ردود فعل الصحف الإيرانية على المفاوضات: ترحيب بالتقدّم وتحذير من عداء أميركا

في اليوم التالي لمفاوضات روما، رحّبت الصحف الإيرانية، سواء المحسوبة على التيار الأصولي أو الإصلاحي، بالتقدم السريع في المحادثات بين واشنطن وطهران، وأعلنت دعمها لفريق التفاوض.

في الوقت نفسه، ركزت الصحف الأصولية هجماتها على المعارضين الإيرانيين المقيمين في الخارج، محذّرة من العداء الجوهري للولايات المتحدة تجاه النظام الإيراني.

صباح الأحد 20 نيسان/أبريل، خصّصت صحف طهران تقييماتها للجولة الثانية من المفاوضات بين إيران وأميركا في روما، وقدّمت تصوّراتها حول مستقبل هذه المحادثات. الصحف الإصلاحية اعتبرت، بتفاؤل حذر، انتقال المفاوضات إلى المرحلة الفنية مؤشّرًا على تقدمها السريع.

في المقابل، دعمت الصحف الأصولية فريق التفاوض التابع لحكومة الإصلاحي مسعود بزشكيان، لكنها وجّهت انتقادات حادة إلى لوبيات ومجموعات الإيرانيين في الخارج الرافضين للاتفاق، وكرّرت تحذيراتها بشأن ما وصفته بـ”عداء أميركا المبدئي” للجمهورية الإسلامية.

صحيفة “هم‌میهن”: المؤسسات الرئيسية للسلطة في إيران وإسرائيل ملتزمة بحلّ الخلافات

كتبت صحيفة هم‌میهن الإصلاحية، المقرّبة من تيار “كاركزان سازندگی” (كوادر البناء)، في افتتاحيتها بعنوان “معنى الدخول في المرحلة الفنية”، أن دخول المفاوضات إلى هذه المرحلة يُشير إلى التفاهم على الإطار العام، بما في ذلك الإبقاء على التخصيب كهدف للجمهورية الإسلامية، لكنها شددت على أن التوصل إلى اتفاق نهائي يعتمد على تحديد التفاصيل خلال المباحثات الفنية.

وأكد كاتب الافتتاحية أن “هذه المرحلة لا تضمن التوصل إلى اتفاق نهائي”، إذ من الممكن أن تنجح المفاوضات أو أن تتوقف.

وبحسب المقال، فإن “الأنباء غير الموثوقة حول فشل المفاوضات” تعكس في الغالب محاولات الأطراف المعارضة لإفشال مسار الحوار.

وترى الصحيفة أن “في كلّ من إيران وإسرائيل، هناك جماعات ترحّب بفشل المفاوضات”، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أن “المؤسسات الرئيسية للسلطة في البلدين ملتزمة بحلّ الخلافات دون اللجوء إلى القوة”.

وتوقعت "هم‌میهن" أن تؤدي المرحلة الفنية من المفاوضات إلى انتقالها من الشكل غير المباشر إلى المباشر، لأن نقل التفاصيل الدقيقة عبر وسطاء يُعدّ أمرًا معقّدًا ويستغرق وقتًا غير منطقي.

فرهيختكان: تحذير من اللوبيات الداعمة للعداء بين إيران والولايات المتحدة

حذّرت صحيفة فرهيختكان، التابعة لجامعة آزاد والمعروفة بعكس مواقف التيار الأصولي المعتدل، في تقريرها الرئيسي بعنوان “لوبيات التوتر”، من تأثير لوبيات وشخصيات محورية تسعى، بحسب تعبيرها، إلى التأثير السلبي على مسار المفاوضات بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.

وجاء في التقرير أن المباحثات التي دخلت مرحلتها الفنية تواجه عقبات من جهات مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك)، وتحالف “متحدون ضد إيران نووية”، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ومعهد غيتستون.

ووصفت الصحيفة هذه الجهات بأنها “لوبيات إسرائيلية”، معتبرة أنها تُوجّه السياسة الخارجية الأميركية بما يخدم مصالح إسرائيل ويُضر بالجمهورية الإسلامية.

وادعت فرهيختكان، من دون تقديم أدلة، أن هذه المجموعات “تموّل بأنشطة بموازنات ضخمة”، وتستخدم أدوات مثل “الضغط على الكونغرس، إنتاج تقارير منحازة، والتعاون مع الأجهزة الاستخباراتية”، للمساهمة في “العقوبات القصوى، الانسحاب من الاتفاق النووي، وعزل الجمهورية الإسلامية اقتصاديًا”.

