"مأساة العنبر 15".. مصادر تفضح انتهاكات واسعة للسجناء السياسيين في إيران

وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، فإن نحو 30 سجينًا سياسيًا في سجن "كرج" المركزي يعانون من انتهاكات متنوعة، فيما تسبب "التمييز المضاعف" من قبل النيابة العامة ووزارة الاستخبارات في جعل قضاء العقوبة أكثر صعوبة بالنسبة لهؤلاء السجناء.

وقال مصدر مطلع على وضع هؤلاء السجناء في حديث مع "إيران إنترناشيونال" إن التمييز ضد هؤلاء الأشخاص يتم من قبل إدارة استخبارات محافظة البرز ومدعي عام المحافظة، حسن مددي، تحت عنوان التعامل مع "الجُناة الخاصين والأمنيين".

وأضاف هذا المصدر أنه من خلال تصنيف السجناء على أنهم "خاصون وأمنيّون"، تحرمهم النيابة ووزارة الاستخبارات من حقوقهم الأساسية مثل الإجازات، والإفراج المشروط باستخدام جهاز مراقبة إلكتروني، والإجازات عند انتهاء مدة السجن والعفو المشروط.

وبحسب المعلومات الواردة إلى "إيران إنترناشيونال"، هناك حاليًا حوالي 30 سجينًا سياسيًا وسجين رأي في "عنبر 15" من سجن "كرج" المركزي.

وقال مصدر مقرب من عائلات هؤلاء السجناء إن المسؤولين في السجن سعوا باستمرار من خلال استخدام هذه الطريقة لتجنب الرد على المنظمات الدولية والمسؤولين القانونيين والقضائيين التابعين للأمم المتحدة، مدعين أنه لا يوجد سجناء سياسيون في إيران.

وأكد مصدر آخر مطلع على هذه القضية لـ"إيران إنترناشيونال" أن هذه السياسة تُطبق على السجناء السياسيين وسجناء الرأي، في حين أن السجناء المدانين "بالجرائم الخطيرة" والعقوبات الطويلة في عنابر أخرى من السجن المركزي في كرج يستفيدون بسهولة من هذه الحقوق.

سجناء "عنبر 15" في سجن كرج المركزي

من بين السجناء السياسيين المحتجزين في هذا العنبر، هناك عدد من الأسماء البارزة مثل مهرداد بختياري، ومهدي بيرامي، ومهدي بناهي، وعلي بورمدحي، ومهدي ثابتي، وآرش حدادي، ومحمد حسني، وحسين دبیر، ومهران دربازي، وأمين قربانزاده، وعلي ‌نظر كاظمي، وماشاالله كريمي، وسيرين كرتيس (بدیعي) المعروف بـ"الأمير سيرين"، وهو مواطن ذو جنسية مزدوجة (إيرانية- نيوزيلندية)، وعيسى كريمي، وقدير كوهستاني، وحسين ميرزائي، وسيامك نصيري.

كما يضم السجن أيضًا سجناء من مختلف الديانات والمعتقدات، مثل سامان استوار، وكاميار حبيبي، وعفيف نعيمي، وبيّام ولي، وهم سجناء من الطائفة البهائية، وقاسم شمس، ومهدي شهنّي، وهما سجناء مسيحيون، وأبو الفضل بورحسيني من أعضاء جماعة "عرفان حلقه".

بالإضافة إلى هؤلاء، يوجد في هذا العنبر على الأقل ثلاثة سجناء من أصل أفغاني تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الإيراني.

وفي تقرير نشرته "إيران إنترناشيونال" في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمت الإشارة إلى حرمان السجناء السياسيين والعقائديين في هذا السجن من حقوقهم الأساسية، حيث إن الانتهاك المستمر لحقوقهم جعل تحملهم للحبس أكثر صعوبة.

مساحة العنبر السياسي في سجن كرج المركزي

وفقاً للمعلومات الواردة إلى "إيران إنترناشيونال"، يتكون "عنبر 15" في سجن كرج المركزي من 4 غرف، تحتوي كل غرفة من 6 إلى 8 أسرّة.

ووفقاً لما ذكرته عائلات السجناء الذين جربوا الحبس في هذا العنبر، فإن هناك حالات عديدة يكون فيها على الأقل 3 سجناء محرومين من مكان للنوم بسبب كثافة السجناء ونقص الإمكانيات الأساسية، مما يجعلهم يضطرون للنوم على الأرض.

ويوجد في هذا العنبر أيضًا قاعة تسمى "القاعة المغلقة"، حيث يُنقل السجناء الذين يعترضون على سياسات السجن إلى هناك كعقوبة.

ومن بين السجناء الذين تم نقلهم إلى هذه القاعة في الأشهر الأخيرة بناءً على أوامر مدير السجن وقسم الحماية والأمن، يوجد مهرداد بختياري، وفرهاد شيخي، وسيامك نصيري، وبهرام وردل.

ويحتوي "عنبر 15" على حمامين ومرحاضين يقعان في وسط الغرف.

كما يوجد في هذا العنبر سجين محكوم بتهم جنائية عامة، مما يؤدي إلى عدم احترام مبدأ الفصل بين الجرائم.

