5 حالات انتحار في يوم واحد بإيران.. وتحذيرات من أزمة نفسية حادة في المجتمع بسبب "القمع"

بعد أن قام 5 أشخاص، من بينهم 4 نساء ورجل واحد، بالانتحار في يوم واحد، عادت أجراس الإنذار تدق مرة أخرى حول تفاقم "أزمة الصحة النفسية" في إيران. من بين هؤلاء الأشخاص، لقي 3 حتفهم بينما تم إنقاذ الاثنين الآخرين. وكانت واحدة من الضحايا امرأة حامل في توأم.

وأعلن علي كرمي، رئيس شرطة محافظة كرمانشاه، الثلاثاء 8 أبريل (نيسان)، عن انتحار امرأة في أحد الأحياء التابعة لمحافظة كرمانشاه يوم 7 أبريل، مما أدى إلى وفاتها.

وأشار كرمي إلى أن هذه المرأة كانت حاملاً بتوأم قائلاً: "إن سبب انتحار المرأة الحامل كان بسبب الخلافات العائلية مع زوجها بشأن إنجاب البنات".

في حالة أخرى، قام كامران محمد خاني، وهو مواطن من طهران يُعرف باسم "عامل بائع الكتب" على شبكة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقاً)، بالانتحار يوم 7 أبريل.

ومحمد خاني الذي كان يعمل في حديقة الكتب في طهران، كتب قبل انتحاره في حسابه على "X": "اليوم وفي هذه اللحظة، أضع حدًا لحياتي وأنا واعٍ ودون تعاطي الكحول أو المخدرات".

وأضاف: "لم أعد أتحمل هذا الألم، وأعتذر لأنني قد جلبت المرارة والظلام لأحبائي. وجودي لم يعد مفيدًا. سامحوني ...".

وردًا على انتحار "عامل بائع الكتب"، كتب المحامي رضا شفاخاه، على "X": "كثير منا في نفس الوضع الذي كان فيه كامران الليلة الماضية، على شفا الهاوية. ولا يوجد أي دعم لنا".

وأضاف: "لم يعودوا يسمحون لنا حتى بالاجتماع أو القيام بأي نشاط اجتماعي لنخفف من وطأة هذه الحياة المهينة. لعن الله من صنع هذه الظلمة والجدران المغلقة".

لادن بازركان، عضوة منظمة المدافعين عن الحقوق في إيران، أشارت إلى أن خبر انتحار محمد خاني قد هز قلوب الجميع، وقالت: "عندما يتحول وطنك إلى قفص لا يبقى فيه أمل ولا نفس، فإن القرار بالرحيل هو صرخة من أعماق الظلام؛ صرخة يجب أن تُسمع".

وكتب خسرو صادقي بروجنی، الكاتب والصحافي والسجين السياسي السابق، على "X": "كان لكامران سبعة آلاف متابع افتراضي؛ سبعة آلاف شخص لم يستطع أي منا إنقاذ حياة واحدة منهم. لنمد أيدينا في العالم الحقيقي قبل فوات الأوان".

وكتبت عالية مطلب زاده، السجينة السياسية السابقة، في حسابها على "X": "رحل عامل بائع الكتب وضاع في ظلمة هذه الليلة السوداء التي بنوها لنا. ضاع في الظلام وسط هذا الكم الهائل من الأخبار المؤلمة، يا كامران، لقد ثقلت أقدامنا بالسلاسل جراء التعب والاكتئاب وعدم وجود مستقبل، ولم نعد نرى سوى هذه الظلمة التي تأخذ أفضل أبناء الشمس منا. لعن الله هذا النظام الذي سرق حياتنا".

في خبر آخر، ذكرت صحيفة "هم ميهن" أن فتاة شابة قامت بالانتحار بعد ظهر يوم 7 أبريل في محطة مترو "مسرح المدينة" في طهران.

وبعد ساعة من نشر التقرير الأولي، ذكرت وكالة الأنباء "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، نقلاً عن "مترو طهران" أن الفتاة "لم تتعرض لإصابات خطيرة وتلقت العلاج بموقع الحادث بحضور فرق الطوارئ".

