مع تباطؤ التقدم في المحادثات.. الإيرانيون يخشون نفاد صبر ترامب
في الأيام التي سبقت الجولة الثانية من المحادثات بين الوفدين الإيراني والأميركي، استمر الغموض بشأن مكان وجدول أعمال الاجتماع.
وكان الطرفان قد اتفقا في البداية على اللقاء في روما، لكن خلافاً نشب لاحقاً بين المسؤولين الإيرانيين- الذين أصروا على عقد الاجتماع في سفارة سلطنة عمان بروما- والحكومة الإيطالية، التي أصرت على أن تُعقد المحادثات في وزارة الخارجية الإيطالية. هذا الخلاف دفع طهران إلى إعلان مفاجئ مساء 14 أبريل (نيسان) بأن الاجتماع سينعقد بدلاً من ذلك في سلطنة عمان.
الجانب الأميركي لم يُدلِ بتعليق علني بشأن الخلاف على الموقع. غير أن الرئيس دونالد ترامب، الذي كان قد عبّر سابقاً عن تفاؤل حذر بعد الجولة الأولى، انتقد الفجوة التي استمرت أسبوعاً بين الاجتماعين، معتبراً أن إيران تماطل. وقال في إشارة إلى القدرات النووية الإيرانية: "عليهم أن يتحركوا بسرعة، لأنهم باتوا قريبين جداً من امتلاك سلاح نووي، ولن يُسمح لهم بذلك".
وكان المسؤولون الإيرانيون قد طلبوا أيضاً حضور وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إلى اجتماع روما، دون تقديم تفسير لهذا الطلب.
وفيما أحجمت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية- التي تخضع لتأثير كبير من المتشددين- عن تغطية اجتماعي الجولة الأولى والثانية مع الأميركيين، كسرت الحكومة صمتها عبر كشف معلومات لم تُنشر من قبل حصرياً لصحيفة "طهران تايمز" الناطقة بالإنجليزية، متجاوزة بذلك الكثير من الصحف الفارسية الصادرة في طهران.
كما علّق المرشد الأعلى علي خامنئي على المحادثات في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء، حيث عبّر عن تفاؤل حذر على غرار تصريحات ترامب، وقال إن الفريق الإيراني المفاوض "أدى أداءً جيداً".
وفي تعليق عبر قناة "إكو إيران" على "تلغرام"، المعروفة بتغطيتها الجادة للشؤون السياسية والاقتصادية الداخلية، ورد: "رغم العداء التاريخي، لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن". وأضافت القناة أن ترامب نجح في دفع طهران إلى تحريك خطوطها الحمراء، وكتبت: "الاجتماع أظهر أنه لا إيران ولا الولايات المتحدة تريدان حرباً جديدة في المنطقة".
كما أشارت "إكو إيران" إلى تزايد القلق داخل إيران، إذ يراقب كثيرون المحادثات عن كثب ويخشون من نفاد صبر ترامب. وأضافت القناة أن إسرائيل تتابع المفاوضات بقلق، خصوصاً في ظل احتمال أن يعرض ترامب على السعودية إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا النووية وتخصيب اليورانيوم خلال زيارته المرتقبة إلى الرياض.
في المقابل، نشرت قناة "جماران" المؤيدة للإصلاح على "تلغرام"- والمرتبطة بالرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي- أن العديد من الإيرانيين، خصوصاً من أبناء الطبقة المتوسطة، طالما دعموا الانخراط الجاد مع الولايات المتحدة. وكتبت القناة: "الآن وقد بدأت المحادثات، فإن الشعب الإيراني يتابع التطورات عن كثب ويناقشها على نطاق واسع".
وأضافت جماران أن الانطباع العام بدأ يتغيّر، إذ بات كثيرون يعتقدون أن الحكومة اختارت أخيراً التفاوض كسبيل لمواجهة التحديات المتزايدة في البلاد. كما شددت القناة على أن استطلاعات الرأي خلال أكثر من عقدين أظهرت باستمرار أن الإيرانيين يفضلون الدبلوماسية مع الغرب، مع تمسكهم في الوقت نفسه باحترام الكرامة والمصالح الوطنية.
أما قناة "امتداد" على "تلغرام"، فقد نشرت تعليقاً للصحافي داوود هشمتی، رحّب فيه باقتراح وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري بأن يتم عرض أي اتفاق مستقبلي مع إيران على مجلس الشيوخ الأميركي للمصادقة. واعتبر هشمتی أن هذه الخطوة ستساعد في طمأنة الإيرانيين الذين يشعرون بالقلق من احتمال انسحاب أي رئيس أميركي لاحقاً من الاتفاق.
ويعكس هذا التعليق حالة انعدام الثقة المستمرة في إيران تجاه ترامب، إذ يخشى كثيرون أنه حتى في حال التوصل إلى اتفاق جديد، فقد يتم التراجع عنه مجدداً سواء من قِبله أو من قبل خلفه.