صحف إيران: الأوضاع في البلاد وصلت إلى طريق مسدود والنظام لم يعد يفكر إلا في البقاء
بينما يستمر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بالحديث عن إنجازاته وقطار التقدم الذي يزعم أنه يتحرك بشكل سريع، نجد الصحف والتقارير الاقتصادية التي تنشرها مراكز ومؤسسات تابعة للحكومة تقول خلاف ذلك، إذ إنها تؤكد تراجع الوضع المعيشي وتدهور الحياة الاقتصادية للمواطنين في إيران.
وأشارت صحيفة "اعتماد"، اليوم الثلاثاء 3 يناير (كانون الثاني)، في تقرير لها إلى ما كشفته وزارة الرفاه الإيرانية حول الفقر، والتي ذكرت أن متوسط خط الفقر للأسرة المكونة من 4 أشخاص بلغ في عموم إيران 7.7 مليون تومان، بينما بلغت هذه النسبة للمواطنين في طهران أكثر من 14 مليون تومان، وهو ما يبين أن خط الفقر في العام الإيراني الماضي ارتفع بنسبة 50% عن العام الذي سبقه.
أما صحيفة "جهان صنعت" فنقلت عن خبراء اقتصاديين قولهم إن الإحصاء الذي ذكرته وزارة الرفاه الإيرانية أقل من الواقع على الأرض، وأوضحت أن استمرار الوضع الاقتصادي الراهن على ما هو عليه دون معالجته وإنهاء نزيفه يضع البلاد أمام مستقبل قاتم، مؤكدة أن الحكومة تفتقد للقدرة اللازمة لتجاوز الوضع الاقتصادي المؤلم في إيران.
في موضوع آخر نقلت بعض الصحف مثل "إسكناس" الاقتصادية تصريحات الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، حول عزم بلاده تطبيع العلاقات على أعلى مستوى مع الولايات المتحدة الأميركية.
ونَقْل هذه التصريحات وإبرازها هو محاولة من هذه الصحف للتعريض بالسياسة الخارجية المعتمدة لدى حكومة طهران، إذ إنها ومنذ أكثر من 40 سنة تستمر في عدائها ومواقفها التصعيدية مع الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي كلف البلاد كثيرا من التبعات والأضرار دون أن تجني فائدة تذكر، بينما الحكومة الفنزويلية- والتي تعد حتى العهد القريب عدوا شرسا للولايات المتحدة الأميركية- تحاول الآن إيجاد حلول لمشاكلها مع واشنطن.
وعنونت صحيفة "آرمان امروز" حول الموضوع وكتبت: "طريق فلاح فنزويلا"، مشيرة إلى أن المصالحة مع الغرب- وتحديدا مع الولايات المتحدة الأميركية- هو الطريق الأسلم للدول الصغيرة مثل فنزويلا وإيران، والتي لا يمكن تصور انتصارها في الصراع والنزاع مع أميركا.
داخليا اهتمت الصحف بأزمة التلوث التي تعاني منها العاصمة طهران وعدد من المدن الكبيرة في البلاد، وعجز الحكومة عن إيجاد حلول لهذه الأزمة التي أغرقت البلاد بأنواع شتى من الأمراض والمشاكل الصحية والاقتصادية.
وعنونت صحيفة "ستاره صبح" حول الموضوع وكتبت في المانشيت: "طهران وألبرز يختنقان"، فيما كتبت "آرمان ملي": "لقد توقف قلبي من هذه المدينة"، ونقلت كلام أحد البرلمانيين الذي قال إن تلوث الهواء في طهران بات يخنق المواطنين الإيرانيين.
من الموضوعات الأخرى التي تناولتها معظم صحف إيران اليوم هو مرور الذكرى السنوية الثالثة على مقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري، بغارة جوية أميركية في العاصمة العراقية بغداد.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"هم میهن": النظام في إيران لا يفكر في إصلاح الأوضاع وإنما يبذل كل جهده من أجل البقاء والاستمرار في الحكم
أشار الخبير الاقتصادي ورئيس مركز البحوث الاقتصادية الإيرانية، محمد قاسمي، في مقابلة مع صحيفة "هم ميهن" إلى الإحصاءات التي كشفتها وزارة الرفاه الإيرانية حول واقع الفقر في إيران، وأكد عجز الحكومة عن حل المشكلة الاقتصادية، وصرح بالقول إن الحكومة (النظام) لا تفكر في شيء سوى البقاء.
