"إيران إنترناشيونال" تكشف تفاصيل تعاون قادة 3 ميليشيات عراقية مع الحرس الثوري الإيراني
أعلنت 3 ميليشيات شيعية عراقية، هي حركة "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء"، يوم الأحد 23 يونيو (حزيران)، استعدادها لإرسال قواتها إلى لبنان للمشاركة في حرب محتملة بين حزب الله وإسرائيل.
كما قال قائد القوات البرية للجيش الإيراني إن ما يسمى بقوات جبهة المقاومة لن تبقى صامتة في مواجهة حرب محتملة. ويبدو أن طهران قررت إرسال التسهيلات اللازمة إلى لبنان باستخدام الميليشيات العراقية.
لكن ما هي هذه الجماعات وما علاقتها بإيران؟
حركة "النجباء" جماعة وكيلة أم فرع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؟
حركة "النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء" هي ثلاثة من الركائز الأربع للمجلس التنسيقي لفصائل المقاومة التي تسيطر على السلطة في العراق. و"أنصار الأوفياء" هي الركن الرابع لهذا المجلس.
وأبرز هذه الجماعات حالياً هي حركة "النجباء"، التي عملت تحت عنوان "كتائب الإمام الكاظم" خلال الحرب الأهلية السورية.
تشكلت النواة المركزية لهذه الحركة في بغداد عام 2004، وفي عام 2013 أعلنت علنا عن وجودها من خلال انشقاقها عن جماعة "عصائب أهل الحق".
ومن هذا العام اختارت "عصائب أهل الحق" الدخول في النشاط السياسي، ومحاولة الفوز بمقاعد في البرلمان.
ورغم هذا الانقسام الذي جاء نتيجة الخلاف بين أكرم الكعبي الأمين العام لـ"النجباء"، وقيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق"، إلا أن هاتين المجموعتين ما زالتا تتمتعان بعلاقات جيدة مع بعضهما البعض.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن حركة "النجباء" تشكلت بإشراف مباشر من قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وبلغت الميزانية الأولية لهذه المجموعة 10 ملايين دولار، قدمها حزب الله اللبناني.
هيكلة هذه المجموعة كانت أيضاً من مسؤولية اللبنانيين. في ذلك الوقت، كان سليماني منزعجًا من "عصائب أهل الحق" لابتعادها عن الأنشطة العسكرية وتحولها إلى الأنشطة السياسية، وطلب من "النجباء" التركيز على الأنشطة العسكرية فقط.
وتمكنت "النجباء" من زيادة عدد قواتها بدعم مالي واسع النطاق من الحرس الثوري الإيراني.
خلال تلك الفترة، عندما كان كل جندي عراقي يتقاضى ما بين 300 إلى 400 دولار شهريا، كانت النجباء تدفع راتبا شهريا يعادل 1400 دولار. ويقدر عدد أعضاء هذه المجموعة بأكثر من 10 آلاف شخص.
وتعتمد "النجباء" بشكل كبير على فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، لدرجة أنه لا يمكن حتى وصفها بأنها مجموعة وكيلة.
في الواقع، "النجباء" هي جزء من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يتمتع بعلاقة خاصة مع المرشد علي خامنئي.
ومحسن قمي، المساعد الدولي لمكتب خامنئي، هو جهة الاتصال الخاصة بهم.
ولهذه الجماعة كيان إعلامي وتنظيمي واسع في إيران ممول من قبل "اتحاد الإذاعة والتلفزيون الإسلامي" التابع لوزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية. فالقسم الفارسي في موقع "النجباء" وحسابات مستخدمي هذه المجموعة في شبكات التواصل الاجتماعي أحدث وأفضل من القسم العربي.
ولدى النجباء 12 مكتبًا في طهران وقم ومشهد، أحدها عبارة عن مبنى مكون من 8 طوابق في جنت آباد بطهران.
وتتدرب قوات "النجباء" في ثكنة بازوكي في طهران ومقر لواء الإمام الصادق 83 في قم.
