من هم قتلى الحرس الثوري في الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية بدمشق؟

قُتل 7 من قادة وضباط الحرس الثوري الإيراني خلال الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مبنى قنصلية إيران في دمشق، يوم الاثنين 1 أبريل (نيسان).

وأثار هذا الهجوم ردود فعل واسعة داخل إيران وعلى الساحة الدولية، وعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا، بناء على طلب طهران، يوم الثلاثاء 2 أبريل (نيسان) لبحث الهجوم على القنصلية.

لكن من هم القتلى وما هي مواقعهم في الحرس الثوري الإيراني؟

محمد رضا زاهدي

تم تقديم محمد رضا زاهدي، الذي منحه المرشد الإيراني، علي خامنئي، لقب "سردار" (قائد) في رسالة تعازيه، باعتباره "المنسق" والمسؤول الأعلى لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في سوريا ولبنان.

وهو أهم من قُتل خلال الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق.

ولد محمد رضا زاهدي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 1960 في أصفهان، وانضم منذ شبابه إلى قوات الباسيج، وقام بقمع المتظاهرين.

وقال هو نفسه عن كيفية انضمامه إلى الحرس الثوري الإيراني: "قبل بدء الحرب، شكلنا مجموعة تسمى فرقة العمل مع السيد [سيد يحيى] رحيم صفوي وشاركنا في القتال ضد أعداء الثورة".

عندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية، كان زاهدي يبلغ من العمر 20 عامًا. ودخل محافظة خوزستان مع رحيم صفوي، الذي أصبح فيما بعد القائد الأعلى للحرس الثوري، وهو الآن مستشار للمرشد الإيراني.

وقال زاهدي عن ذلك الوقت: "لقد ذهبنا إلى تلك المنطقة بسبب مسؤولية صفوي في حرس أصفهان وفي المنطقة الغربية من البلاد، وإلمامه بمنطقة دارخوين. وبعد مرور شهر أو شهرين، كلفني وشخصين آخرين بتلقي تدريبات لدى الإخوة في الجيش. كنا متمركزين في قرية المسعودية الواقعة بين عبادان ودارخوين، وكنا نتدرب ونراقب على سارية يبلغ ارتفاعها 90 متراً".

بعد انضمامه إلى الحرس الثوري الإيراني في سن العشرين، وصل زاهدي تدريجيًا إلى المستويات العليا لهذه القوة العسكرية والأيديولوجية للنظام الإيراني.

خلال الحرب العراقية الإيرانية، كان أحد القادة المتوسطين في الحرس الثوري الإيراني، وكان معروفًا بلقب "علي زاهدي".

بدأ زاهدي سلسة القيادة من قيادة الكتيبة في 1983، وكان مسؤولاً عن "لواء قمر بني هاشم 44"، لكن ترقية زاهدي الرئيسية في الحرس الثوري الإيراني تمت عندما تم تعيينه قائداً لـ"لواء الإمام الحسين الرابع عشر" في أصفهان سنة 1985.

وكان القائد الثاني لهذا اللواء بعد حسين خرازي.

ولواء المشاة هذا هو أحد فروع القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، والذي تأسس عام 1981 خلال الحرب الإيرانية العراقية، وبعد الحرب تم تكليفه بمهام مثل حماية الحدود.

وفي ذلك الوقت، كان محسن رضائي هو القائد العام للحرس الثوري الإيراني، لكن رحيم صفوي لعب دورًا مهمًا في هذا التعيين.

معارضة تعيين زاهدي كقائد للواء الإمام الحسين

وقد تحدث رحيم صفوي في مذكراته عن معارضة جلال الدين طاهري، خطيب جمعة أصفهان، لتعيين زاهدي قائداً لـ"لواء الإمام الحسين الرابع عشر".

وكان طاهري، خطيب جمعة أصفهان، مقرباً من الإصلاحيين.

