وسط رفض واسع.. الحكومة الإيرانية تمنع إقامة مهرجان "كوتشة" الموسيقي وتنقله إلى قاعة مغلقة

بعد الاحتجاجات الواسعة على إلغاء مهرجان الموسيقى المحلية "كوتشة" بضغط من خطيب جمعة مدينة دشتستان، أعلنت إدارة الثقافة والإرشاد في بوشهر، جنوبي إيران، عن إقامته في "قاعة ليان".

يأتي هذا القرار في الوقت الذي كان يُعقد فيه المهرجان خلال السنوات الماضية بشكل شعبي وفي الأماكن العامة بمحافظة بوشهر.

وأعلن محمد حسين زندويان، القائم بأعمال إدارة الثقافة والإرشاد بمحافظة بوشهر، يوم الاثنين 21 أبريل (نيسان)، أنه تم إصدار تصريح لإقامة مهرجان الموسيقى "كوتشة" في "قاعة ليان" بمدينة بوشهر.

وأوضح زندويان أن المهرجان لم يكن قد حصل على تصريح مسبق حتى يمكن إلغاؤه، وأنه الآن، بعد استيفاء الإجراءات القانونية، تمكن من الحصول على التصريح اللازم.

وتأتي الجهود لإقامة هذا الحدث الفني في فضاء مغلق بـ"قاعة ليان" في وقت كان المهرجان يُعقد فيه سابقًا بشكل شعبي وفي الأماكن العامة بمحافظة بوشهر.

ومن المقرر أن يُعقد المهرجان الموسيقي المحلي الجنوبي الرابع باسم "كوتشة" في الفترة من 24 إلى 30 أبريل (نيسان).

وذكرت وكالة "إيسنا" في تقرير لها بتاريخ 20 أبريل أن المهرجان تم إلغاؤه بضغط من حسن مصلح، خطيب جمعة مدينة دشتستان.

ووصف مصلح، خلال خطبة صلاة الجمعة يوم 18 أبريل، المهرجان بأنه "مشهد من التسيب والابتذال الثقافي والوقاحة".

وقال: "مهرجان كوتشة، تحت شعار زائف وهو "إنشاد رباعيات الخيام" وتعزيز الثقافة التقليدية والأصيلة لبوشهر، أصبح ذريعة لتعزيز الاختلاط والرقص وخلع الحجاب وكسر الخطوط الحمراء للشرع والعرف، وهو عمل يذكّر بأداء مؤسسة فرح بهلوي".

وأشارت "إيسنا" في تقريرها إلى إلغاء المهرجان، وكتبت: "مؤخرًا، تم إلغاء عدة حفلات موسيقية أخرى رغم حصولها على تصاريح، ويبدو أن من السهل خرق قانون أقرته جهة عليا مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية. في الواقع، يبدو أن وثائق مثل وثيقة الموسيقى الوطنية ليس لها ضمانات تنفيذية".

وقالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، في مقابلة مع "هم‌ ميهن أونلاين" يوم 21 أبريل: "تم إصدار التصريح اللازم من إدارة الثقافة والإرشاد الإسلامي بالمحافظة، ونحن الآن في انتظار إصدار تصريح الأماكن".

وأكدت أن المتابعات اللازمة جارية، وأن المحافظ بنفسه، بصفته رئيس مجلس الأمن بالمحافظة، يتابع القضية.

وذكرت وكالة "فارس"، التابعة للحرس الثوري، أن إلغاء المهرجان جاء بسبب "عدم الالتزام بالحجاب، والاختلاط والرقص".

وكتبت الوكالة: "بعد توقف بسبب كورونا، تسببت صور غير لائقة لخلع الحجاب والرقص والاحتفالات خارج العرف المحلي والاختلاط في إثارة الجدل حول هذا المهرجان".

وكتب الصحفي في مجال الموسيقى، بهمن بابازاده، يوم 20 أبريل (نيسان) على حسابه في منصة "إكس" أن مهرجان "كوتشة" أُلغي بعد هجمات لاذعة من خطيبي جمعة في محافظة بوشهر خلال خطب صلاة الجمعة.