وبحسب عائلات بعض السجناء، تم نقل هذا السجين الذي وجهت إليه تهمة "خيانة الأمانة والاحتيال" إلى هذا العنبر بأمر من قسم الحماية والأمن في السجن، وذلك بهدف مضايقة السجناء السياسيين.

وحذر نشطاء حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة مرارًا من عدم مراعاة مبدأ الفصل بين الجرائم في بعض السجون الإيرانية، مشيرين إلى المخاطر المحتملة التي تهدد حياة السجناء السياسيين وأمنهم الشخصي.

قيود على الاتصال الهاتفي والزيارة في سجن كرج المركزي

في "عنبر 15" بسجن كرج المركزي، يوجد جهازان هاتفيان فقط، يسمح للسجناء باستخدامهما في الأيام الزوجية من كل أسبوع لمدة 10 دقائق في الوردية الصباحية و10 دقائق في الوردية المسائية للتواصل مع عائلاتهم.

السجناء السياسيون وسجناء الرأي المحتجزون في هذا السجن يتمتعون بحق الزيارة العائلية عبر الهاتف (الزيارة المغلقة) مرة كل أسبوعين، ولمدة 20 دقيقة. أما الزيارة المباشرة، فهي تتم مرة كل شهرين فقط، ولمدة نصف ساعة تقريبًا، وتخضع لتقدير رئيس القسم ومدير السجن. أما الزيارات "الشرعية"، فيتم إجراؤها مرة واحدة في الشهر، ولمدة ساعتين.

وضعية غير مناسبة في المتجر والتغذية والصحة

ويتم شراء المواد التموينية للسجناء السياسيين وسجناء الرأي في "عنبر 15" من خلال المتاجر الموجودة في العنابر الأخرى في السجن، حيث لا يوجد متجر خاص في هذا العنبر.

ووفقًا للمعلومات الواردة، يوجد شخص مسؤول عن شراء المواد للسجناء مثل الأرز، والبيض، والتونة، والقهوة، والأقلام، والدفاتر، والفواكه والخضراوات بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار في الخارج.

أما طعام السجن، فهو مزيج من الطعام الحكومي والطعام الشخصي، إلا أنه ليس جيدا، ويتم غالبًا استخدام مواد رديئة وغير صحية في تحضيره.

أما مطبخ السجن الذي يُعرف بين السجناء باسم "مطبخ البيت"، فيحتوي فقط على موقد صغير ثلاثي الشعلة، يستخدمه 30 سجينًا سياسيًا بشكل دوري، ولا توجد أية تجهيزات أخرى في المطبخ.

ومياه السجن رديئة للغاية ولا يمكن شربها. لذا، يضطر السجناء السياسيون لشراء المياه من المتجر داخل السجن. ويتم بيع المياه في السجن بأسعار تتراوح بين 7,000 إلى 10,000 تومان لكل زجاجة.

وتشير المعلومات الواردة إلى أن مياه الحمام في السجن أيضًا غير صحية، حيث يُصاب السجناء الذين يستخدمون هذه المياه بمشكلات صحية مثل الأمراض الجلدية والحكة المستمرة، ما يؤدي إلى ظهور حبوب حمراء على أجسامهم بسبب التعرض لهذه المياه الملوثة.

عدم الرعاية الطبية في سجن كرج المركزي

كما يعاني السجناء السياسيون وسجناء الرأي المحتجزون في "عنبر 15" من سجن "كرج" المركزي من مشكلات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الطبية والمستشفيات.

وهؤلاء السجناء لا يمكنهم الوصول إلى أطباء متخصصين في السجن تحت أي ظرف من الظروف، حيث يوجد في السجن فقط طبيب داخلي يعالج الأمراض العادية مثل نزلات البرد.

وإذا كان السجين بحاجة إلى طبيب متخصص في حالات معينة أو في حالات طارئة، فإنه يحتاج إلى إجراء مراسلات مستمرة، ويجب أن تكون الموافقة مشروطة بموافقة إدارة السجن.

وهذه المراسلات قد تستغرق أحيانًا شهرًا كاملًا، ويُسمح للسجين بالتوجه إلى المستشفى خارج السجن فقط إذا تمت الموافقة من السجن والمحكمة، وعلى السجين أن يكون مكبلاً باليدين والقدمين ويرتدي زي السجن، دون مراعاة للمعايير الصحية.

ووفقًا لما ذكره بعض السجناء الذين تم الإفراج عنهم من سجن "كرج" المركزي، فإن الوصول إلى خدمات المساعدة القانونية والحقوقية متاح، لكنه لا يقدم الفائدة المرجوة، وغالبًا ما يكون مجرد إجراء شكلي لا يتسم بالكفاءة.

الأدوية والعلاج

في "عنبر 15"، يتلقى بعض السجناء أدوية مثل حبوب المنوم أو أدوية للأعصاب. كما يتم إعطاء السجناء الذين لديهم تاريخ من الإدمان أدوية مثل "البوبرنورفين" أو "B2" يوميًا.

وفي السنوات الماضية، تم نشر تقارير متعددة عن عدم توفير الرعاية الطبية المناسبة للسجناء السياسيين في إيران، مما يعد انتهاكًا لحقوقهم في الحصول على العلاج المناسب.