وقال رحيم صفوي، الذي دعا طاهري لحضور حفل تقديم زاهدي: "قبل أن أدخل قاعة الاجتماع، قدمت علي زاهدي إلى آية الله طاهري. ورحب بانتخاب القائد الجديد للواء الإمام الحسين، وقال: اذهب وقم بعملك حتى أتوضأ وأعود. وذهبت أيضاً وألقيت كلمة أمام ضباط اللواء، وأعددت الاستعدادات لتقديم زاهدي، ولكن فجأة رأيت أحد رجال الدين يركض نحوي وأعطاني ورقة من طاهري كتب عليها: "لا تقدم هذا القائد، لن أقبله على الإطلاق". في تلك اللحظة شعرت بالحزن الشديد، لكن بإصرار قوي قدمت علي زاهدي، ودعوت مسؤولي اللواء للتعاون والتنسيق معه.

وبحسب مذكرات أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق، فإن بعض المسؤولين في "لواء الإمام الحسين" لم يوافقوا على تعيين زاهدي قائداً. إلا أن زاهدي ظل قائداً لهذا اللواء حتى عام 1991.

في التسعينيات، تولى زاهدي قيادة لواء القدس السادس عشر في كيلان لمدة 8 سنوات، من 1991 إلى 1999.

وفي عام 1999، أثناء قمع الاحتجاجات الطلابية المعروفة باسم "الحي الجامعي"، كتب مع عدد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني رسالة تهديد إلى الرئيس آنذاك محمد خاتمي.

وجاء في تلك الرسالة: "لقد نفد صبرنا، وإن لم تعالج الموضوع فلن نتحمل أكثر من ذلك".

نشاطه في لبنان

ثم ذهب زاهدي إلى لبنان. وكتب موقع "أمواج ميديا"، نقلاً عن مصادر مطلعة عن هذه الفترة من نشاط زاهدي، أنه بعد دخوله لبنان، "سرعان ما أنشأ شبكة قوية في حزب الله"، لدرجة أنه أصبح "العضو غير اللبناني الوحيد في مجلس شورى حزب الله".

وبحسب هذا التقرير، فقد عمل أيضًا ممثلاً للحرس الثوري في المجلس الجهادي لحزب الله، و"كان يتمتع بسلطة نقض فعالة".

وبعد سنوات قليلة عندما عاد إلى إيران تم تعيينه في 21 يناير (كانون الثاني) 2006، خلفاً لأحمد كاظمي، قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني في ذلك الوقت، والذي قتل في حادث تحطم طائرة .

وأشار خامنئي في قرار تعيينه إلى ما أسماه "سجلات زاهدي الرائعة" خلال الحرب الإيرانية العراقية.

وحافظ على قيادة القوات البرية للحرس الثوري حتى عام 2009.

وفي هذه الفترة تمت الموافقة على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1747 المتعلق بالملف النووي الإيراني بموافقة جميع أعضاء هذا المجلس الخمسة عشر.

وبموجب هذا القرار، بالإضافة إلى قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في ذلك الوقت، تم فرض عقوبات على محمد رضا زاهدي أيضًا كقائد للقوات البرية للحرس الثوري الإيراني.

وبعد التوصل إلى الاتفاق النووي وتنفيذه، تم رفع العقوبات المفروضة على العديد من القادة العسكريين في إيران، بما في ذلك زاهدي.

وبالتزامن مع قيادة القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، كان زاهدي أيضاً قائدًا لمقر "ثار الله" التابع للحرس الثوري الإيراني بين عامي 2005 و2006.

ومقر "ثار الله" هو مقر أمني تابع للحرس الثوري الإيراني في طهران، ويعمل تحت قيادة القيادة العامة للحرس الثوري الإيراني، ومهمته إدارة أمن العاصمة والمدن الأخرى في محافظة طهران.

نشاط زاهدي في فيلق القدس

وبعد قيادة القوات البرية، ذهب زاهدي إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وعمل في هذا الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني من عام 2008 إلى عام 2016.

وبحسب تقارير إعلامية إيرانية، كان قائدا لفيلق القدس في سوريا ولبنان.