وكتبت "هم ميهن" نقلاً عن شهود عيان: "قبل بداية العام الإيراني الجديد (بدأ في 20 مارس/آذار)، كان هناك دائمًا اثنان من الموظفين في المحطة ولكن خلال هذا الحادث لم يكن هناك أي موظف في الموقع، ولم يكن هناك أي رجال شرطة في المحطة حيث كانوا جميعًا في المنطقة العليا من المحطة".

كذلك، استنادًا إلى مقطع فيديو وصل إلى قناة "إيران إنترناشيونال" في يوم 7 أبريل، قامت امرأة بالانتحار في مشهد وحضر رجال الإطفاء لإنقاذ حياتها.

وأصدرت منظمة النظام الطبي بيانًا في 7 أبريل أكدت فيه انتحار نرجس محمد بور، طالبة السنة الرابعة في تخصص أمراض النساء والتوليد في تبريز، معلنة أن أبعاد القضية قيد المتابعة.

ووفقًا لهذا البيان، كانت الطالب تعمل في مستشفى في تبريز عندما أنهت حياتها.

وذكرت وكالة الأنباء "مهر"، التابعة لمنظمة الدعاية الإسلامية، في تقرير حول أسباب انتحار هذه الطالبة، أن طبيبة متدربة "واجهت أثناء عملها في وحدة الطوارئ أمًا حاملًا لديها تاريخ من ورم في الدماغ، وقد تعرضت لتشنجات أثناء الفحص وفي ظروف حرجة للغاية، وبسبب انخفاض معدل ضربات قلب الجنين بشكل كبير، اتخذت قرارًا سريعًا ومنقذًا بإجراء عملية قيصرية لإنقاذ حياة الطفل".

وأضافت "مهر" بالإشارة إلى أن هذه القضية تحولت إلى "كابوس" لهذه الطبيبة بعد صدور حكم بدفع دية كبيرة، قائلة: "وفقًا للقانون، لا ينبغي أن تحمل كامل مسؤولية هذه القضية على عاتقها".

وكتب أميد رضائي، الكاتب وأخصائي الأورام، ردًا على انتحار محمد بور على "X": "الطبية المتدربة في أمراض النساء كانت لديها قضية طفل مصاب بالشلل الدماغي (CP) حيث كانت الدية المستحقة أكبر بكثير من قيمة التأمين المسؤول عنها وجميع ممتلكات الطبيبة، ولذلك قامت بالانتحار. ماذا عن أولئك الذين يجلسون وراء المكاتب في وزارة الصحة ويضعون قوانين لتحديد القيصرية؟".

أسباب زيادة معدلات الانتحار في إيران

وتحدثت صبا آلاله، محللة نفسية اجتماعية وسياسية، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" في 7 أبريل (نيسان) عن أسباب زيادة معدلات الانتحار في إيران وأشارت إلى غياب الأمل في المستقبل في المجتمع قائلة: "في السنوات الأخيرة، مع زيادة عدم المساواة الاجتماعية والسياسية، ارتفعت معدلات الانتحار أيضًا".

وشددت آلاله على أنه لا ينبغي النظر إلى الانتحار على أنه قضية "فردية، داخلية وخاصة بشخص واحد"، مضيفة: "صحة الفرد النفسية مرتبطة بشكل كبير بصحة المجتمع النفسي وكل الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. كل هذه الأمور يمكن أن تؤدي إلى مشكلات تؤدي إلى زيادة حالات الانتحار".

وحذرت قائلة: "المجتمع الذي يحدث فيه عدم المساواة لديه علاقة وثيقة بمسألة الحافز والتقدم والأمل. كلما زادت عدم المساواة في مجتمع ما، قل مستوى الأمل والحافز والتقدم في ذلك المجتمع".

وسبق وأن أعلن حميد يعقوبي، رئيس جمعية منع الانتحار في إيران، في 19 فبراير (شباط) الماضي أن معدل الوفيات الناجمة عن الانتحار قد زاد بنسبة 10 في المائة سنويًا خلال السنوات الأربع الماضية.

وحذر يعقوبي بأن معدلات الانتحار في إيران منذ عام 2011 وحتى الآن قد اتبعت اتجاهًا تصاعديًا، حيث ارتفعت من 4.7 في المائة إلى 8.1 في المائة في عام 2022 وإلى 8.9 في المائة في عام 2023.