وأضافت الصحيفة أن بعض الأفراد في الخارج يعملون على “نشر معلومات مضللة” و”تحريض الرأي العام”، مما يُضعف المفاوضات.

واعتبرت فرهيختكان أن هذه اللوبيات والمؤسسات والأشخاص، من خلال تركيزهم على الملفات النووية وحقوق الإنسان والدور الإقليمي للجمهورية الإسلامية، يصوّرون إيران كـ”تهديد”، ويعزّزون العداء مع الولايات المتحدة عبر دعم سياسات مثل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.

شرق: تفاؤل الإصلاحيين بتسارع وتيرة المفاوضات

خصصت صحيفة شرق الإصلاحية تقريرها الرئيسي لقراءة أجواء المفاوضات الجارية، حيث أجرت مقابلات مع أربعة ناشطين وشخصيات بارزة في التيار الإصلاحي سبق أن تولّوا مناصب في حكومات سابقة أو داخل الأحزاب والتيارات السياسية.

واعتبر حسين نوراني‌نژاد، الناشط السياسي الإصلاحي، أن الدعم الكامل من قبل النظام والمجتمع للمفاوضات يُعزّز فرص التوصّل إلى اتفاق، مشددًا على أهمية اعتماد العقلانية، الشفافية، والطابع غير الفئوي في إدارة هذه المباحثات.

أما محمدصادق جوادي‌حصار، فرأى أن المفاوضات تقترب من نقطة توازن، وأكد أنه في حال استمرار الحوارات الثنائية من دون تدخلات معرقِلة من أطراف مثل إسرائيل، فستحقق الجمهورية الإسلامية مكاسب مهمة. كما اعتبر أن دور أوروبا في تفعيل آلية الزناد بات ضعيفًا.

من جهته، الوزير في حكومة حسن روحاني، عبّاس آخوندي، أعرب عن تفاؤله، واعتبر أن الظرف الراهن يُعدّ فرصة مناسبة للتوصّل إلى اتفاق تاريخي، متوقّعًا أن تتسارع وتيرة المفاوضات في المرحلة المقبلة.

صحيفة المرشد: القدرة النووية والصاروخية هي التي أرغمت الأميركيين على التفاوض

رأت صحيفة كيهان، المحسوبة على المرشد علي خامنئي، في تقرير بعنوان "المفاوضات والتاريخ المقبل"، أن المحادثات بين طهران وواشنطن تجري في سياق ثلاثية تاريخية استخدمها “المستعمرون” للضغط على الشعوب، وهي: المفاوضات، والعقوبات، والحرب، معتبرة أن “التهديدات الكاذبة” أو ما وصفته بـ”الدعاية السياسية الفارغة ” هو أقوى أدوات هذا النهج.

واستندت الصحيفة إلى أقوال منسوبة إلى هنري كيسنجر، وإلى قراءات من تاريخ العلاقات الإيرانية الأميركية، لتصوير الولايات المتحدة على أنها بلد “لا يمكن الوثوق به”، حتى من قِبل حلفائه، وتأكيد أن “العناصر المخترقة” لديها تاريخ صلاحية قصير وتُستَبدل عند الضرورة.

وانتقد كاتب التقرير ما وصفه بـ”الازدواجية” لدى بعض الأطراف في الداخل الإيراني الذين يتهمون منتقدي التنازلات الوطنية بأنهم “تجّار العقوبات”، بينما هم أنفسهم يربحون من تقلبات السوق، ويرى أن هذه الجماعات تستخدم المفاوضات كأداة لـ”ربط الاقتصاد بالإشارات السياسية” وخداع الشعب.

وإذ ذكّر الكاتب بتجربة الاتفاق النووي السابقة، وبالتحذيرات المتكررة من المرشد الأعلى حول عدم الثقة بأميركا، أكد أن التفاوض هو جزء من مهام وزارة الخارجية، لا أن يتحوّل إلى المحور الأساس في سياسات الحكومة.

واعتبرت الصحيفة أن فريق التفاوض الإيراني ناجح لكنه بحاجة إلى يقظة تامة أمام ما وصفته بـ”خدع الأميركيين”، ووصفت كتاب بدون خوف لويندي شيرمن بأنه وثيقة تكشف “الروح غير النزيهة” للسياسة الأميركية.

وختمت كيهان بالقول إن التهديدات الأميركية “جوفاء” وتعكس سعي واشنطن للتفاوض من أجل كسب الشرعية، مؤكدة أن “القدرة الصاروخية والنووية، ومحور المقاومة، هي التي أرغمت العدو على الجلوس إلى طاولة التفاوض”، وطالبت فريق التفاوض بالمطالبة بـ”حقوق الشعب الإيراني” بكل حزم وقوة.