وبحسب مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني، فإن الحرس أنشأ كيانا اقتصاديا لـ"النجباء"، التي لها مكاتب في الصين والإمارات العربية المتحدة وتبيع النفط لصالح الحرس الثوري الإيراني. وفي الواقع، يقوم الحرس الثوري الإيراني بإجراء جزء من معاملاته المالية، التي لا يرغب في تسجيلها، من خلال "النجباء".
وقال هذا المصدر إن "النجباء" تعيد أموال النفط المبيع إلى فيلق القدس، لأن الحرس الثوري الإيراني يدفع كافة نفقات هذه المجموعة.
وتتم الأنشطة العسكرية "للنجباء" تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، وتقوم القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني بمراقبة إطلاق صواريخ هذه المجموعة على أهدافها.
ويدير عملية المراقبة حميد فاضلي، الرئيس السابق لمنظمة الفضاء الإيرانية ورئيس "الوحدة 340" في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن فيلق القدس أنشأ مصنعا "للنجباء" لتصنيع الأسلحة في العراق، ويتم إرسال جزء مهم من هذه الأسلحة إلى لبنان.
أكرم الكعبي، الأمين العام "للنجباء"، يعيش في إيران منذ فترة طويلة، ويذهب إلى العراق بـ"بطاقة ميثاق" وجواز سفر إيرانيين.
و"بطاقة ميثاق" هي بطاقة تُعطى للأشخاص البارزين في الخطوط الأمامية للمقاومة. وتصدر هذه البطاقات كتيبة اسمها "كتيبة الميثاق"، ويمكن لحامليها التنقل بسهولة عبر المطارات ومحاور النقل.
وبحسب مصدر مقرب من الحشد الشعبي، فإن أكرم الكعبي البالغ من العمر 47 عاماً لديه 3 زوجات و9 أطفال يعيشون في منزليه في جنت آباد والقرية الأولمبية.
وهو يظهر في الأوساط السياسية الإيرانية، والتقى بالعديد من السياسيين الإيرانيين، من إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الراحل، إلى أحمد علم الهدى، خطيب جمعة مشهد، ومحسن رضائي، أمين مجلس التنسيق الاقتصادي الأعلى.
"النجباء" تتكون من 4 مجموعات أصغر
مجموعة "قاسم الجبارين"، وهي المسؤولة عن الهجوم على مطار أربيل. كما أن "سرايا أبابيل" قوية أيضًا في قطاع الطائرات المسيرة، ويعيش بعض أعضائها في مرتفعات الجولان. و"أصحاب الكهف" و"سرايا أولياء الدم" هما قسمان آخران من "النجباء".
وكانت مجموعة "أصحاب الكهف" تنتمي إلى "عصائب أهل الحق"، وكان عماد مغنية، القائد الكبير السابق لحزب الله، أحد مؤسسيها.
وكانت المجموعة متخصصة في البداية في تنفيذ عمليات ضد الأميركيين باستخدام القنابل المزروعة على الطرق، لكنها ركزت في السنوات الأخيرة بشكل أساسي على الأنشطة الاستخباراتية ومراقبة الأهداف.
تأسست "سرايا أولياء الدم" أساسًا للعمل ضد القواعد الأميركية في الدول الخليجية، كما نفذت عدة عمليات في بحر عمان. هذه المجموعة، التي يتمركز معظمها في البصرة والفاو، تساعد حاليًا الحوثيين، الميليشيات الشيعية اليمنية المدعومة من إيران.
قبل 7 سنوات، أعلنت النجباء تشكيل جيش تحرير الجولان. وتقول هذه المجموعة إنها مستعدة لاستعادة هضبة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل بناء على طلب سوريا.
بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وبدء حرب غزة، حاولت حركة "النجباء" مهاجمة إسرائيل.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن شن هجوم صاروخي على ميناء إيلات في إسرائيل.
كتائب حزب الله جذورها في فيلق بدر
أما المجموعة الثانية التي أعلنت استعدادها للحرب مع إسرائيل فهي "كتائب حزب الله". هذه الميليشيا التي تعد من أقوى عناصر جماعات المقاومة الإسلامية في العراق، أسسها أبو مهدي المهندس عام 2003.
