صحف إيران: مظاهرات الصين.. ولجنة التقصي الحقوقية.. والجدل البرلماني حول قمع كردستان
بالرغم من استمرار المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في إيران واتساع دائرة الإضرابات في عدد من المدن، إلا أن معظم الصحف اليومية تتجاهل هذا الأمر وتحاول التركيز على موضوعات غير هامة إذا ما قورنت بموضوع المظاهرات الشعبية في البلاد.
وحتى التحليلات التي تقدمها الصحف حول الاحتجاجات لا تتسم بالعمق والشفافية تجاه مطالب المتظاهرين، إذ كثيرا ما تختزل الصحف مطالب الشارع في أمور صغيرة تشكل جزءا طفيفا مما يطالب به المتظاهرون في احتجاجاتهم المستمرة منذ أكثر من 70 يوما.
والغريب في الصحف الإيرانية اليوم الاثنين 28 نوفمبر (تشرين الثاني) هو اهتمامها الملحوظ بالمظاهرات التي تشهدها الصين هذه الأيام على خلفية الاحتجاج على قوانين الحجر الصحي، فقد قام عدد من الصحف الإيرانية بنشر صور عريضة للمتظاهرين في الصين وتحدثت عن مطالب المحتجين هناك وتقصير الحكومة في الصين، وهو ما لم يحدث خلال كل هذه الفترة من الاحتجاجات في إيران؛ إذ إنها لم تنشر صورة واحدة وشفافة عن المظاهرات الإيرانية.
فصحيفة "اعتماد" الإصلاحية وشقيقتها "هم ميهن" نشرتا اليوم صورة كبيرة للمظاهرات في الصين وعنونت هذه الأخيرة: "ليلة الصين الغاضبة"، متغافلة عن الغضب في الشوارع الإيرانية على السياسات والتمييز والفساد المستشري في البلاد، فيما كتبت "اعتماد": "تشديد إجراءات كورونا يؤدي إلى غضب عارم في الصين".
ومن الموضوعات التي غطتها بعض الصحف في إيران اليوم موضوع تشكيل لجنة تقصي حقائق من قبل مجلس الأمن الدولي التابع للامم المتحدة لمعرفة أبعاد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وانعكاسات ذلك على الواقع السياسي والاقتصادي المتأزم في البلاد.
ونقلت صحيفة: "آرمان ملي" عن خبراء ومحللين سياسيين قولهم إن تشكيل هذه اللجنة سيضر بسمعة إيران دوليا، كما سيؤثر سلبا من الناحية الاقتصادية، لأن الدول الأخرى سوف تحجم عن التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية مع إيران.
وفي شأن متصل، علقت بعض الصحف مثل "آفتاب يزد" على الجدل الذي أثير في البرلمان الإيراني على خلفية تصريحات نائب مدينة مهاباد الكردية غربي إيران، جلال محمود زاده، والتي طالب فيها رئيس الجمهورية ووزير الداخلية بتحمل مسؤولياتهما، ومحاسبة من قام بإطلاق النار بشكل مباشر على المتظاهرين في المدينة، وتأكيده على أنه حتى الآن سقط 105 قتلى وفق الإحصاءات غير الرسمية و13 قتيلا وفق الإحصاءات الرسمية في مدن محافظة كردستان.
كما عنونت صحيفة "اعتماد" حول هذه التصريحات، وكتبت: "يوم صاخب في البرلمان" مشيرة إلى احتجاج البرلماني محمود زاده حول ممارسات الأمن الإيراني في المدن الكردية والتي شملت قتل المتظاهرين، واعتقال المواطنين دون دليل، والهجوم على المنازل، وتخريب ممتلكات الناس، وترويع السكان، مضيفا أن القضاء الإيراني وبدل متابعة حقوق المواطنين والدفاع عنها يستدعي النائب ويريد محاكمته.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"كيهان": دعوات المصالحة الوطنية "مغالطة" ومن يصف أعمال الشغب بالمظاهرات يساعد المجرمين
هاجمت صحيفة "كيهان" كل من يتعاطف مع الاحتجاجات الشعبية في البلاد، وقالت إن كل من يصف "أعمال الشغب" والاضطرابات الأخيرة في البلاد بأنها "مظاهرات مدنية" يوفر نطاق أمن للمجرمين، موضحة أن بعض الذين يتظاهرون بالإصلاح وصفوا ما يحدث في إيران خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بأنها "مظاهرات مدنية".
وقالت إن هذا الوصف فيه تحريف لحقيقة أعمال الشغب وهو يساعد المجرمين والإرهابيين على تنفيذ جرائمهم، على حد وصف الصحيفة.
كما هاجمت "كيهان" المتشددة كل من يدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات في إيران، واتهمت هؤلاء الشخصيات بأنهم من "المستغربين" الداعمين لأعمال الشغب، كما اعتبرت أن الدعوات إلى "المصالحة الوطنية" "مغالطة"، مؤكدةً أن مثيري الشغب (المتظاهرين) يجب أن يدفعوا ثمنا باهظا ليكونوا عبرة لغيرهم.
"سازندكي": الهدوء نتيجة لتحديث الحكم وليس شرطا له
أشارت صحيفة "سازندكي" إلى تصريحات قبل أيام لرئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، حول عزم النظام القيام بإصلاحات جذرية وجدية بعد عودة الهدوء إلى البلاد وانتهاء الاحتجاجات الجارية وحديثه عن "طريقة حكم جديدة".
وقالت الصحيفة ردا على ذلك إن الهدوء والاستقرار لا يمكن أن يكونا شرطا لتحديث طريقة الحكم، ولكنهما نتيجة لتحديث الحكم وتحسين أساليبه.
ونوهت الصحيفة إلى أن من متطلبات التحديث في نظام الحكم في إيران: إحياء الاتفاق النووي، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وحرية الإعلام، وإحياء دور الأحزاب، وتأسيس إعلام مستقل وخاص، وانتقال المرجعية السياسية إلى أحزاب في الداخل.
"آرمان امروز": المسؤولون لا يسمعون صوت الناس
تناولت صحيفة "آرمان امروز" موضوع الاحتجاجات، وتساءلت بالقول عما إذا كان المسؤولون في إيران قد سمعوا صوت المواطنين وسيلبون مطالبهم أم لا؟
وقالت الصحيفة: "منذ شهرين والمواطنون عازمون على إيصال أصواتهم إلى المسؤولين علهم يجدون مخرجا لهم من الأزمات الجارية في البلاد، لكن ما يظهر من مواقف وتصريحات البرلمان والحكومة يؤكد لنا أن هاتين المؤسستين لم يسمعا بعد بشكل واضح صوت الناس"، موضحة أن ذلك "سيضاعف من اتساع الفجوة بين النظام والشعب".
وقال الناشط الإصلاحي جلال جلالي زاده للصحيفة إن "استمرار الشارع في التظاهر منذ أكثر من شهرين دليل على أن المواطنين في إيران أصبحوا لا يتأملون شيئا من المسؤولين ويعتقدون أن المسؤولين لن يتخذوا أي خطوة لإصلاح الوضع الراهن، موضحا أن هذا هو السبب الرئيسي في عدم إمكانية إنهاء الموجة الاحتجاجية الراهنة خلافا للسنوات الماضية.