وأثار خبر إلغاء المهرجان الموسيقي، قبل أربعة أيام من موعد إقامته، ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

قائد فرقة ليان الموسيقية: "كوتشة" لا يمكن إغلاقه

أشار محسن شريفيان، قائد فرقة ليان الموسيقية، في مقطع فيديو نشره على "إنستغرام" إلى إلغاء مهرجان الموسيقى المحلية الجنوبية، وقال: "كوتشة لا يمكن إغلاقه. سأتوجه إلى بوشهر مع جميع أصدقائي وسنستقبلكم. ألم ننظم الأعراس في منازلنا خلال فترة القمع في عهد لجان الثورة؟ سننظمها الآن أيضًا".

وكتب في تعليق الفيديو: "كوتشة لم يكن بحاجة إلى تصريحكم... لقد احترمنا فقط. من 25 أبريل، ستُفتح أبواب البيوت البوشهرية أمام ضيوف مهرجان كوتشة".

وكتبت صفحة "إنستغرام" مهرجان "كوتشة" الشعبي، ردًا على إلغاء برنامج هذا العام: "دون أي غضب أو سخرية، نهنئ الطرف الفائز. إنه نصر رخيص، لكن نهنئكم".

"إنهم أعداء الحياة"

وكتب علي شريفي زارتشي، أستاذ جامعي في جامعة "شريف للتكنولوجيا"، على منصة "إكس": "العيش بفرح هو حق الشعب. إلغاء مهرجان كوتشة في بوشهر معادٍ لإيران ومناهض للثقافة والحضارة".

وكتب أحد مستخدمي "إكس" ردًا على إلغاء المهرجان: "إذن، نستنتج أن الخضوع لكل شيء لا يؤدي إلى نتيجة، يا أصدقاء".

واحتجت مطهرة غونه ‌إي، ناشطة طلابية سابقة وسجينة سياسية سابقة، على إلغاء هذا الحدث الفني بضغط من خطباء الجمعة، وكتبت: "إنهم يكرهون ويخافون من كل ما يُشعل حماس الشعب. لأنهم أعداء الفرح والضحك والرقص والحياة. هكذا يخنق نظام "ولاية الفقيه" الشعب في مستنقع التعصب والخضوع".

مجلس صلاة الجمعة ينظم مهرجانًا دينيًا في المحافظة

في خضم الجدل حول إلغاء مهرجان الموسيقى "كوتشة"، أعلن يعقوب بهمياري، مدير مجلس سياسات خطباء الجمعة في بوشهر، يوم الاثنين 21 أبريل، عن إقامة مهرجان "قلب المدينة" في المحافظة.

وقال بهمياري إن المهرجان يهدف إلى "تحديد وتسليط الضوء على النماذج الناجحة لاستضافة وتنظيم مراسم صلاة الجمعة" و"إضفاء الهوية على مجالس صلاة الجمعة".

وأضاف: "تضم محافظة بوشهر 25 خطيب جمعة في مدن مختلفة، يلعبون دورًا مهمًا في القطاعات والمجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وفي معالجة وحل مشكلات المجتمع".

القمع المتكرر

في مارس (آذار)، أعلن منظمو النسخة الثالثة من مهرجان الموسيقى "كوتشة" أن الضغوط الأمنية حالت دون إقامة العروض الختامية ومراسم الاختتام.

خلال الأشهر الماضية، شهدت إيران موجة جديدة من التعامل مع الفنانين، خاصة المغنيات النساء، بالتعاون الواسع بين الجهاز القضائي ومؤسسات الأمن التابعة للنظام الإيراني، ووصف كثيرون هذا التصرف بأنه "محاولة من النظام لخنق صوت النساء".

وأدانت منظمات حقوق الإنسان الدولية في السنوات الماضية مرارًا قمع الفنانين في إيران.

وتصاعد هذا القمع منذ بداية انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية" في سبتمبر (أيلول) 2022، وتكثف في الأشهر الأخيرة.

وفي واحدة من أكثر الحالات إثارة للجدل، والتي أثارت احتجاجات واسعة من الفنانين والناشطين المدنيين، أصدر الجهاز القضائي الإيراني حكمًا على المغني المعارض مهدي يراحي بـ74 جلدة بسبب غنائه أغنية احتجاجية بعنوان "وشاحك".