بنسبة 64 في المائة من الحالات عالميا.. إيران تسجل رقما قياسيا في الإعدام خلال 2024
قال تقرير منظمة العفو الدولية السنوي، إن إيران استحوذت على أكثر من 64 في المائة من إجمالي حالات الإعدام المسجلة في العالم خلال العام الماضي، ونفذت ما لا يقل عن 972 عملية إعدام في عام 2024. وحذرت المنظمة من أن طهران تستخدم الإعدام كأداة لقمع المعارضين والأقليات.
وكشف التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية أن عدد حالات الإعدام المسجلة في العالم خلال عام 2024 وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2015، حيث تصدرت إيران مجددًا "هذا الجدول المظلم" بتنفيذ ما لا يقل عن 972 إعدامًا.
ووفقًا لتقرير "أحكام الإعدام وتنفيذها في عام 2024"، الذي نشرته منظمة العفو الدولية في صباح يوم الثلاثاء 8 أبريل (نيسان)، تم إعدام ما لا يقل عن 1518 شخصًا في 15 دولة خلال هذا العام؛ وهو رقم يمثل زيادة بنسبة 32 في المائة مقارنة بالعام السابق.
وفي الوقت نفسه، حذرت منظمة العفو الدولية من أن الأرقام الحقيقية، خاصة في دول مثل الصين وكوريا الشمالية وفيتنام، قد تكون أعلى بكثير من هذه الأرقام الرسمية بسبب سرية المعلومات.
كانت إيران، بـ972 حالة، مسؤولة عن 64 في المائة من عمليات الإعدام المسجلة في العالم خلال العام الماضي؛ وهو رقم يمثل زيادة بنسبة 14 في المائة مقارنة بـ853 إعدامًا في عام 2023، ويعد الأعلى المسجل في إيران منذ عام 2015.
الإعدام كأداة للحكم
وأكدت منظمة العفو الدولية أن إيران قد ساهمت في انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان من خلال استخدام الإعدام كأداة للقمع ونشر الخوف في المجتمع.
وقالت أغنيس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: "إن إيران، من خلال انتهاك حقوق الإنسان وإزهاق أرواح البشر بحجة الجرائم المتعلقة بالمخدرات والإرهاب، كانت العامل الرئيسي في الزيادة المذهلة في عمليات الإعدام على مستوى العالم".
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن إيران استخدمت عقوبة الإعدام ليس فقط لمواجهة الجرائم، بل أيضًا للسيطرة السياسية والقضاء على المنتقدين وقمع الأقليات.
ووفقًا للتقرير، فقد تم تنفيذ العديد من الإعدامات في إيران بعد محاكمات غير عادلة، وإصدار أحكام في محاكم الثورة، وبناءً على اعترافات تم انتزاعها تحت التعذيب.
أكثر من نصف إعدامات إيران بسبب جرائم المخدرات
في عام 2024، تم إعدام ما لا يقل عن 505 أشخاص في إيران بسبب جرائم مرتبطة بالمخدرات؛ وهذا يتعارض مع القانون الدولي الذي ينص على أن الإعدام يجب أن يقتصر على "أخطر الجرائم" مثل القتل العمد، ولا يشمل جرائم المخدرات.
وحذرت منظمة العفو الدولية من أن استخدام الإعدام في سياسات مكافحة المخدرات في إيران ليس فقط غير فعال وغير قانوني، بل يستهدف بشكل غير متناسب الفئات الضعيفة، بما في ذلك الفقراء والأقليات العرقية.
الأقليات العرقية والأجانب: ضحايا صامتون
وأظهر تقرير منظمة العفو الدولية أن عقوبة الإعدام في إيران أثرت بشكل أكبر على الأقليات العرقية والدينية. على سبيل المثال، يشكل البلوش حوالي 5 في المائة فقط من سكان إيران، لكنهم شكلوا ما لا يقل عن 10 في المائة من إجمالي الإعدامات في عام 2024.
كما ارتفع عدد الأفغان الذين أُعدموا في إيران من 25 شخصًا في عام 2023 إلى 80 شخصًا في عام 2024، نصفهم بسبب جرائم المخدرات. وتزامن هذا الارتفاع مع تصريحات مسؤولي النظام الإيراني ضد المهاجرين واللاجئين الأفغان وسلوكيات تمييزية ضدهم.
النساء والأطفال والناشطون تحت السيف
في العام الماضي، أفادت منظمة العفو الدولية بإعدام ما لا يقل عن 30 امرأة في إيران، العديد منهن بتهم جرائم منزلية أو مرتبطة بالمخدرات. وأكد نشطاء حقوق الإنسان أن بعض هؤلاء النساء كن ضحايا للعنف الأسري.