وبعد مقتل زاهدي، نشرت وسائل إعلام إيرانية صورة قديمة له وهو يقف بجوار حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله في لبنان، وقاسم سليماني.

ويظهر في هذه الصورة أيضا عماد مغنية، أحد القادة العسكريين المقتولين لحزب الله في لبنان، وأحمد كاظمي، قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني المقتول.

ومن عام 2016 إلى 2019، شغل زاهدي منصب مساعد عمليات الحرس الثوري الإيراني.

وفي عام 2018، عندما كان في هذا المنصب، قال ردا على مواقف إسرائيل بشأن إيران: "نحن على مستوى جيد جدا من الاستعداد ونتقدم خطوة أمام التهديدات".

وفي ذلك الوقت، قال زاهدي إن لديه "خططًا لتحسين القوة القتالية لوحدات الحرس الثوري الإيراني".

وخلال هذه الفترة، عندما زاد عدد نطاق الاحتجاجات الشعبية، لعب دورًا في إجراء تدريبات مشتركة بين الحرس الثوري وقوات الشرطة لقمع الاحتجاجات.

وعاد زاهدي إلى فيلق القدس بعد أن أنهى مهمته كمساعد عمليات الحرس الثوري الإيراني، وتم إرساله مرة أخرى إلى سوريا ولبنان.

وقد نُشرت صورة للسنوات الأخيرة التي قضاها زاهدي مع خامنئي في وسائل الإعلام الرسمية.

وبحسب قول ابنه، فإن زاهدي لم يعد إلى طهران منذ بداية الحرب الحالية في غزة، ولم يتواجد في إيران إلا لبضعة أيام "بعد ستة أشهر" بمناسبة عيد النوروز.

محمد هادي حاجي رحيمي

محمد هادي حاجي رحيمي، أحد كبار قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ومساعد محمد رضا زاهدي، هو ثاني أهم شخص قُتل في الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق.

وأشارت وسائل إعلام إيرانية إلى "حاجي رحيمي" باعتباره المساعد المنسق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

كما أن لديه تاريخًا من المشاركة في الحرب الإيرانية العراقية، وغيرها من الحروب الإقليمية التي شاركت فيها إيران بطريقة أو بأخرى.

وكتبت وسائل إعلام إيرانية أن "حاجي رحيمي" كان حاضرا في فيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني، وكان أحد قادته الأوائل.

وبعد مقتل "حاجي رحيمي"، نشر الموقع الإلكتروني للمرشد الإيراني صورة لخامنئي، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يمنحه رتبة.

ويمكن رؤية قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في ذلك الوقت، في هذه الصورة أيضًا.

مهدي جلالتي وأربعة ضباط آخرين

مهدي جلالتي، عضو أمانة مكتب قيادة فيلق القدس، هو أحد الضحايا الآخرين للهجوم على المبنى القنصلية الإيرانية في دمشق.

وأعلنت وكالة أنباء "إيرنا"، نقلاً عن بيان الحرس الثوري الإيراني، أن لقبه هو "جلالتي"، لكن في بعض الأخبار في وسائل الإعلام الإيرانية كان يُدعى "جلادتي".

ولد جلالتي في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 1999 في طهران، لكن عائلته من كلبايكان في محافظة أصفهان.

التحق منذ مراهقته بتعبئة (باسيج) مسجد في المنطقة الرابعة عشرة بطهران.

وبعد أن أنهى دورات الباسيج، في عام 2021 عندما كان عمره 22 عامًا، أصبح جلالتي عضوًا رسميًا في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ثم عمل في مكتب قيادة هذه القوة.

وبحسب وسائل الإعلام المقربة من الحرس الثوري الإيراني، فقد وصل إلى سوريا في 21 يناير (كانون الثاني) 2024، وعندما قُتل "لم يبق سوى يومين قبل انتهاء مهمته".

أما القتلى الأربعة الآخرون، وهم: حسين أمان اللهي، ومحسن صداقت، وعلي آقا بابائي، وعلي صالحي روزبهاني، فهم ضباط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذين، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية، كانوا يعملون "خارج حدود إيران وفي سوريا".