صحف إيران: تحرك دولي ضد الحرس الثوري وملاحقة منتقدي الهجوم الإيراني والغلاء يعصف بالبلاد
القارئ للصحف الإيرانية، دون إطلاع على المعلومات من مصادر أخرى، يشعر وكأن الهجوم الإيراني مساء السبت الماضي على إسرائيل هو أكبر عملية عسكرية في القرون الأخيرة من حيث الأهمية والإنجازات العسكرية.
وتصف الصحف الإيرانية الهجوم تارة بـ"نقطة تحول في العصر الحديث"، وتارة تشير إليه بأنه "كابوس إسرائيل"، الذي أربك حسابات الجميع.
هذه الصحف يبدو أنها مدفوعة بإصرار من قبل السلطات لتضخيم الهجوم وتصويره بأنه نصر حقيقي، على الرغم من التقارير الدولية المعتبرة على فشله، حيث ذكرت مصادر غربية أن 50 في المائة من الصواريخ لم تنطلق من منصاتها أو سقطت فور انطلاقها، فيما تم إسقاط باقي الصواريخ من قبل المنظومات الدفاعية لإسرائيل وحلفائها دون عناء، وقبل أن تقترب من أهدافها المفترضة.
في سياق متصل أعربت بعض الصحف عن مخاوفها من تحركات الدول الأوروبية، وتزايد الحديث حول تصنيف الحرس الثوري كـ"منظمة إرهابية"، بجانب فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران بعد الهجوم الأخير على إسرائيل، حيث اعتبرته هذه الدول تجاوزا للخطوط الحمراء، وخروجا على قواعد اللعبة.
صحيفة "آرمان ملي" ذكرت أن الدول الأوروبية لطالما امتنعت أمام دعوات تصنيف الحرس الثوري في قوائم إرهابها، لكن الهجوم الإيراني على إسرائيل قد يعطيها الذريعة الكافية لإدراج الحرس الثوري في قوائم المنظمات الإرهابية المحظورة.
كما أشارت صحف أخرى إلى قرار السلطات الإيرانية بوقف طهران عمليات التفتيش في جميع المنشآت النووية يوم الأحد الماضي، لاعتبارات أمنية.
كما لفتت بعض الصحف إلى مواقف وتصريحات مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، حيث انتقد مستوى التعاون الإيراني مع الوكالة، مضيفا: "توصلنا إلى اتفاقات في طهران العام الماضي، لكن السلطات الإيرانية لم تف بالتزاماتها بعد ذلك. أحد المواضيع التي أود مناقشتها مع الحكومة الإيرانية هو كيف يمكننا العودة إلى طريق التعاون هذا".
صحيفة "جملة" انتقدت الاستدعاء الواسع للنشطاء والإعلاميين في الأيام الأخيرة، بسبب انتقاداتهم لطريقة الهجوم الإيراني على إسرائيل ونتائجه، وقالت إن السلطات أصبحت لا تطيق أي نقد أو ملاحظة على تصرفاتها.
صحيفة "ستاره صبح" و"أبرار" لفتت إلى الانعكاسات السلبية للتطورات الإقليمية الأخيرة على الاقتصاد الإيراني، حيث سجل سعر الدولار ارتفاعا تاريخيا بعد أن تجاوز قبل أيام 70 ألف تومان، عقب الإعلان عن هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل.
صحيفة "ستاره صبح" عنونت في صفحتها الأولى وكتبت: "اكبحوا جماح الغلاء"، مؤكدة أن الوضع الاقتصادي في إيران أصبح لا يطاق، وأن الزيادة المعلن عنها في الرواتب لا تقدر بشيء إذا ما قورنت بحجم الغلاء والتضخم الذي يعصف بالبلاد.
اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"ستاره صبح": الظروف الإقليمية ليست في صالح إيران
رأى المحلل السياسي الإيراني، علي بيكدلي، في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" أن الظروف الجيوساسية ليست في صالح إيران، وأن المسؤولين الإيرانيين يدركون ذلك، معتقدا أن وجود اتصالات مكثفة بين طهران والعواصم الأوروبية يؤكد رغبة النظام بإنهاء التصعيد، والعودة إلى الحالة السابقة.
وأوضح أن أي تصعيد سيترتب عليه ممارسة ضغوط غربية على إيران، وأن المتضرر الأول من هذه الضغوط هو الشعب الإيراني ووضعه المعيشي.
ورأى المحلل السياسي أن طهران قد تكون دخلت في لعبة لا تدري طبيعة قواعدها، وأن الهجوم الإيراني على إسرائيل عبر أراضيها قد حسّن من صورة نتنياهو التي كانت سيئة قبل الهجوم سواء على الصعيد الداخلي أو المحلي أو الدولي.
كما دعا بيكدلي ضمنيا الساسة الإيرانيين إلى التوقف عن تهديد إسرائيل والحديث عن مهاجمتها من جديد، لأن ذلك يعطي مشروعية لتصرفات الحكومة الإسرائيلية المتشددة تجاه طهران والمنطقة عموما.
"جمله": استدعاء أمني واسع لمنتقدي الهجوم الإيراني على إسرائيل
انتقدت صحيفة "جملة" الموجة الواسعة من الاستدعاءات الأمنية للنشطاء والإعلاميين المنتقدين للهجوم الإيراني على إسرائيل، وقالت إنه من الطبيعي في بلد يزيد سكانه على 85 مليون نسمة أن يكون هناك منتقدون لكل سياسة أو قرار حكومي.
وأشارت الصحيفة إلى استدعاء شخصيات إعلامية بارزة مثل حسين دهباشي وعباس عبدي وياشار سلطاني، وتهديد بعض الصحف مثل "جهان صنعت" و"اعتماد" من قبل السلطات، وقالت إن هؤلاء الإعلاميين انتقدوا هجوم إيران بشكل طبيعي، لكن السلطة تريد أن تفرض نظام حكم "ميكانيكي"، بحيث يعمل الجميع كما تعمل الآلة.
وأوضحت جمله أن التيار الحاكم يريد أن يجعل الجميع يفكر كما تفكر السلطة، وألا يكون هناك أي تساؤل أو نقد أو مراجعة لما تتخذه السلطة من قرارات في الشؤون السياسية والثقافية والاقتصادية.
"أبرار": الدولار بسعر 65 ألف تومان يدمر حياة الناس
انتقد النائب البرلماني الإيراني عن محافظة بلوشستان، معين الدين سعيدي، تصريحات ومواقف المسؤولين الإيرانيين حول العملة الأجنبية، حيث يصرون على عدم اعترافهم بسعر الدولار المعروض في الأسواق الحرة، والمتداول بأكثر من 65 ألف تومان، مدعين أنه سعر غير حقيقي.
وأكد سعيدي، في تصريحاته التي نقلتها صحيفة "أبرار"، أن هذا السعر الذي تصر الحكومة ووزراؤها على عدم الاعتراف به يؤثر بشكل مباشر في حياة الناس وموائدهم.
وخاطب البرلماني الإيراني الحكومة بالقول: "الدولار بسعر 65 ألف تومان قد صير الناس تعساء سواء شئتم ذلك أم أبيتم"، مشددا على ضرورة التوقف عن هذه المواقف، واتخاذ إجراءات تحد من الانهيار التاريخي لعملة التومان مقابل العملات الأجنبية.