذبة أيضًا لم تؤثر على الناخب الإيراني، الذي بات يدرك أن معركة الإصلاحيين والأصوليين ليست معركته ولا تأثير لها على الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.

"جمله": ما هي الدروس من انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات؟
قالت الكاتبة والمحللة السياسية، مليحة منوري، في مقال لها بصحيفة "جمله"، إن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات وتحطيمها رقمًا قياسيًا غير مسبوق في تاريخ الانتخابات منذ بداية الثورة الإيرانية عام 1979 تضمن رسائل كثيرة وواضحة من الناخب إلى النظام وصناع القرار في البلد.
وأوضحت الكاتبة أن أحد الأسباب الرئيسة يكمن في غياب برنامج انتخابي لدى المرشحين للرئاسة؛ حيث لم يقدم أي منهم خطابًا جديدًا يقنع الناخبين بالمشاركة في عملية التصويت، مؤكدة أنه في المرات السابقة كان تزامن الانتخابات الرئاسية مع الانتخابات البلدية والمحلية عاملًا في ارتفاع عدد المشاركين في الانتخابات الرئاسية، لكن هذه المرة وبعد وفاة "رئيسي" المفاجئة، تم إجراء الانتخابات الرئاسية وحدها، ما كشف عن حجم الاستياء وعدم الرضا في الشارع الإيراني تجاه الأوضاع الراهنة.
كما رأت الصحيفة أن إقصاء مرشحين آخرين مثل محمود أحمدي نجاد وعلي لاريجاني وإسحاق جهانغيري وغيرهم كان له تأثير سلبي أيضًا؛ حيث إن بعض الناخبين يشعرون بأنهم لا يجدون مرشحهم المفضل بين القائمة المتاحة.
وتساءلت الكاتبة بالقول: هل يدرك القائمون على العملية الانتخابية الرسالة من هذه المقاطعة؟ لتجيب بالقول إنه لا أمل في ذلك، مشيرة إلى أن المسؤولين لا يزالون يفتخرون بهذه النسبة ويتحدثون عن "العدو الوهمي" وكيف صفعت هذه الانتخابات هذا العدو دون أن يبالوا بحقيقة الانخفاض غير المسبوق في نسبة المشاركة.

"آرمان امروز": لغز تأهل جليلي المتشدد لجولة ثانية
قال الكاتب والمحلل السياسي، أفشين أعلا، في مقال بصحيفة "آرمان امروز" إن المفاجأة الكبيرة التي أصابت كلًا من الإصلاحيين والأصوليين وغيرهم هي تأهل سعيد جليلي إلى الجولة الثانية بعد أن كان الجميع تقريبًا يعتقد بأن قاليباف سيكون هو من ينافس المرشح الإصلاحي، مسعود بزشكيان، في الجولة الثانية.
ولفت إلى أن التيار الأصولي كان يؤمن بأن قاليباف هو الأكثر حظًا بمنافسة بزشكيان لهذا كثرت محاولاتهم لإقناع جليلي بالانسحاب لصالح قاليباف.
واستبعد الكاتب تصويت أنصار قاليباف للمرشح الإصلاحي، كما يردد ذلك الإصلاحيون، معتقدًا أن الأصوليين، ورغم الخلافات التي شهدتها حملاتهم الانتخابية في الأيام الأخيرة، سيتحدون خلف جليلي في الجولة الثانية.