مفاوضات الفرصة الأخيرة بين إيران وأميركا.. الدبلوماسية أم الحرب؟

نكار مجتهدي
نكار مجتهدي

صحافية ومخرجة أفلام وثائقية كندية إيرانية

تقف طهران وواشنطن وجهًا لوجه، في مفاوضات شائكة محفوفة بالمخاطر في عُمان، قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة: فهل تنتصر لغة الدبلوماسية، أم تندلع شرارة الحرب؟

ولن تؤثر نتيجة المفاوضات، المقررة يوم السبت 12 أبريل (نيسان) في مسقط، بين إيران والولايات المتحدة، فقط على استقرار المنطقة، بل قد تحدد أيضًا بقاء أو سقوط النظام الإيراني، الذي حكم إيران لأكثر من أربعة عقود.

وفي الحلقة الجديدة من بودكاست "آي فور إيران"، ناقش عدد من الخبراء الأهمية الحقيقية لهذه المفاوضات وأهداف كل طرف.

ويعتقد المحلل السياسي ومؤلف كتاب "ماذا يريد الإيرانيون؟"، آرش عزيزي، أن النظام الإيراني يميل بشدة إلى التفاوض، ويسعى إلى اتفاق من أجل بقائه.

وقال: "إن الفشل في هذه المفاوضات لم يعد يعني فقط زيادة العقوبات والضغوط الاقتصادية، بل قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بطريقة قد تكون مدمرة للغاية لإيران كأمة".

وتتزايد الضغوط على إيران من جميع النواحي؛ فإلى جانب تهديداته اللفظية، أرسل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قاذفات القنابل الاستراتيجية "بي-2" إلى المحيط الهندي، وتم نقل وحدة من نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" من منطقة الهند- الباسيفيك إلى الشرق الأوسط.

ووفقًا لتقرير موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، فقد تضمنت هذه العملية اللوجستية المعقدة ما لا يقل عن 73 رحلة جوية بطائرات الشحن "سي-17".

وأعلن ترامب، يوم الأربعاء الماضي، أنه إذا فشلت المفاوضات النووية، فقد تشن إسرائيل هجومًا على إيران.

وجاءت تصريحات الرئيس الأميركي بعد يومين فقط من إعلانه في البيت الأبيض، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن مفاوضات مباشرة مع طهران.

وقال في مؤتمر صحافي آخر بالمكتب البيضاوي: "إذا تطلب الأمر اتخاذ إجراء عسكري، فسوف نتخذ إجراءً عسكريًا".

في هذه الأثناء، تقترب إيران أكثر من اكتساب القدرة على تصنيع أسلحة نووية، وعلى الرغم من تأكيد طهران أن برنامجها النووي سلمي، فقد حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران تمتلك الآن كمية كافية من اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من المستوى العسكري، والتي يمكن أن تُستخدم لإنتاج عدة قنابل نووية.

وفي ضوء هذه المعطيات، قال عزيزي: "أعتقد أن الإيرانيين لديهم دافعًا قويًا؛ كما يقول مستشارو العقارات، إنهم متشوقون لإبرام صفقة".

قال مسؤول ملف إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، بهنام بن طالبلو، إنه على الرغم من أن النظام الإيراني أيديولوجي، فإنه لا يزال من الممكن وضعه تحت الضغط.

وأضاف: "إذا أراد الرئيس الأميركي إعطاء فرصة للدبلوماسية، فعليه أن يجعل الخيارات البديلة لإيران أقل جاذبية من الجلوس على طاولة المفاوضات".

وحذر جي سالومون، من صحيفة "فري برس"، من أن إيران قد تستخدم المفاوضات لكسب الوقت.

وقال: "الأمر المحيّر هو أن المفاوض الأميركي، ستيف ويتكوف، لديه مواقف علنية بشأن الاتفاق تختلف تمامًا عما يقوله مستشار الأمن القومي، مايك والتز، الذي يطالب بتفكيك برنامج إيران النووي بالكامل".

وأشار سالومون أيضًا إلى الانقسامات الداخلية في محيط ترامب، وقال: "ظهر ويتكوف مؤخرًا في برنامج تاكر كارلسون، بينما كارلسون يعارض تقريبًا يوميًا وبشكل علني أي هجوم عسكري على إيران. هذه التوترات واضحة بين الجمهوريين التقليديين مثل والتز وجناح ماغا (أنصار فكرة إعادة عظمة أميركا) في الحزب الجمهوري".

اعتبر المستشار السابق لفريق العمل المعني بإيران في وزارة الخارجية الأميركية، غابرييل نورونيا، أن هذه المفاوضات هي أقرب إلى "اختبار" من كونها "فرصة تاريخية".

وقال: "في الواقع، ترامب هو من يقول إن أمام إيران طريقًا واحدًا بسيطًا لإنقاذ نفسها.. إما أن تختار الطريق السهل أو الطريق الصعب، وهو الهجوم العسكري".

ووفقًا لوكالة "رويترز"، قال مصدر مطلع إن وفدي الطرفين سيلتقيان في غرفة مشتركة.

إنها لحظة مصيرية؛ لحظة قد تعيد تشكيل مسار العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وما إذا كان المصير سيتجه نحو الاتفاق والدبلوماسية أم الحرب، وهو من المرجح أن يتحدد خلف الأبواب المغلقة في عُمان.