"نيويورك تايمز": "إشارات من طهران" عطلت دعما أميركيا لهجوم إسرائيل على منشآت إيران النووية

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر أن إسرائيل خططت لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، ربما في الشهر المقبل، بمساعدة الولايات المتحدة، لكن بعد خلافات داخل إدارة ترامب، قرر الرئيس الأميركي إيقاف هذه الخطة، مفضلاً التفاوض لتقييد البرنامج النووي لطهران.

ووفقاً لتقرير الصحيفة، المنشور مساء الأربعاء 16 أبريل (نيسان)، استند القرار إلى تصريحات مسؤولين في الحكومة الأميركية ومصادر مطلعة، حيث اتخذ ترامب هذا القرار بعد شهور من النقاشات الداخلية في إدارته.

وأشار التقرير إلى أن النقاش دار حول ما إذا كان يجب على واشنطن، في ظل الضعف العسكري والاقتصادي للنظام الإيراني، اتباع الدبلوماسية أم دعم عملية إسرائيل لتأخير قدرة طهران على صنع قنبلة نووية.

وكتبت "نيويورك تايمز" أن الخلافات كشفت عن انقسام بين تيارين في إدارة ترامب؛ تيار يرى ضرورة تدمير البرنامج النووي الإيراني عسكرياً، وآخر أكثر حذراً يشكك في إمكانية القضاء على طموحات إيران النووية عبر هجوم عسكري دون التسبب بحرب أوسع.

إشارات من طهران

وأفادت الصحيفة أنه بعد ظهور "إشارات من طهران" على استعدادها للتفاوض، تشكل توافق في الحكومة الأميركية على تجنب الهجوم العسكري.

وأبلغ الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، المسؤولين الإسرائيليين خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل أن البيت الأبيض يريد من تل أبيب إيقاف خطة الهجوم على المنشآت النووية.

وبعد ذلك، في 3 أبريل (نيسان)، اتصل نتنياهو بترامب، لكن الأخير رفض مناقشة إيران هاتفياً ودعاه إلى البيت الأبيض.

وصل نتنياهو إلى واشنطن في 7 أبريل، وعلى الرغم من أن زيارته بدت لمناقشة الرسوم التجارية، كان الموضوع الرئيسي بالنسبة لإسرائيل هو خطة الهجوم على إيران.

ومع ذلك، أثناء وجود نتنياهو في البيت الأبيض، أعلن ترامب بدء المفاوضات مع طهران، وقال له في محادثات خاصة إنه لن يدعم هجوم إسرائيل على إيران في مايو (أيار) حتى تجرى المفاوضات.

لكنه في اليوم التالي قال: "إذا لزم الأمر اتخاذ إجراء عسكري، سنفعل ذلك، لكن إسرائيل ستتولى القيادة".

بعد عودة نتنياهو، أرسل ترامب جون راتكليف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، إلى إسرائيل، حيث التقى نتنياهو ورئيس الموساد وناقش خيارات مواجهة إيران.

وتضمنت المناقشات خيارات مثل عمليات سرية إسرائيلية بدعم أميركي وتشديد العقوبات.

ووفقاً لـ"نيويورك تايمز"، وضع المسؤولون الإسرائيليون في الأسابيع الأخيرة خططاً لمهاجمة المواقع النووية الإيرانية في الشهر المقبل، بهدف تأخير تقدم البرنامج النووي الإيراني لمدة عام على الأقل.

وأشار التقرير إلى أن معظم هذه الخطط تطلبت مساعدة الولايات المتحدة، سواء للدفاع عن إسرائيل ضد هجمات انتقامية إيرانية أو لضمان نجاح العملية.

ومع ذلك، اختار ترامب حالياً الدبلوماسية على العمل العسكري، وفتح باب المفاوضات مع إيران، مانحاً إياها مهلة عدة أشهر للتوصل إلى اتفاق.

ووفقاً للتقرير، أبلغ ترامب تل أبيب في وقت سابق من هذا الشهر بعدم دعمه لهجوم إسرائيل على إيران، وأثار هذا الموضوع خلال لقائه الأخير مع نتنياهو في البيت الأبيض، معلناً بدء المفاوضات مع طهران.

وقال نتنياهو في بيان بعد اللقاء: "الاتفاق مع إيران لن يكون فعالاً إلا إذا سُمح للأطراف بتفتيش المواقع النووية تحت إشراف وإدارة الولايات المتحدة، وتدميرها وجمع المعدات بالكامل".