وفي السنة ذاتها، تم إعدام ما لا يقل عن أربعة أشخاص كانوا دون سن 18 عامًا عند ارتكاب الجريمة. كما حُكم على الناشطة في مجال حقوق المرأة شريفة محمدي والمسعفة الكردية بخشان عزيزي بالإعدام بتهم سياسية في عام 2024.
وتؤكد المنظمة أن استخدام الإعدام ضد المحتجين في حركة "المرأة، الحياة، الحرية" لا يزال مستمرًا. ففي هذا العام، أُعدم شخصان، أحدهما يعاني من مشكلات نفسية، بسبب مشاركتهما في الاحتجاجات، بعد محاكمات غير عادلة واعترافات تحت التعذيب.
ظلال الإعدام خلف جدار الصمت
واستحوذت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على ما لا يقل عن 1442 عملية إعدام، أي أكثر من 95 في المائة من إجمالي الإعدامات في العالم، وهو أعلى رقم في أكثر من عقد.
وعلى الرغم من عدم ورود إحصاءات رسمية عن الإعدامات في الصين وكوريا الشمالية وفيتنام في تقرير منظمة العفو الدولية، تؤكد المنظمة أن الآلاف من عمليات الإعدام تُنفذ في هذه الدول، خاصة في الصين، بشكل سري.
وقالت كيارا سانجورجو، خبيرة في منظمة العفو الدولية: "المعلومات التي تم جمعها من مصادر مستقلة في الصين ترسم صورة مؤلمة لاستخدام الحكومة لعقوبة الإعدام للحفاظ على النظام والسيطرة السياسية".
وفي كوريا الشمالية، تشير المنظمات الحقوقية إلى وجود عمليات إعدام واسعة النطاق تُنفذ سرًا، وأحيانًا علنًا، دون إجراءات قضائية قياسية، وبسبب جرائم مثل الهروب من البلاد أو مشاهدة أفلام أجنبية.
كما تُعتبر فيتنام من بين الدول ذات أعلى معدلات الإعدام في آسيا، لكن بسبب غياب الشفافية، تظل الأرقام الدقيقة مجهولة، مع تقديرات تشير إلى احتمال تنفيذ مئات الحالات سنويًا.
الولايات المتحدة: استثناء غربي في تنفيذ عقوبة الإعدام
وتظل الولايات المتحدة الدولة الغربية الوحيدة التي تواصل تنفيذ عقوبة الإعدام. في عام 2024، تم إعدام 25 شخصًا، بزيادة طفيفة عن 24 حالة في عام 2023.
وعلى الرغم من الجهود لإلغاء عقوبة الإعدام في بعض الولايات، لا تزال هذه العقوبة تُنفذ بقوة في أجزاء من أميركا.
ومع عودة دونالد ترامب إلى السلطة في عام 2024، أثيرت تصريحات قدمت الإعدام كوسيلة لمواجهة "المجرمين الخطرين". ووصفت منظمة العفو الدولية هذا النهج بأنه "غير إنساني" و"يستند إلى ادعاءات غير مثبتة حول الردع".
سنغافورة: حازمة ضد المخدرات
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت سنغافورة واحدة من الدول التي تحتفظ بالإعدام رغم الانتقادات العالمية، بفضل سياساتها الصارمة للغاية ضد جرائم المخدرات. في عام 2024، تم إعدام 9 أشخاص، معظمهم بتهم تهريب المخدرات.
وأدت سياسة "الصفر تسامح" في هذا البلد إلى مواجهة العديد من المتهمين بعقوبة الإعدام حتى لكميات صغيرة من المخدرات، وهو إجراء تعرض لانتقادات حادة من منظور حقوق الإنسان.
العالم: اتجاه تنازلي في ظل دول قليلة
وتؤكد منظمة العفو الدولية أن 15 دولة فقط نفذت عمليات إعدام في عام 2024، وهو أدنى رقم مسجل خلال عقدين.
في المقابل، ألغت 113 دولة عقوبة الإعدام بالكامل. وفي المجمل، إما حظرت 145 دولة هذه العقوبة قانونًا أو توقفت عن تنفيذها عمليًا.
واختتمت أغنيس كالامار تقرير المنظمة السنوي بالقول: "الإعدام ليس فقط انتهاكًا صارخًا لحق الحياة، بل يُستخدم أيضًا كأداة للسيطرة السياسية والاجتماعية. يجب على العالم اتخاذ موقف حاسم ضد هذا الانتهاك الفادح لحقوق الإنسان".