صحيفة إيرانية: أشخاص "بدافع ثوري" قدموا أموالا للضغط على قادة الحرس الثوري لمهاجمة إسرائيل
وجهت صحيفة "فرهيختغان" الأصولية الإيرانية انتقادات لاذعة إلى جهات داخلية، قالت إنها تسوّغ أفعالها بذريعة "الدافع الثوري"، ووصفتهم بأنهم "شبكة إلكترونية" تتقاضى الأموال لممارسة الضغط على قادة الحرس الثوري بسبب عدم ردهم على آخر هجوم إسرائيلي.
وفي مقدمة هؤلاء، جاء القائد السابق لمقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري، سعيد محمد، بوصفه من داعمي "مؤسسة مصاف"، التي يديرها علي أكبر رائفي بور، وهي حركة اتهمتها الصحيفة بأنها تقود ضغطًا إعلاميًا وسياسيًا على الحرس الثوري، والجهاز القضائي، وسلطات أخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما يُعرف بالقوى "القيمية" (التي تُحسب على التيار الأصولي المتشدد) تعرضت في الفترة الأخيرة لتعاملات قضائية وأمنية.
ونشرت "فرهيختغان"، في صفحتها الأولى من عدد الخميس 25 أبريل (نيسان) 2025، تقريرًا بعنوان "أثر المال القذر على الشبكات الإلكترونية"، هاجمت فيه ما وصفته بـ "شبكة إلكترونية تتلقى المشاريع مقابل أجر"، وقالت إنها بدأت تضغط على أقسام في النظام كانت تُعتبر سابقًا "خطًا أحمر".
ورغم أن الصحيفة لم تذكر أسماءً بشكل صريح، فإن الأوصاف التي استخدمتها، مثل "صاحب حساب بصورة طفل يضع كمامة ولديه نحو 100 ألف متابع"، تنطبق بدقة على حساب باسم "آدم" في منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، والذي ردّ على التقرير لاحقًا.
وذكرت الصحيفة أن هذا الشخص، المنحدر من مدينة همدان والمقيم في قم، يستخدم حساب زوجته الأجنبية لتحويل الأموال، ويملك ارتباطات مع تيارات سياسية ومؤسسات "شعبية ظاهريًا".
وكان اسم هذا المستخدم قد طُرح سابقًا ضمن مجموعة مستخدمين عُرفوا بقضية "جهاد الفاتورة"، حيث كشف أن تغريدات أُطلقت بعد منشور من رائفي بور عن وسم "HERO" (تكريمًا للقائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني)، لم تكن تطوعية، بل قُدمت فواتيرها إلى جهات داعمة لتسديد قيمتها.
الضغط المالي على الحرس الثوري لمهاجمة إسرائيل
أضافت "فرهيختغان" أن عدم التصدي لهذه "الشبكة الإلكترونية المستأجرة" وصل إلى حد أن أفرادها لم يتورعوا عن مهاجمة قادة عسكريين وسبّهم بذريعة ما سموه "التراخي في الرد على إسرائيل".
وأكدت الصحيفة أن هذه المجموعة مرتبطة بالخارج، وأن "حملة التشويه ضد القادة العسكريين؛ بهدف دفعهم لرد متسرع وغير محسوب، على الكيان الصهيوني (إسرائيل)، لم تكن نابعة من الداخل بل موجّهة من خارج البلاد".
وتطرقت الصحيفة إلى انتقادات هذه المجموعة للجهاز القضائي، واستشهدت بهجماتهم على شخصيات مثل رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، ورئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجئي، وبعض رؤساء إيران السابقين والمراجع الدينية.
مؤسسة "مصاف" والتيارات الأصولية الحديثة
يعاني التيار الأصولي في إيران، منذ سنوات، تحولات وانقسامات داخلية، وقد ظهرت عدة تيارات، مثل "جبهة الصمود" بقيادة صادق محصولي ومرتضى آقا تهراني، و"تيار الشريان" بقيادة مهرداد بذرباش وحميد رسائي، و"تيار مصاف" بقيادة علي أكبر رائفي بور، وسعيد محمد.
ويبدو أن تقرير "فرهيختغان" يركّز هجومه على تيار "مصاف".
ويُعرف الشخص المشار إليه في التقرير بأنه من أبرز المؤيدين لهذا التيار، كما أن الإشارة إلى "مؤسسة شعبية ظاهريًا" تتطابق مع مؤسسة "مصاف".
وقد أُسست مؤسسة "مصاف" الإيرانية عام 2011، واسمها اختصار لـ (محاربة الصهيونية، الإنسانية، والماسونية).
وخرجت الشخصية، التي كانت خلف هذا التيار، إلى العلن قبيل انتخابات البرلمان الإيراني الثاني عشر، وهو قائد مقر خاتم الأنبياء الشاب، سعيد محمد، الذي استقال من الحرس الثوري عام 2021 بغرض الترشح للرئاسة، لكن مجلس صيانة الدستور رفض ترشيحه.
تأديب الأصوليين
خلال الأسابيع القليلة الماضية، برزت دعوات متزايدة من وسائل إعلام التيار الأصولي التقليدي وبعض الإصلاحيين إلى "الوحدة" و"الامتثال للقيادة". في المقابل، هاجمت التيارات الأصولية الحديثة، مثل التي أشارت إليها "فرهيختغان"، هذا التوجه، واتهمت من يدعون للوحدة بأنهم يصطفون مع "المنافقين" (مصطلح يستخدم ضد المعارضين أو الإصلاحيين).
ورغم انتقادات "فرهيختغان"، فيبدو أن النظام الإيراني قد بدأ منذ مطلع عام 2025 في اتخاذ خطوات جدية لمعاقبة هذه التيارات الأصولية الجديدة.
ففي الأسبوع الثاني من أبريل الجاري، تصدت قوات الأمن بشكل عنيف لاعتصام ليلي استمر عدة أسابيع أمام البرلمان، نفذه أنصار "الحجاب الإجباري"، وأعلنت محافظة طهران أن أي تجمع غير مرخّص سيواجه وفقًا للقانون.
كما تم لاحقًا اعتقال عناصر من برنامج تلفزيوني بعد أن تضمن محتواه إساءة إلى الخليفة الأول لدى أهل السُّنة (أبي بكر الصدِّيق).