بعد نفيها لقاء إيلون ماسك.. اتهامات بالكذب تلاحق "الخارجية الإيرانية" لإرضاء المتشددين
واجه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اتهامات بالكذب؛ لإرضاء المتشددين في إيران، بعد نفيه القاطع، يوم السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، التقارير التي تحدثت عن اجتماع بين سفير إيران في الأمم المتحدة، وإيلون ماسك، مستشار الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
وقد فُسر هذا النفي بشكل واسع على أنه رد فعل على الهجوم، الذي شنته صحيفة "كيهان" المتشددة على الدبلوماسية الإيرانية، بسبب هذا الاجتماع. ففي مقال بعنوان "اجتماع سري مع ممثل ترامب: سذاجة أم خيانة؟"، اتهمت الصحيفة الإصلاحيين ومن سمتهم: "عملاء الحرب الغربية ضد إيران"، بالتمهيد لمفاوضات مع الولايات المتحدة، والتي وصفتها بـ "النظام الإرهابي"، من خلال مثل هذه التحركات.
وتُموّل صحيفة "كيهان" من قِبل مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، ويترأس تحريرها حسين شريعتمداري، المعروف بتشدده، والذي يعتبره الإصلاحيون خصمًا لدودًا.
وقال محمد علي أبطحي، النائب السابق للرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، في تغريدة له، اليوم الأحد: "عزيزي السيد عراقجي، مواقف الشعب يجب أن تكون معيارك، وليس عناوين صحيفة كيهان". وانتقد أبطحي الجهاز الدبلوماسي لصمته ثلاثة أيام عن هذا الاجتماع، وهو موضوع لاقى اهتمامًا كبيرًا، ورآه البعض خطوة محتملة نحو تخفيف العقوبات الأميركية. وأضاف أن المسؤولين لم يصدروا النفي، إلا بعد هجوم "كيهان".
وأضاف أبطحي: "ابقَ وزير خارجية بزشكيان والشعب"، في إشارة إلى ضرورة ألا يبني عراقجي مواقفه على ردود أفعال المتشددين. وأشار إلى أن الشعب انتخب مسعود بزشكيان، وليس خصمه المتشدد، سعيد جليلي.
ومن جانبه، انتقد الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية، حسين سلاح ورزي، موقف الخارجية الإيرانية، عبر تغريدة يوم الأحد، قائلاً: "ليس هناك شيء أكثر بؤسًا من حكومة تُعدل وتعلن مواقفها، استنادًا إلى تهديدات وضغوط من إعلام شعبي وجماعات الضغط".
وقد رحبت وسائل الإعلام الإصلاحية وبعض المحافظين المعتدلين بتقارير اللقاء، وكتبت صحيفة "جمهوري إسلامي" المحافظة، يوم السبت: "قد يمثل هذا اللقاء بداية مسار جديد في سياسة بلادنا الخارجية".
وفي مقابلة مباشرة بثها التلفزيون الرسمي، مساء السبت، نفى عراقجي تقارير الاجتماع بين مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، ومستشار الرئيس الأميركي، إيلون ماسك، وهو اللقاء الذي ذكرته لأول مرة صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الخميس الماضي، وتم تأكيده لاحقًا من قِبل وكالة "أسوشيتد برس" وقناة "سي بي إس نيوز"، مع بعض الاختلافات الطفيفة.
وقال وزير الخارجية الإيراني: "إن التقرير عبارة عن سيناريو ملفق ربما يهدف إلى اختبار رد فعل إيران". وبعد النفي، وجه رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، حسين شريعتمداري، الشكر إلى عراقجي، اليوم الأحد، لكنه أصر على أن نفي ما سماه "الخبر المدمر" جاء متأخرًا.
وأنكر المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، "بشكل قاطع" الاجتماع، فيما بدا أنه مقابلة حصرية مختصرة مع وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا"، يوم أمس السبت.
ولم يعلق ماسك أو فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، على الاجتماع. ويؤكد منتقدون من مختلف الأطياف السياسية أن هذا دليل على أن الاجتماع قد حدث فعلاً، وأن نفي وزارة الخارجية "القاطع" لا يمكن الوثوق به.
وغرد مهدي قاسم زاده، وهو معلق متشدد وناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: "من حق العامة أن يشتبهوا في أن الاجتماع قد تم فعلاً، وكان من المقرر أن يظل سريًا، وأن نفي المتحدث باسم الوزارة جاء فقط لأن الجانب الأميركي اشتكى من التسريب".
وأشار قاسم زاده أيضًا إلى أن التأخير في دحض تقرير "نيويورك تايمز" ساعد في ترسيخ "رواية الإعلام الأميركي" بشأن القضية.
وذكر محمد جواد محمد زاده، المسؤول السابق في حكومة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، في تغريدة، أن نفي الوزارة للاجتماع كان كاذبًا، وأشار إلى "تصحيح" عراقجي لتصريحات بزشكيان حول استعداد إيران لتخفيف التوترات مع إسرائيل، خلال زيارته للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، كمثال آخر على نفي كاذب من حكومة بزشكيان.
وأشار آخرون إلى أن النفي الكاذب من قِبل وزارة الخارجية الإيرانية ليس جديدًا، مستشهدين بعدة أمثلة في السنوات الأخيرة، ومنها نفي إزالة إسرائيل مخزونًا كبيرًا من الوثائق النووية من منشأة قرب طهران عام 2018، ونفي تقارير عن محادثات سرية في عُمان عام 2013 بين مستشار السياسة الخارجية للمرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، والولايات المتحدة، وكذلك نفي مشاركة الحرس الثوري الإيراني في الحرب السورية، إلى جانب قوات بشار الأسد في 2011.