تصاعد الدعوات لطرد المهاجرين الأفغان.. مع تدهور الاقتصاد الإيراني

مريم سينائي
مريم سينائي

صحافية ومحللة سياسية - إيران إنترناشيونال

في ظل تصاعد معدلات التضخم والبطالة، تتزايد الدعوات من قِبل بعض المواطنين والمسؤولين في إيران، لطرد ملايين الأفغان غير الموثّقين والفقراء المقيمين في البلاد؛ بهدف استعادة الوظائف والمساعدات الحكومية للمواطنين الإيرانيين.

وكان وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمنی، قد قال خلال اجتماع لحكام المحافظات، يوم الاثنين 21 أبريل (نيسان) الجاري: "لقد استولوا على العديد من فرص العمل"، في إشارة إلى مخاوف عامة من أن الأجانب يزاحمون الإيرانيين في سوق العمل.

وأضاف مؤمنی أن أكثر من 1.2 مليون مهاجر غير موثّق أُعيدوا إلى بلادهم خلال العام الإيراني المنتهي في 20 مارس (آذار) الماضي.

وفي الاجتماع نفسه، قال رئيس مركز شؤون الأجانب والمهاجرين في وزارة الداخلية، نادر یار احمدي، إن 6.1 مليون أفغاني يقيمون حاليًا في إيران. إلا أن التقديرات غير الرسمية التي أدلى بها نواب وصحافيون تشير إلى أن العدد قد يصل إلى 15 مليونًا.

وغالبًا ما تستخدم السلطات ووسائل الإعلام الإيرانية مصطلح "الأجانب"، كناية عن المواطنين الأفغان تحديدًا.

وبدأ توافد الأفغان إلى إيران كلاجئين في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، ثم لحق بهم لاحقًا مهاجرون لأسباب اقتصادية. وحتى عودة حركة "طالبان" إلى السلطة في أفغانستان عام 2021، لم يكن عددهم يتجاوز مليوني شخص في العادة.

وهناك نحو 780 ألف أفغاني فقط يحملون صفة لاجئ رسميًا، ولا يُعتبرون من المقيمين غير القانونيين. وهناك أقلية صغيرة من الأفغان الأثرياء، الذين فرّوا بعد سيطرة "طالبان"، لكن الغالبية العظمى مهاجرون اقتصاديون غير موثقين، يعملون بأجور منخفضة في قطاعات، مثل الزراعة والبناء، ويعيشون مع أسرهم أو بمفردهم.

وتصاعدت المشاعر المعادية للأفغان بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية؛ حيث تتصدر الوسوم، مثل "طرد الأفغان مطلب وطني" قائمة "التريند" في إيران بانتظام.

ويحمّل مؤيدو طرد الأفغان الحكومة مسؤولية تمكينهم من الاستفادة من مليارات الدولارات من الدعم المخصص للغذاء والوقود والخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم.

فبالإضافة إلى المدفوعات النقدية الشهرية لما يقرب من 90 مليون إيراني، تدعم الحكومة بشكل كبير السلع الأساسية، مثل الخبز والوقود. وتخصص ميزانية السنة المالية الحالية 2,500 تريليون ريال من أصل 64,000 تريليون ريال لدعم الخبز فقط.

ولا توجد بيانات رسمية تحدد حجم الدعم، الذي يتلقاه المهاجرون الأفغان بشكل مباشر.

ومع ذلك، قال النائب البرلماني، حمید رضا عزیزی، ممثل دائرة "إقليد" في محافظة فارس الجنوبية، في كلمة أمام البرلمان الإيراني: "إن الحكومة تنفق ما يقرب من 7,000 تريليون ريال على دعم الطاقة والغذاء والدواء وتعليم الأطفال الأفغان". وأضاف: "في دائرتي الانتخابية، سيطر المواطنون الأفغان على سوق العمل بالكامل، ما حرم الإيرانيين من فرص العمل".

ويبلغ معدل البطالة الرسمي في إيران 7.6 في المائة، لكن كثيرين يعتقدون أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير؛ حيث تعتبر الحكومة أي شخص يعمل ساعة واحدة أسبوعيًا موظفًا.

وفي الوقت نفسه، يعيش ما لا يقل عن ثلث الإيرانيين تحت خط الفقر، وتستمر الإضرابات العمالية في قطاعات مختلفة بسبب تأخر الأجور.

وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد تعهد خلال حملته الانتخابية، بتشديد الرقابة على الحدود، وتسجيل المهاجرين غير الموثقين، والسعي للحصول على دعم من الدول الأوروبية، إما عبر قبول بعض اللاجئين أو تقديم مساعدات مالية.

وأشار الرئيس الإيراني إلى أن السياسات الغربية في أفغانستان هي التي دفعت بملايين الأفغان إلى بلاده، وأنه على من تسبب في الأزمة تحمل تبعاتها.

وكتب بزشكيان في سلسلة تغريدات قبل الانتخابات: "لا يوجد سبب يدعو الشعب الإيراني لتحمّل تبعات السياسات الفاشلة للآخرين".