المحكمة العليا في إيران تؤيد حكم الإعدام ضد ناشطة سياسية.. ومطالبات باحتجاج جماعي
أعلن أمير رئيسيان، محامي الناشطة بخشان عزيزي، السجينة السياسية المحتجزة في سجن إيفين، أن المحكمة العليا في إيران أيدت حكم الإعدام بحق موكلته، فيما طالبت الناشطة الحائزة على نوبل للسلام، نرجس محمدي، بالاحتجاج على هذا الحكم.
وقال رئيسيان لشبكة "شرق" إن الفرع 39 من المحكمة العليا أيد الحكم دون مراعاة الاعتراضات العديدة الشكلية والموضوعية في القضية، مشيرا إلى أن المحكمة العليا لم تولِ أي اهتمام للثغرات في التحقيقات أو للأدلة والوثائق التي تظهر أن أنشطة بخشان عزيزي الإنسانية في مخيمات النازحين جراء حرب "داعش" في شمال سوريا كانت سلمية وغير سياسية.
وأعرب رئيسيان عن قلقه من تأييد حكم الإعدام بحق موكلته، مؤكدًا أن هيئة الدفاع في القضية سيقدمون فورًا طلبًا لإعادة المحاكمة إلى فرع آخر أمام المحكمة العليا.
وأعرب عن أمله في أن يولي الفرع الذي سيُحال إليه الملف الاعتبارات والاعتراضات الواردة فيه الاهتمام اللازم، وأن يقوم بتصحيح مسار هذه القضية.
وكان رئيسيان قد نشر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وثائق عن الأنشطة الإنسانية لموكلته على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وكتب أن الأدلة المقدمة ضد عزيزي غير صالحة ويجب أن تؤدي إلى تبرئتها من تهمة "البغي".
"لنتحد ضد الإعدام"
ووصفت الناشطة نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام والتي تقضي إجازة علاجية خارج السجن، تأييد حكم الإعدام بحق بخشان عزيزي بأنه دليل على عزم النظام الإيراني على تكثيف قمع النساء والانتقام من حركة "المرأة، الحياة، الحرية".
وكتبت على حسابها في "إنستغرام": "النظام الإيراني يريد أن يظهر للشعب الإيراني شدة الرعب والانتقام من خلال بدء إعدام السجينات السياسيات".
ودعت محمدي الشعب الإيراني، والمدافعين عن الحرية في العالم، والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، والأمم المتحدة إلى التكاتف جميعا ضد سياسة الإعدام.
وتعد بخشان عزيزي واحدة من عشرات السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام في إيران، حيث يتم تأييد حكم الإعدام بحقهم دون مراعاة الأدلة التي تثبت براءتهم.
وتظهر وثائق ومعلومات حصرية حصلت عليها "إيران إنترناشيونال" أن الجهاز القضائي الإيراني، بإذعانه لمطالب الأجهزة الأمنية، تجاهل الأدلة التي تؤكد الطابع الإنساني لأنشطة بخشان عزيزي في شمال شرقي سوريا، مما وضعها في خطر تأييد حكم الإعدام.
يذكر أن بخشان عزيزي تم اعتقالها لأول مرة في عام 2009 خلال تجمع طلابي، وأُفرج عنها بعد أربعة أشهر بعد دفع كفالة.
وتم اعتقالها مرة أخرى في 4 أغسطس (آب) 2023 في طهران، وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، بعد انتهاء التحقيقات وتحملها أشهرًا من التعذيب النفسي والجسدي والعزل الانفرادي، نُقلت إلى عنبر النساء في سجن إيفين.
وكتبت هذه السجينة السياسية في 21 يوليو (تموز) الماضي في رسالة من سجن إيفين، مشيرة إلى تعرضها للتعذيب على يد الأجهزة الأمنية: "لقد تم تعليقي عدة مرات على يد المحققين".
وتم احتجاز عزيزي بعد الاعتقال لمدة أربعة أشهر تقريبًا في زنزانة انفرادية في العنبر 209 من سجن إيفين (تحت إشراف وزارة الاستخبارات)، وخاضت إضرابًا عن الطعام لمدة 36 يومًا.
وحكم القاضي إيمان أفشاري، رئيس الفرع 26 لمحكمة الثورة في طهران، في 23 يوليو (تموز) من هذا العام، بإعدام عزيزي بتهمة "البغي".
ووفقًا لدفاع بخشان عزيزي المكتوب والأدلة التي قدمها المحامون إلى المحكمة، فقد عملت في مجال العمل الاجتماعي وقضايا المرأة في روج آفا (المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا) من عام 2014 إلى عام 2023، وخلال هذه الفترة لم تكن أي من أنشطتها مرتبطة بإيران، بل كانت تعمل فقط في مجال مساعدة الأشخاص الفارين من براثن "داعش".
زيادة الإعدامات في إيران
وجاء تأييد حكم الإعدام بحق بخشان عزيزي بعد يوم واحد من إصدار فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بيانًا أعرب فيه عن قلقه العميق إزاء زيادة عمليات الإعدام في إيران، قائلًا إن السلطات الإيرانية أعدمت ما لا يقل عن 901 شخص في العام الماضي.
وحذر البيان أيضًا من زيادة إعدام النساء في إيران، وقال إنه في عام 2024 تم إعدام ما لا يقل عن 31 امرأة في السجون الإيرانية.
كما نشرت منظمة حقوق الإنسان في إيران تقريرًا يوم الاثنين 6 يناير (كانون الثاني) بعنوان "النساء وعقوبة الإعدام في إيران"، كتبت فيه أن السجون الإيرانية سجلت في عام 2024، بعد عامين من بدء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، أعلى عدد سنوي لإعدام النساء منذ عام 2008.
ووفقًا للتقرير، فقد تم إعدام ما لا يقل عن 241 امرأة بين عامي 2010 و2024، وتم تحديد هوية 121 منهن، أي ما يعادل 50 في المائة من النساء اللواتي تم إعدامهن، فقط بالحرف الأول من أسمائهن/أسماء عائلاتهن، أو ظللت مجهولة الهوية تمامًا.
من ناحية أخرى، كتب موقع "هرانا" الحقوقي يوم الاثنين 6 يناير (كانون الثاني) في تقرير استنادًا إلى تحقيقاته الأخيرة أن هناك حاليًا ما لا يقل عن 54 سجينًا في سجون مختلفة بجميع أنحاء البلاد يواجهون عقوبة الإعدام بتهم سياسية أو أمنية.
وكان "هرانا" قد كتب في تقرير سابق في فبراير (شباط) 2024 أن هناك حاليًا ما لا يقل عن 33 سجينًا بتهم سياسية أو أمنية في مناطق مختلفة من البلاد يواجهون عقوبة الإعدام.
وتظهر هذه الإحصائيات بوضوح أن إصدار أحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين في إيران شهد زيادة كبيرة، حيث تمت إضافة 21 شخصًا آخر إلى قائمة السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام في العام الماضي فقط.