"الرسائل المبهمة" لإدارة ترمب حول المفاوضات مع إيران تثير ارتباكا في واشنطن
تتزايد المناقشات في واشنطن حول المحادثات مع إيران، حيث يحث الجمهوريون المتشددون على عدم المهادنة مع الحكام الدينيين في إيران، بينما يرى بعض المراقبين أن الرئيس المتقلب قد يحظى بفرصة تاريخية لإبرام اتفاق مع طهران.
وكشف النقاش عن انقسامات غير متوقعة؛ حلفاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنفسهم منقسمون، بينما أشاد بعض المعارضين الديمقراطيين الدائمين للرئيس بحذر بنهجه، مما يبرز عدم القدرة على التنبؤ باللحظة الدبلوماسية الحالية.
وقال روبرت مالي، المبعوث الأميركي السابق لإيران في إدارة بايدن، والذي تم تهميشه بسبب مزاعم سوء التعامل مع معلومات سرية، لصحيفة "فري بيكون" إنه "متفائل" بشأن المحادثات النووية القادمة التي سيقودها ترامب مع إيران.
في المقابل، يطلق المعارضون التقليديون للدبلوماسية مع إيران تحذيرات. وقد نشر السيناتور الجمهوري تيد كروز على منصة "إكس" أن "أي شخص يحث ترامب على إبرام صفقة أخرى مع إيران على غرار صفقة أوباما يقدم نصيحة سيئة للغاية للرئيس"، داعياً إلى دعم موحد لفكرة أن إيران يجب ألا تمتلك سلاحاً نووياً أبداً.
وأعرب نواب جمهوريون متشددون آخرون عن نفس الرأي. في الأيام الأخيرة، أرسلت مجموعة من أعضاء الكونغرس الجمهوريين رسالة إلى ترامب، تحثه على السعي لتفكيك برنامج إيران النووي بالكامل على غرار نموذج ليبيا، وهو نهج يتجاوز بكثير شروط الاتفاق النووي الأصلي.
ونشرت نيكي هيلي، سفيرة ترامب السابقة لدى الأمم المتحدة، عبر الإنترنت أنها سبق أن أثارت مخاوف بشأن تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية، قائلة: "لا مكان لمتعاطفين مع إيران في فريق الأمن القومي الأميركي".
الرسائل المبهمة تثير ارتباكا
لكن الانقسام قد يكون متجذراً في ترامب نفسه، وفقاً لقول جريج برو، محلل شؤون إيران في مجموعة يوراسيا.
وقال برو: "حقيقة أن ترامب هو من يقود الجهود لإبرام صفقة جديدة مع إيران، بينما هو نفسه انسحب من الاتفاق النووي الأصلي في عام 2018، ووصفه بأنه أسوأ صفقة في التاريخ، تجعل الأمر أكثر إرباكاً. هناك احتمال لا بأس به بأنه يفضل العودة إلى صفقة تشبه إلى حد كبير الاتفاق النووي الأصلي".
في وقت سابق من هذا الشهر، بدا ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، في حديثه على قناة "فوكس نيوز" وكأنه يوحي بأن الاتفاق النووي سيسمح لطهران بتخصيب اليورانيوم. لكنه في اليوم التالي تراجع عن تصريحاته وتبنى موقفاً أكثر تشدداً.
ونقل الحساب الرسمي لويتكوف على "إكس" قوله: "لن يتم إبرام صفقة مع إيران إلا إذا كانت صفقة ترامب"، مضيفاً أن على طهران إنهاء تخصيبها النووي.
وأضاف برو أن "الرسائل المبهمة من فريق ترامب تثير ارتباكاً لدى الحزبين".
وقال: "لديك حلفاء لترامب يكرهون فكرة الدبلوماسية مع طهران، ويدعمون بقوة حلاً عسكرياً، وربما حتى تغيير النظام في إيران. لكن ترامب نفسه قال في مناسبات عديدة إنه غير مهتم بتغيير النظام، وإنه يريد أن تنجح إيران، مما يثير ارتباك هذه المجموعات".
تغير المشهد السياسي
قال أليكس فطانكا، مؤسس برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، لـ"إيران إنترناشيونال" إن المشهد السياسي في عام 2025 يختلف كثيراً عما كان عليه عندما تم التفاوض على الاتفاق النووي لأول مرة في عام 2015.
وأوضح فطانكا: "الجمهوريون يشكلون الأغلبية، وهو حزب جمهوري لا يريد حقاً أن يقول لا للرئيس ترامب. من المحتمل أن يكون لديه أفضل فرصة يمكن أن أتخيلها لأي رئيس خلال السنوات العديدة الماضية، إن لم يكن عقوداً".
وأشار فطانكا إلى أن المقربين من ترامب حالياً يدفعون باتجاه الدبلوماسية، وليس المواجهة.
وقال: "في الوقت الحالي، مع هذه المحادثات الجارية، يبدو أن الأشخاص الذين يدعون إلى الدبلوماسية هم من لديهم آذان الرئيس دونالد ترامب".
ومع تقدم المفاوضات ببطء، قد تحدد حسابات ترامب السياسية الخاصة - وكيفية تعامله مع وجهات النظر المتنوعة في الجبهة الداخلية - ما إذا كانت الدبلوماسية الأميركية ستنجح أم ستنهار تحت وطأة تناقضاتها الذاتية.