وأوضح أن الحكومة لم تعد تفكر في التنمية وإصلاح الوضع الاقتصادي، ومن يلاحظ خططها يدرك أن كل جهودها ومحاولاتها تركز على البحث عن سبل البقاء والاستمرار في السلطة.
ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن النظام السياسي في إيران بات يعاني بشكل كبير من فقدان الفاعلية، بحيث لا يستطيع تنفيذ أي حلول عملية على أرض الواقع، كما أنه يعاني من انحسار شعبيته والدعم المجتمعي له، بحيث لو أرادت الحكومة تنفيذ سياسات اقتصادية حاسمة فإنه لن تحظى بدعم الشعب الذي لن يساير هذه البرامج، وبالتالي فإن فرص النجاح في مثل هذه الحالة تكاد تكون معدومة، حسب قوله.
"جهان صنعت": إيران وصلت إلى طريق مسدود والبلاد تعاني من انغلاق اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي
أما صحيفة "جهان صنعت" فتحدثت عن تهميش الحكومة لدور المجتمع، وأجرت مقابلة مع الخبير في الشؤون الاجتماعية أحمد بخارايي الذي قال للصحيفة إن الحكومة باتت تتجاهل الناس بشكل كبير وكأنهم غير موجودين أصلا، مؤكدا أن هذا التعامل الإقصائي من جانب الحكومة أدى إلى تآكل شعبيتها، وعدم تفاعل الشارع مع أي إجراء أو سياسة تقدم عليها.
وذكر بخارايي أن طرد المجتمع من دائرة التأثير والتفاعل مع الحكومة يؤدي في نهاية المطاف إلى نوع من العزلة لدى المجتمع، ويشعر المواطن بأنه أجنبي على الحكومة، ما يدفعه على التفكير بالهجرة وترجيحها على البقاء بأي ثمن كان.
وأضاف الباحث أن إيران الآن تمر بمرحلة انغلاق اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي، كما أن المجتمع لم يعد يأمل في الإصلاحات، فربما كان هذا الشيء موجودا قبل 15 عاما، لكن الآن فنحن وصلنا إلى طريق مسدود، حسب تعبيره.
"آفتاب يزد": لا يمكن تصور حل لمشاكل إيران دون معالجة أزمة الاتفاق النووي
في موضوع دولي أشار الدبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي راد في مقابلة مع صحيفة "آفتاب يزد" إلى فشل إيران في حل أزمتها النووية، وقال: "ما دام موضوع الاتفاق النووي لم يحل فلا يمكن تصور حل للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد".
وأضاف: "دون التوصل إلى اتفاق نووي، لا الصين ولا روسيا ولا قطر ولا أي دولة أخرى تكون مستعدة للدخول مع إيران في شراكة اقتصادية وهذه هي الحقيقة التي لا لبس فيها".
"شرق": لو تم إحياء الاتفاق النووي فلن يكون جاذبا للتعاون الاقتصادي بين إيران ودول العالم
قال الكاتب والمحلل السياسي، كوروش أحمدي، في مقاله بصحيفة "شرق" إنه لا يتوقع إحياء الاتفاق النووي، وحتى لو حدث ذلك فسيكون أقل اعتبارا من الاتفاق النووي السابق، ولن يكون جاذبا للدول الأخرى للدخول في الاقتصاد الإيراني، كما أن الدول الغربية ستستمر بفرض عقوباتها على طهران تحت عناوين ومسميات شتى.
ولفت الكاتب إلى الوضع السيء التي تمر به إيران داخليا وخارجيا، وقال إن الضغوط السياسية والاقتصادية في الداخل الإيراني غير مسبوقة، كما أن طهران واجهت صدمة على صعيد السياسة الخارجية تمثلت في زيارة الرئيس الصيني للسعودية، وموقفه الداعم للدول العربية ضدها، كما أن ملف الأزمة الأوكرانية القى بظلاله على طهران بعد اتهامها بدعم موسكو في عدوانها على كييف.