مفاوضات سرية

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن التقرير استند إلى محادثات مع مسؤولين مطلعين على الخطط العسكرية السرية لإسرائيل والمفاوضات السرية في إدارة ترامب، وتحدث معظم المصادر بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وكانت إسرائيل قد أعدت منذ فترة طويلة لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك تدريبات على هجمات جوية وتقديرات للأضرار المحتملة بمساعدة الولايات المتحدة أو بدونها.

وكتبت الصحيفة أن الدعم داخل الحكومة الإسرائيلية لخيار الهجوم زاد بعد نجاح هجومين إسرائيليين على إيران في 2024، اللذين تسببا بضربات قوية لإيران.

في المقابل، تصدت الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية لمعظم الصواريخ الباليستية الإيرانية في هجومين على إسرائيل، كما أُضعف حزب الله، الحليف الرئيسي لإيران، بشدة في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وبناءً على طلب نتنياهو، قدم مسؤولون إسرائيليون كبار خطة إلى واشنطن تضمنت عمليات كوماندوس ضد مواقع نووية تحت الأرض وهجمات جوية، وكان الإسرائيليون يأملون في استخدام مقاتلات أميركية في الهجمات.

لكن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أبلغوا حكومة نتنياهو أن عمليات الكوماندوس لن تكون جاهزة قبل أكتوبر (خريف العام الجاري).

وفي ظل رغبة نتنياهو في شن هجوم عاجل، تحولوا إلى خطة بديلة تتمثل في قصف واسع النطاق، والتي تطلبت أيضاً مساعدة الولايات المتحدة.

وكتبت "نيويورك تايمز" أن بعض المسؤولين الأميركيين كانوا في البداية مستعدين لدراسة هذه الخطة، وأجرى الجنرال مايكل كوريلا ومايكل والتز، مستشار الأمن القومي، محادثات بهذا الشأن.

نقل معدات عسكرية أميركية

في الوقت نفسه، ومع تصعيد الهجمات الأميركية على الحوثيين في اليمن، بدأ كوريلا، بدعم من البيت الأبيض، نقل معدات عسكرية إلى الشرق الأوسط، حيث نقلت حاملة الطائرات "كارل فينسون" إلى بحر العرب لتنضم إلى حاملة "هاري ترومان" في البحر الأحمر.

كما أُرسلت منظومتان للدفاع الصاروخي "باتريوت" ومنظومة "ثاد" إلى المنطقة، ونُقلت ست قاذفات "بي-2" إلى جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي.

ورغم أن هذه المعدات يمكن استخدامها ضد الحوثيين، أقر بعض المسؤولين الأميركيين بأنها أُعدت أيضاً لدعم إسرائيل ضد إيران إذا لزم الأمر.

وحتى لو لم تسمح الولايات المتحدة باستخدام مقاتلاتها في الهجوم، فإن وجود هذه الطائرات يمكن أن يساعد في الدفاع ضد هجمات حلفاء طهران.

وكان ترامب قد أظهر سابقاً علامات على دعم محتمل لهجوم إسرائيل، حيث اعتبر إيران مسؤولة عن هجمات الحوثيين، وقال: "كل إطلاق نار من الحوثيين سيُعتبر من الآن فصاعداً إطلاقاً مباشراً من أسلحة وقيادة إيران. إيران مسؤولة وستواجه عواقب وخيمة".

ومع ذلك، أفادت "نيويورك تايمز" أن بعض مسؤولي إدارة ترامب كانوا مترددين بشأن الهجوم الإسرائيلي.

في إحدى الجلسات الأخيرة، قدمت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، تقييماً جديداً يحذر من أن نشر المعدات الأميركية قد يؤدي إلى صراع أوسع مع إيران.

كما أعرب رئيس ديوان البيت الأبيض، ووزير الدفاع، ونائب الرئيس، ومستشار الأمن القومي عن مخاوف مماثلة، وحتى والتز، الذي يتبنى موقفاً متشدداً تجاه إيران، شكك في نجاح خطة إسرائيل دون دعم أميركي كبير.

وكتبت "نيويورك تايمز" أنه لا يزال هناك انقسام داخل إدارة ترامب حول شكل الاتفاق المرغوب مع إيران. ويرى البعض، مثل جي دي فانس، نائب الرئيس، أن لدى ترامب فرصة فريدة للتوصل إلى اتفاق، وفي حال فشل المفاوضات، يمكنه دعم هجوم إسرائيل.