واشنطن بوست:المسؤولون الإيرانيون متفقون على ضرورة التعامل مع ترامب خشية الانهيار الاقتصادي
ذكرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها، نقلاً عن محللين سياسيين، أنه مع استئناف المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يوم السبت في سلطنة عمان، يظهر إجماع جديد بين المسؤولين الإيرانيين على أن التعامل مع إدارة ترامب يجب أن يكون أولوية في السياسة الخارجية لطهران.
وبحسب التقرير، فإن هذا الإجماع لا ينبع من شعور بالقوة لدى النظام الإيراني، بل من قلق عميق بين المسؤولين من أن استمرار العقوبات قد يؤدي إلى خطر الانهيار الاقتصادي.
وقالت الصحيفة إن التغطية الإعلامية داخل إيران بشأن هذه المفاوضات، حتى في وسائل الإعلام المحافظة، كانت في الغالب إيجابية، وهو ما يعكس هذا التوافق بين النخب الحاكمة.
وقال غريغوري برو، المحلل المختص بالشأن الإيراني في مجموعة أوراسيا، والذي يتابع الإعلام الإيراني عن كثب، للصحيفة: «من الواضح أن هناك شعورًا بأن قواعد اللعبة قد تغيرت، وهناك إجماع بين النخب على أن التفاوض مع الولايات المتحدة للحصول على تخفيف للعقوبات يجب أن يكون أولوية».
وترى الصحيفة أن هذا التحالف الداعم للتعامل مع واشنطن بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية قد يواجه أول اختبار له مع انطلاق المفاوضات الفنية النووية في عمان يوم السبت.
السبت… يوم القرارات الصعبة
وبحسب التقرير، فإن المفاوضين الإيرانيين، الذين يواجهون منذ سنوات عقوبات اقتصادية مشلّة وضغوطًا عسكرية متزايدة من إسرائيل والولايات المتحدة، سيكون عليهم اتخاذ قرارات بشأن تقديم تنازلات صعبة.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطاب المسؤولين الإيرانيين في الفترة الحالية يختلف بشكل ملحوظ عما كان عليه قبيل التوصل إلى الاتفاق النووي في عام 2015، حينما كان المرشد الأعلى علي خامنئي في صراع مع الرئيس الأسبق حسن روحاني. ورغم أن خامنئي أيد في نهاية المطاف الاتفاق النووي المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، إلا أنه وصفه لاحقًا بأنه “خسارة محضة”، في محاولة للتنصل من المسؤولية.
ونقل التقرير عن مصدر مطّلع على تفكير قادة الجمهورية الإسلامية، أن رغبة طهران في التفاعل مع واشنطن بدأت منذ وصول مسعود پزشکیان إلى السلطة، وازدادت بعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية على إيران وحلفائها في المنطقة، حيث تصاعد الدعم للتعامل مع الولايات المتحدة، وخصوصًا بين كبار القادة العسكريين.
وفي الوقت نفسه، أشارت واشنطن بوست إلى أن خامنئي، ورغم إبقائه الباب مفتوحًا للمفاوضات، لا يزال متشككًا في نوايا الولايات المتحدة.
وكان خامنئي قد صرّح يوم السبت 18 مارس، خلال لقائه بمسؤولي النظام، بأن: «إصرار بعض الحكومات المتغطرسة على التفاوض لا يهدف إلى حلّ المشكلات، بل لفرض إملاءاتها. والجمهورية الإسلامية لن تقبل بمطالبهم بالتأكيد».
ومن المتوقع، كما في الجولتين السابقتين، أن يلتقي كلّ من ويتكاف، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في لقاء قصير يوم السبت 6 أرديبهشت.
مهمة شاقة أمام الفرق الفنية النووية
في هذه الأثناء، تبدأ الفرق الفنية من الجانبين مهمة صعبة لتحديد تفاصيل اتفاق محتمل. وبحسب واشنطن بوست، فإن الاتفاق المرتقب سيقيد، ولو جزئيًا، أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية، ويعزز الرقابة على البرنامج النووي، مقابل تقديم تخفيف في العقوبات المفروضة على إيران.
ويسعى المفاوضون الإيرانيون للحصول على هذا التخفيف من أجل عكس مسار الركود الاقتصادي المستمر منذ سنوات، والانهيار المتواصل للعملة، والتضخم المفرط.
قال ماهان هاشمبور، مالك شركة “ماهان همراه”، إحدى أبرز شركات توزيع الإلكترونيات الاستهلاكية في أصفهان، قال للصحيفة إن إنهاء العقوبات سيسمح للتجار مثله بالوصول المباشر إلى الأسواق الخارجية، ويقوّض الاحتكارات الفاسدة التي ازدهرت في السنوات الأخيرة.
وقد أدّت العقوبات الاقتصادية إلى نشوء سوق سوداء واسعة تضم وسطاء يسهلون الوصول إلى العملات الأجنبية والأسواق العالمية، لكنهم يتقاضون عمولات باهظة مقابل خدماتهم.
وأوضح هاشمبور أن هؤلاء المستفيدين من العقوبات أصبحوا اليوم لوبيًا قويًا يعارض التفاوض مع الولايات المتحدة: "إذا عادت علاقاتنا إلى طبيعتها مع أوروبا، وأميركا، والعالم، فإن بعض الأشخاص سيفقدون مصدر دخلهم، وهذه أكبر مشكلة تواجه إيران حاليًا".