فرصة تاريخية لتجاوز النظام الإيراني.. هل تستغلها المعارضة أم ستضيعها في خلافاتها الداخلية؟

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

يعيش الشرق الأوسط حاليا فترة من الهزائم والتراجعات الكبرى التي يواجهها النظام الإيراني.. واحدة تلو الأخرى، تتهاوى معاقل هذا النظام وخنادقه في المنطقة.

وقد بدأت هذه المرحلة بهزيمة حماس وحزب الله، واستمرت مع تراجع نفوذ إيران في سوريا وضعف بشار الأسد، وهي الآن تتكامل مع تركيز إسرائيل على هزيمة الحوثيين في اليمن.

وتشير الأدلة إلى أنه حتى الحشد الشعبي في العراق بدأ يتراجع عن دعمه العلني لنهج إيران، ما جعل هذا النظام معزولًا في مواجهة تحالف يتألف من الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى أوروبا.

داخليًا، تعاني طهران واحدة من أسوأ فتراتها بسبب المشاكل الاقتصادية العديدة والسخط الشعبي الكبير.

ضغوط ترامب

في هذه الأجواء، استخدمت إدارة ترامب مزيجًا من الضغوط السياسية والاقتصادية، وحتى التهديدات العسكرية، لمحاولة إجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. الهدف من هذه المفاوضات هو التوصل إلى اتفاق أشد صرامة من الاتفاق النووي السابق (2015) يهدف إلى وقف البرامج النووية والصاروخية الإيرانية، أو في حال رفضت طهران، يتم تعريضها لضغوط أكبر، وحتى لهجوم عسكري محتمل.

وعلى الرغم من معرفته بالضغوط الدولية والضعف الداخلي، يرفض علي خامنئي الاستسلام. من جهة يهدد بتطوير قنبلة نووية واستعادة السيطرة في سوريا، ومن جهة أخرى يرسل عبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف ودبلوماسيين آخرين إشارات عن استعداده للتفاوض. لكن يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى أوروبا تدرك مخاطر عودة قوة إيران، ولن تسمح للنظام بالعودة إلى سياسته السابقة من التحدي والتصعيد.

سلسلة الهزائم

بدأت سلسلة هزائم النظام الإيراني مع هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ظن قادة النظام أن هذا الهجوم سيوجه ضربة لا يمكن لإسرائيل التعافي منها.

لكن التحليلات الخاطئة للقيادة الإيرانية، وخاصة من قبل خامنئي وقادة الحرس الثوري، أدت إلى قرارات أدت بدورها إلى هزائم متتالية.

فبعد الهجوم، ردت إسرائيل بسرعة، وخلال أقل من 15 شهرًا تمكنت من تعزيز موقفها الإقليمي. وشملت هذه الخطوات عمليات عسكرية واسعة ضد حماس، وتدمير قواعدها العسكرية، واغتيال قادتها البارزين مثل يحيى السنوار وصالح العاروري وإسماعيل هنية. كما تجاهلت إسرائيل تحذيرات الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وهاجمت غزة، لتعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط.

الخطأ الثاني لنظام طهران كان طلبه من حزب الله مهاجمة الحدود الشمالية لإسرائيل دعمًا لحماس. في البداية، حذرت إسرائيل حزب الله مرارًا لوقف هذه الهجمات، لكن عندما لم يؤخذ التحذير على محمل الجد، شنت إسرائيل عملية "النظام الجديد".

وأسفرت هذه العملية عن نتائج مذهلة، منها تدمير مراكز القيادة ومعدات حزب الله، ومقتل قادته البارزين، بما في ذلك حسن نصر الله. هذه التطورات غيرت معادلات المنطقة وأثبتت أن حزب الله، كحماس، لا يملك القدرة على مواجهة الهجمات الإسرائيلية المكثفة.

الضغط الدولي والاستياء الداخلي

على المستوى الدولي، تسعى الولايات المتحدة وأوروبا إلى استغلال ضعف إيران لتحقيق تغييرات كبيرة في سياساتها الإقليمية. في الوقت نفسه، تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية لضمان عدم منح طهران فرصة للعودة.

داخليًا، أدى الاستياء العام من سياسات النظام والأزمات الاقتصادية إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية في إيران.

وتظهر الاحتجاجات الشعبية والحركات المدنية أن الشعب الإيراني يلعب دورًا رئيسيًا في تحديد مستقبل البلاد.

فرصة تاريخية للتغيير

لقد أوجدت الظروف الدولية والإقليمية والمحلية مجتمعة فرصة تاريخية لتجاوز النظام الإيراني. لكن السؤال الأهم هو: هل المعارضة الإيرانية مستعدة لاستغلال هذه الفرصة التاريخية؟ أم إنها ستضيعها مجددًا في خلافاتها الداخلية القديمة؟