صحف إيران: انكسار حاجز المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب.. وفرص السلام ما زالت قائمة

"فتحت إيران أبواب نار جهنم على إسرائيل"، و"ليلة ميلاد شرق أوسط جديد"، و"معادلة عالمية جديدة"، هي بعض من العناوين التي صدّرت فيها الصحف الإيرانية الصادرة اليوم، الاثنين 15 أبريل (نيسان)، تغطيتها بعد يوم من هجوم إيران على إسرائيل.

تجاهلت هذه الصحف حجم الفشل الكبير الذي مني به الهجوم الإيراني بعد أسبوعين من التهديد والصراخ، وراحت تنشر ما أملي عليها من حكايات النصر والانتقام الذي لم يجرح بشرا أو يصب حجرا أو يحرك أوراق شجرة.

صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، زعمت أن صواريخ الحرس الثوري قد أصابت أهدافها "بدقة ونجاح"، وأن "شرق أوسط جديد قد ولد بعد الهجوم الإيراني"، وتغافلت عن التقارير الدولية التي تصرح بأن أكثر من 50 في المائة من الصواريخ لم تنطلق من منصاتها أو أنها لم تتجاوز أمتارا قليلة لتتلاشى في الأجواء الإيرانية أو العراقية المحاذية لحدود إيران.

أما "وطن أمروز"، المقربة من الحرس الثوري، فزعمت أن المنظومات الدفاعية لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والأردن وبريطانيا فشلت في التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية، لكنها لم تبين ما هي الأهداف التي أصابتها والخسائر التي ألحقتها بإسرائيل، إن كان حقا أنها اخترقت هذه الدفاعات الجوية وتجاوزتها.

اللافت أن الصحف الإصلاحية، والتي لم تكن مرحبة بهذا الهجوم ودعت النظام سابقا إلى التريث، هي الأخرى لم تملك خيارا سوى "الإشادة" بالهجوم، خوفا من العقاب والمحاسبة والإغلاق بتهم الخيانة للعدو وتشكيل طابور خامس له.

مع ذلك فقد كانت قراءة هذه الصحف للهجوم الإيراني على إسرائيل أقل حماسا وأكثر منطقية، وعنونت صحيفة "همدلي" مثلا بالقول: "كسر السقف الأمني لإسرائيل"، وتحدثت عما سوف يتركه هذا الهجوم على الحسابات الغربية في التعامل مع إيران وأحداث المنطقة.

فيما تناولت صحيفة "ستاره صبح" احتمالية أن يخلق هذا التصعيد مناخا مناسبا للتوصل إلى سلام مستدام، مؤكدة أن الدبلوماسية هي الحل الأمثل بعد الحروب والصراعات، واستبعدت في الوقت نفسه احتمالية أن تشن إسرائيل هجوما مضادا نظرا إلى حجم الرد الإيراني ومحدوديته.

كما دافعت صحيفة "الشرق" الإصلاحية عن هجوم إيران، ورأت أنه مشروع كونه يأتي ردا على قصف القنصلية الإيرانية التي تشكل جزءا من سيادة إيران وترابها.

اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:

"كيهان": فتح صفحة جديدة في الشرق الأوسط بعد هجوم إيران على إسرائيل

رأت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد والمعروف بتشددها ومواقفها المتطرفة، أن هجوم إيران على إسرائيل مساء السبت شكل صفحة جديدة في منطقة الشرق الأوسط.

الصحيفة أقرت بشكل ضمني بعدم فاعلية الهجوم الإيراني أو تسببه بضحايا وأضرار في الجانب الإسرائيلي، وادعت أن ما قامت به طهران من هجوم ليس سوى حجم ضئيل من القدرة العسكرية الإيرانية، وأنه كان محدودا للغاية.

لكن مع ذلك فقد زعمت الصحيفة أن إسرائيل لن تكون بعد الهجوم الإيراني كما قبله، وأن الدفاعات الإسرائيلية فشلت أمام "الهجوم الإيراني المركب".

كما زعمت الصحيفة أن إيران في هذا الهجوم لم تستعن بحلفائها الإقليميين (المليشيات)، ولم تستخدم صواريخها المتطورة، متوعدة أن المرة القادمة لن يكون الهجوم بهذا الشكل، ولن يقتصر على إطلاق الصواريخ من مسافات بعيدة.

كل هذا التبرير يبدو أنه محاولة لتحسين صورة إيران بعد الفشل الكبير في هجوم السبت، والضربة القاسية التي تلقاها نظام طهران وسمعته العسكرية بعد عقود من الاستثمار في هذا القطاع، وتحديدا الصواريخ والمسيرات، وحرمان شعبه من الرفاه والعيش الكريم.

"ستاره صبح": إسرائيل لن تهاجم الأراضي الإيرانية لاعتبارات عديدة

رأى الدبلوماسي والباحث السياسي، عبد الرضا فرجي راد، أن إسرائيل لن تهاجم إيران ردا على هجوم مساء السبت وفجر الأحد، وذلك لعدد من الاعتبارات، أولها أن الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب في توسيع الصراع في الوقت الحالي.
وثاني الاعتبارات أن الهجوم الإسرائيلي لا بد وأن يقابله رد إيراني آخر، ما يرفع سقف الاحتمال أن تنجر الأمور إلى حرب لا يمكن احتواؤها والسيطرة عليها.

كما رأى الكاتب في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" أن أي هجوم إسرائيلي على الأراضي الإيرانية لا بد وأن يتم باستخدام أجواء بعض الدول العربية، وهذا ما قد يخلق تصعيدا بين طهران والعواصم العربية، وهو ما لا يرغب به الجميع حسب قراءة الكاتب.

"اعتماد": الهجوم الإيراني على إسرائيل قد يفتح الباب أمام حرب مباشرة بين الجانبين

رأت صحيفة "اعتماد" أن الهجوم الإيراني على إسرائيل، على الرغم من تشكيله لمرحلة جديدة من التحولات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، لكنه من الناحية العملية أنهى فترة من الاضطرابات والمخاوف التي شهدتها المنطقة في الأسبوعين الماضيين.

وأوضح الكاتب علي رضا سلطاني، في مقال له، أن إطالة فترة الرد من قبل إيران، والقيام بالتنسيقات على الصعيد الإقليمي والدولي وتوقع الجميع قيام طهران بهذا الرد، كلها ساهمت في تقليل من الآثار والتبعات الاقتصادية لهذا الهجوم، حيث لم نشهد ارتفاعا في أسعار الطاقة عالميا.

كما رأى الكاتب أن انكسار حاجز المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل بعد الهجوم الإيراني قد يفتح الطريق لاندلاع حرب مباشرة وشاملة بين الطرفين في الفترة القادمة.