وأعلنت هذه المجموعة في البداية أن هدفها هو محاربة تواجد القوات الأميركية في العراق، لكن بعد انسحاب هذه القوات دخلت الحرب الأهلية السورية وقاتلت لصالح بشار الأسد، الدكتاتور السوري.
وأعلنت الولايات المتحدة هذه الجماعة إرهابية في عام 2009.
وقال مصدر مقرب من الحشد الشعبي لـ"إيران إنترناشيونال" إن أصل هذه المجموعة يعود إلى "فيلق بدر" العراقي الذي قاتلت قواته على الجبهة الإيرانية خلال حرب العراق ضد إيران.
وقام أبو المهندس بتشكيل "كتائب حزب الله" باستخدام مجموعات عائلية من "فيلق بدر". ولهذا السبب، لم تكن هذه الجماعة بحاجة إلى حزب الله لبناء هيكل لها.
وكانت هذه المجموعة الأولى التي ترسلها إيران إلى سوريا لمساعدة بشار الأسد في قمع معارضيه في الشوارع.
وقُتل أبو مهدي المهندس، مؤسس هذه الجماعة، في هجوم شنته الولايات المتحدة في 3 يناير (كانون الثاني) 2020، على السيارة التي كانت تقله هو وقاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وبعد ذلك تولى أحمد الحميداوي قيادة هذه الجماعة.
كما تقدم إيران مساعدات مالية لكتائب حزب الله، لكن هذه المجموعة لديها نشاط اقتصادي واسع النطاق، فهم يشترون الأراضي في الدول الأوروبية، ويبيعون النفط، ووفقاً لمصدر عراقي، فقد اشتروا أسهماً في العديد من المصافي في إيران.
وتجني هذه المجموعة ما يقارب 100 مليون دولار من تصدير الأسمدة الكيماوية من إيران إلى العراق.
وفي فبراير (شباط) الماضي، قتلت الولايات المتحدة أبو باقر الساعدي، أحد أبرز قادة هذه الجماعة المسلحة، في هجوم بطائرة مسيرة.
وبعد ذلك هرب زعيم هذه الجماعة أحمد حميداوي وإخوته الثلاثة أسد وأرقد وأخلد إلى إيران ويعيشون الآن هناك.
وسبق أن أُعلن أن أبو مهدي المهندس يعيش مع زوجته الإيرانية في شارع كلستان 1 بطهران.
وزعمت "كتائب حزب الله" أنها نفذت أكثر من 150 هجوما ضد القوات الأميركية منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
كتاب سيد الشهداء.. مقاولون لسليماني
كتائب "سيد الشهداء" هي الأصغر بين الميليشيات الثلاث التي أعلنت استعدادها لنقل قواتها إلى لبنان.
وأعلنت هذه المجموعة عن وجودها عام 2013؛ عندما قُتل 3 من عناصرها في ريف دمشق.
وكانت كتائب "سيد الشهداء" تنشط بشكل رئيسي في سوريا، وتقول إنها أرسلت 500 جندي إلى هذا البلد، وهم موجودون بشكل رئيسي في دمشق والغوطة الشرقية.
وبحسب مصدر مقرب من الحشد الشعبي فإنهم كانوا يتعاونون مع قاسم سليماني في الحرب السورية.
على سبيل المثال، مقابل الحفاظ على محور والتقدم 5 كيلومترات، حصلوا على مليوني دولار.
وقد حاولت هذه المجموعة مؤخراً جذب المزيد من الاهتمام من خلال مهاجمة أهداف أميركية.
ورحب زعيم هذه الجماعة، أبو آلاء الولائي، بوصول رئيسي إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، وقال إن فوز رئيسي سيعزز الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
ويبلغ عدد أفراد "كتائب سيد الشهداء" نحو 3 آلاف شخص.
ويتم تمويل هذه المجموعة أيضًا من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؛ وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تدفع أيضًا لكتائب سيد الشهداء، وهي عضو في الحشد الشعبي، إلا أن هذه المجموعة لها علاقة وثيقة جدًا مع حزب الله اللبناني، وتتلقى مساعدة مالية وإعلامية من هذه المجموعة.
وقد أعلنت الولايات المتحدة "كتائب سيد الشهداء" جماعة إرهابية في الخريف الماضي.