صحف إيران: طهران تتجاهل دعم حماس.. والتهديدات الأميركية.. وتراجع استهلاك الخبز بسبب الغلاء

لا يزال موقف النظام الإيراني من الأحداث في غزة وفلسطين يثير انتقادات الأنصار والموالين قبل الخصوم والمعارضين، حيث يواصل نظام طهران تبني سياسة التعلل ورفض تقديم الدعم لحليفته المفترضة (حركة حماس) التي تتعرض هي وقطاع غزة لأكبر هجوم في تاريخ المدينة.

كما يتجاهل مسؤولو طهران النداءات التي أطلقتها قيادة "حماس" لما يسمى "محور المقاومة" لدعم الحركة وتخفيف الضغوط عليها.

بعض الصحف، مثل "هم ميهن" لفتت إلى هذا التعلل الرسمي، وقالت إن المواقف هذه تكشف التناقض الحاد بين الشعار والعمل لدى السلطة الحاكمة في إيران، حيث كان إعلامها في السابق يطبل للحرب مع إسرائيل ويتوعدها بالويل والثبور، لكن الإعلام نفسه الآن اكتفى بترديد بعض الشعارات الباهتة مثل التسجيل الإلكتروني للراغبين في الذهاب إلى غزة ومحاربة إسرائيل.

بعض الصحف نقلت تصريحات وزير الخارجية الإيراني الذي يستمر في خطابه المتناقض؛ إذ إنه يصعد يوما ويتراجع في اليوم التالي، فبعد أن تحدث عن "الساعات القادمة" وخطورة استمرار الهجمات على غزة أو تبعات الحرب البرية على القطاع، نجده يتراجع في اليوم التالي ليؤكد أن نظام طهران لا يريد توسيع رقعة الصراع ما لم تتعرض "المصالح الإيرانية" إلى هجوم، متغافلا عن أن نظامه ومؤسساته الإعلامية تزعم منذ عقود أن "الدفاع عن المستضعفين" يعد ضمن مصالح إيران ومبادئ ثورتها.

لكن يبدو أن التهديدات الأميركية وموقفها من إيران جعلا السلطة في طهران مقتنعة بأن أي محاولة من جانبها لتوسيع دائرة الحرب يعني تلقيها ضربات قاسية من الولايات المتحدة وإسرائيل، لهذا قرروا الاكتفاء بالدعم الكلامي الذي رفضته قيادات حماس وأكدوا أن المطلوب اتخاذ موقف أقوى وأكثر انسجاما مع متطلبات المرحلة.

في سياق غير بعيد، أقرت صحيفة "كيهان" بوجود رفض شعبي في إيران تجاه سياسات السلطة الخارجية، وأشارت إلى شعار المتظاهرين في الأيام الأخيرة: "لا غزة ولا لبنان.. روحي فداء لإيران"، وهاجمت هؤلاء المواطنين واصفة أنهم يمثلون أقلية في إيران.

الصحيفة تجاهلت النظر في الجذور الأساسية وراء إطلاق مثل هذه الشعارات، حيث يؤكد الخبراء والمتخصصون أن السبب يكمن في أن المواطن الإيراني لم يعد يرغب في أن يكون جزءا من المنظومة الإعلامية للنظام، حيث يصادر كل المواقف الإنسانية لأغراضه السياسية ويتجاهل المطالب الاقتصادية المشروعة للإيرانيين مما دفعهم بالتأكيد إلى ضرورة الانشغال بالداخل وترك الخارج.

نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..

"شرق": أسباب جمود الموقف الشعبي في إيران من الأحداث في غزة

تساءلت صحيفة "شرق" الإصلاحية عن السبب أو الأسباب التي جعلت الشعب الإيراني لا يتضامن مثل الشعوب الأخرى مع القضية الفلسطينية وما يتعرض له المدنيون في قطاع غزة من قصف وإبادة جماعية، لتجيب على هذا التساؤل بالقول إن السبب الرئيسي يعود لابتعاد الشارع عن الدعاية الحكومية الرسمية.

