رفض واسع لتأييد حكم الإعدام ضد ناشطة إيرانية.. ومطالبات بموقف دولي جاد
أثار تأييد حكم الإعدام بحق الناشطة والسجينة السياسية الإيرانية بخشان عزيزي، ردود فعل واسعة، ووصف العديد من نشطاء حقوق الإنسان الحكم بأنه محاولة من النظام لخلق حالة من الخوف والرعب في المجتمع. فيما دعا آخرون المجتمع الدولي إلى رد فعل جاد لوقف الإعدامات.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية يوم 8 يناير (كانون الثاني) إن إصدار وتأييد هذا الحكم يُعد جزءًا من سياسة الترهيب التي ينتهجها النظام الإيراني عقب انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لوقف الإعدامات وإلغاء حكم عزيزي.
ووصف محمود أميري مقدم، مدير المنظمة، الحكم بأنه "غير قانوني" ومصمم لقمع المجتمع المدني، بناءً على أوامر الأجهزة الأمنية.
وقال: "يجب أن يُدان هذا الحكم بأشد العبارات من قبل المجتمع الدولي، فرفع التكلفة السياسية هو الوسيلة الوحيدة لمنع وقوع مثل هذه الجرائم".
وكشف المحامي أمير رئيسيان، يوم الأربعاء 8 يناير، أن المحكمة العليا في إيران صادقت على حكم إعدام عزيزي، مشيراً إلى أن الدائرة 39 في المحكمة تجاهلت عيوباً متعددة في التحقيقات، فضلاً عن الوثائق التي تؤكد أن أنشطة عزيزي في مخيمات اللاجئين الفارين من تنظيم داعش شمال سوريا كانت سلمية وغير سياسية.
وصرح رئيسيان لشبكة "شرق" بأن المحكمة العليا لم تأخذ بعين الاعتبار أوجه القصور في التحقيقات أو الأدلة التي تُظهر الطابع الإنساني لأنشطة بخشان عزيزي.
دعوات لمعارضة الإعدامات
وأصدرت "اللجنة الدولية لمناهضة الإعدام" بياناً دعت فيه إلى احتجاج واسع النطاق على حكم الإعدام بحق بخشان عزيزي وغيرها من أحكام الإعدام في إيران.
وقال بيان اللجنة: "في ظل الغضب الشعبي المتصاعد وضعف النظام الإيراني، يجب منع هذا النظام الوحشي من استخدام الإعدام لترهيب الشعب".
وأكدت أن "سلطة النظام الإيراني المتهاوية قد انكسرت، وحق الشعب الإيراني في المطالبة بالعدالة في أوج قوته"، مضيفة: "يجب أن يُسقط سلاح الإعدام على رأس النظام نفسه. نحن نقول: الإعدام مرفوض، أياً كانت الأسباب والدوافع".
جعفر إبراهيمي، الناشط النقابي للمعلمين والسجين السياسي السابق، كتب رسالة دعا فيها المعلمين إلى توعية المجتمع وتوحيد الجهود لمواجهة الإعدامات، مؤكداً أن الإعدام في إيران قد تحول إلى أداة لقمع المجتمع وتعزيز سيطرة النظام.
وأشار إبراهيمي إلى أن آخر الإحصائيات تُظهر أن ما لا يقل عن 54 سجيناً سياسياً وسجين رأي يواجهون أحكاماً بالإعدام في إيران، مضيفاً: "المجتمع الذي يقف مكتوف الأيدي أمام الإعدامات يساهم عملياً في هذا العنف".
الفائزون بجائزة نوبل للسلام: يجب أن لا نصمت
شیرين عبادي، أول إيرانية تحصل على جائزة نوبل للسلام، وصفت تأييد حكم الإعدام بحق بخشان عزيزي بأنه "ظالم وغير إنساني"، وهدفه نشر الرعب في المجتمع.
ودعت عبادي إلى التضامن لإلغاء حكم الإعدام بحق عزيزي وريشه مرادي ومجاهد كوركور وجميع المحكومين بالإعدام في سجون النظام الإيراني.
من جانبها، قالت نرجس محمدي، الإيرنية الثانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي تقضي حالياً إجازة علاجية من السجن، إن تأييد حكم إعدام عزيزي يعكس نية النظام الإيراني لتكثيف القمع ضد النساء والانتقام من حركة "المرأة، الحياة، الحرية".
وأوضحت محمدي أن "النظام يريد من خلال تنفيذ إعدام امرأة سجينة سياسية أن يظهر للشعب مدى شدته في القمع والانتقام"، داعية الشعب الإيراني وأنصار الحرية حول العالم ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة إلى التوحد ضد سياسة الإعدام.
ردود فعل أهالي الضحايا
أم كلثوم، والدة آرام حبيبي، الذي قُتل خلال احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، نشرت فيديو تدين فيه حكم الإعدام بحق بخشان عزيزي وريشه مرادي، ودعت المنظمات الحقوقية إلى التدخل العاجل.
وقالت في الفيديو: "أتمنى أن يُلغى حكم الإعدام في كل أنحاء العالم، وخاصة في إيران، وأن يهزم أعداؤنا وننتصر".
وبخشان عزيزي هي واحدة من عشرات السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام في إيران، وحكم إعدامها صدر دون النظر إلى الأدلة التي تثبت براءتها.
ووفقاً لموقع "هرانا" الحقوقي، هناك ما لا يقل عن 54 سجيناً سياسياً في إيران يواجهون حكم الإعدام حالياً.
وفي تقرير سابق صدر في فبراير (شباط) الماضي، ذكر الموقع أن 33 سجيناً سياسياً كانوا تحت طائلة الإعدام في ذلك الوقت، مما يظهر زيادة كبيرة في إصدار أحكام الإعدام على السجناء السياسيين خلال عام واحد فقط.
الخلفية والظروف
وتم اعتقال بخشان عزيزي لأول مرة عام 2009 أثناء احتجاج طلابي، وأُطلق سراحها بعد أربعة أشهر بكفالة. وفي 4 أغسطس (آب) 2023، اعتُقلت مرة أخرى في طهران، وتعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي خلال فترة احتجازها.
في 24 يوليو (تموز) الماضي، أصدرت المحكمة الثورية في طهران حكماً بإعدامها بتهمة "البغي".
وتشير وثائق الدفاع المقدمة من محاميها إلى أنها كانت تعمل منذ عام 2014 في المجال الإنساني شمال شرق سوريا، بعيداً عن أي أنشطة متعلقة بإيران.
يُذكر أن تأييد حكم الإعدام جاء بعد يوم واحد من تحذير فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، من زيادة الإعدامات في إيران، حيث أشار إلى أن النظام الإيراني أعدم ما لا يقل عن 901 شخص في عام 2023، من بينهم 31 امرأة.