هل يفتح الهجوم الإسرائيلي أبواب سقوط النظام الإيراني؟

أصبح الحديث حول الهجوم المحتمل من إسرائيل، وتأثيره على النظام الإيراني موضوعًا مثيرًا للجدل والنقاش الساخن بين الإيرانيين مؤخرًا. لكن، هل يمكن الجزم بأن هذا الهجوم سيؤدي حتمًا إلى إسقاط نظام طهران؟ أم هل يمكن التأكيد أنه لن يحقق ذلك أبدًا؟

ويعتقد البعض أن الهجوم الإسرائيلي لن يسهم في إسقاط النظام الإيراني، ومِن ثمّ لا ينبغي التعويل عليه، بينما يرى آخرون أن هذا الهجوم قد يؤدي إلى سقوط النظام، ويعتبرون هذا التفاؤل واقعيًا.

إن إصدار حكم قاطع حول تأثير الهجوم الإسرائيلي على مستقبل النظام الإيراني يعد أمرًا غير منطقي؛ فلا يمكن لأحد الادعاء بمعرفة الغيب، وهذا النوع من التنبؤات غالبًا ما يعكس تطلعات شخصية أكثر من كونه مستندًا إلى حقائق ملموسة. وتظهر هذه المواقف لدى جميع الأطراف، سواء المؤيدون أو المعارضون للنظام، حيث يسعى الجميع إلى إسقاط رؤاهم الذاتية على الواقع.

ولنقم بتحليل المسألة بشكل أعمق؛ فأولئك الذين يؤيدون أو يدعمون النظام الإيراني غالبًا ما يصرون على أن النظام لن يسقط بفعل هجوم إسرائيلي. لكن لا يمكن تأكيد هذا الرأي بثقة مطلقة.

ومن المعروف أن الهدف الأساسي لإسرائيل في الوقت الحالي هو الرد على هجمات "الحرس الثوري"، وإضعاف البرنامج النووي الإيراني. ولكن، هذا لا يعني أن مسألة إسقاط النظام الإيراني ليست مطروحة في إسرائيل.

فهناك شخصيات مثل نفتالي بينيت، رئيس الوزراء السابق لإسرائيل، صرحت بأن الوقت الراهن هو الأنسب لإسقاط النظام الإيراني، مؤكدةً أن مثل هذه الفرص لا تأتي إلا كل خمسين عامًا ويجب استغلالها. ورغم أن بينيت لم يعد رئيسًا للوزراء، فإن هذا الرأي لا يزال يحظى بدعم قوي في الأوساط الإسرائيلية.

ويقدم التاريخ لنا شواهد على أن الديكتاتوريات التي تُهزم في الحروب غالبًا ما تتعرض للضعف وتسقط. على سبيل المثال، سلالة رومانوف، التي حكمت روسيا لثلاثة قرون سقطت بعد هزيمة روسيا في حرب 1905 ضد اليابان، كما انهارت الإمبراطوريات الألمانية، النمساوية- المجرية، والعثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وحتى الحكم العسكري الياباني سقط بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية. هذه الوقائع التاريخية توضح أن الهزيمة في الحروب قد تكون مفتاح سقوط الأنظمة الاستبدادية.

وأنا- شخصيًا- أعارض الحرب وأعتبرها أفظع اختراع للبشرية، ولكن، بالنظر إلى الأمثلة التاريخية، فإن الادعاء بأن النظام الإيراني لن تسقط أبدًا بفعل هجوم إسرائيلي، أو أي تدخل خارجي آخر، يعتبر ادعاءً غير علمي، ويتناقض مع سوابق تاريخية واضحة، وفي حال أدى هجوم خارجي إلى هزيمة وإضعاف النظام، فإن احتمال انتفاضة شعبية وسقوط النظام سيزداد.

وعلى الجانب الآخر، الذين يجزمون بأن الهجوم الإسرائيلي سيؤدي بالضرورة إلى سقوط الجمهورية الإسلامية يرتكبون الخطأ نفسه، حتى لو كان لدى أميركا وإسرائيل هذا الهدف، الذي لا يبدو أن له أولوية حاليًا، فلا توجد أي ضمانات بأن النظام سيسقط بعد هجوم خارجي.

والهجوم الذي يمكن أن يسقط نظامًا، مثل نظام صدام حسين أو النظام الإيراني، يعتمد غالبًا على تدخل بري، وهو أمر غير مطروح حاليًا فيما يخص إيران، وربما يكون من الأفضل أن يبقى غير مطروح؛ فقد يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى إضعاف النظام، وإلحاق الأذى بالبنية التحتية الإيرانية، ولكن هذا لا يضمن سقوط النظام.

في النهاية، يمكن القول إن الهجوم الإسرائيلي أو أي حرب محتملة مع إيران قد تؤدي إلى إضعاف النظام وتهيئة الظروف لانتفاضة شعبية. ومع ذلك، من سيُسقط النظام الإيراني في النهاية هو الشعب الإيراني نفسه. وكما أن الجمهورية الإسلامية تستفيد من الظروف الدولية للبقاء، يحق للشعب الإيراني أيضًا استغلال الفرص الدولية لإسقاط هذا النظام.