ورأت الصحيفة أن الشارع الإيراني متألم مما يجري في غزة لكنه، وبوعي، يرفض إظهار هذا الموقف لأنه أدرك حسب التجارب المتكررة أنه لو اتخذ موقفا مما يجري سيتم استغلال مواقفه لأهداف سياسية في إيران.

وقالت الصحيفة إن خبراء علم الاجتماع قد حذروا في كثير من الحالات أن السياسات الخاطئة وسوء أداء السلطة في إيران جعل "الضمير الجمعي" في إيران "مريضا"، وذكرت أن هذا الجمود في الموقف الشعبي هو نتيجة لسنوات من الإهمال الحكومي للمطالب الشعبية ما أدى إلى تراكم حالة الاستياء والامتعاض الجماهيري.

ونوهت "شرق" إلى أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمية هي المتهم الأساسي فيما وصل إليه الحال بين الإيرانيين، فهذه المؤسسة وبالرغم من تحذيرات الحريصين إلا أنها استمرت في سياساتها الخاطئة وجعلت الشارع يقف بالضد من السلطة واستقبلت طوال سنوات وجوها وشخصيات يراها الناس بعيدة كل البعد عن تطلعاتهم ورؤاهم السياسية والفكرية.

"هم ميهن": تناقض مواقف السلطة في إيران تجاه القضية الفلسطينية بين الشعار والعمل

قالت صحيفة "هم ميهن" إن الحرب في غزة أدت إلى ظهور أحد أبرز التناقضات في السلطة الحاكمة في إيران، وهي أن مواقفهم الخارجية من الأحداث ليست أصيلة ولا موضوعية، وإنما كل تلك المواقف المتطرفة والبعيدة عن التحقق كانت ذريعة لإقصاء وحذف المعارضين السياسيين في الداخل.

وأضافت: "هذا التيار الذي كان يدأب في الضرب على وتر الحرب مع إسرائيل والاستعداد لمثل هذه المناسبات نراه الآن يكتفي بشعارات مثل تسجيل إلكتروني لمن يرغبون في الذهاب إلى فلسطين وتحرير الأقصى وهو ما يجسد تناقضا حادا، إذ إن هذه المواقف الشكلية لا تنسجم مع شعاراتهم السابقة".

"جهان صنعت": تراجع استهلاك الخبز بين الإيرانيين 40 في المائة بعد ارتفاع الأسعار

أشارت صحيفة "جهان صنعت" إلى رفع أسعار الخبز في العديد من المدن والمحافظات الإيرانية وقالت إن سياسة رفع الأسعار في قطاع الخبز بدأت بذريعة خلق التوازن في الأسواق لكنها انتهت بفرض الغلاء على المواطنين وهي سياسة سلكتها الحكومة في العديد من السلع والمواد الغذائية الأخرى.

ونوهت الصحيفة إلى أن قرار رفع أسعار الخبز أدى إلى تراجع استهلاك الإيرانيين للخبز بنسبة 40 في المائة في الفترة القليلة الماضية، مضيفة: "الشعب اليوم بات لا يعاني من الفقر وسوء التغذية فحسب، وإنما بات الهاجس الرئيسي لدى كثير من الإيرانيين هو إطعام عوائلهم وسد جوع أبنائهم".

وانتقدت الصحيفة سياسة الدعاية الإعلامية التي اعتمدتها الحكومة وتضخيم زيارات المسؤولين إلى الخارج أو الحديث عن الانضمام إلى بعض المجموعات والمنظمات الدولية مثل منظمة شنغهاي للتعاون. وكتبت أن هذه الدعاية المكثفة والتمجيد المستمر لم يأت بأي فوائد للبلاد، وقالت: "تمخضت شنغهاي وولدت فأرا".

وختمت الصحيفة بالقول إن الوضع المعيشي للمواطن الإيراني أصبح رهينة بيد المسؤولين السياسيين، حيث إن هؤلاء المسؤولين يتجاهلون معاناة الشارع ولا يفكرون إلا في رفع الأسعار وتنفيذ خططهم.