مجموعات مسلّحة موالية لإيران في العراق تبدي استعدادها لتسليم السلاح تجنّباً لمواجهة واشنطن
كشف عشرة قادة بارزين في بعض الفصائل الشيعية المسلحة ومسؤول عراقي لوكالة رويترز أن عدداً من المجموعات القوية المدعومة من إيران في العراق أبدت، وللمرة الأولى، استعدادها لتسليم سلاحها، في محاولة لتفادي خطر التصعيد مع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقالت رويترز، الاثنين 7 أبريل، إن المحادثات بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقادة الفصائل المسلحة بلغت "مرحلة متقدمة".
وكانت واشنطن قد وجّهت تحذيرات إلى بغداد، مؤكدة أن هذه الجماعات قد تصبح هدفاً للغارات الجوية الأميركية في حال لم يتم حلّها.
ويأتي هذا التحول في موقف هذه المجموعات في إطار مساعٍ لخفض التوتر، بعدما وجّهت الولايات المتحدة، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، رسائل سرّية وحاسمة للحكومة العراقية تطالب فيها بحلّ هذه الفصائل المسلحة.
ذكرت وكالة رويترز أن ستة من مصادرها، وهم قادة في أربع جماعات شيعية مسلّحة رئيسية في العراق، كشفوا أن الولايات المتحدة أبلغت الحكومة العراقية بأنها قد تشنّ ضربات جوية ضد هذه الجماعات إذا لم تتخذ بغداد خطوات جدّية لحلّها.
وكان عضوان في الكونغرس الأمريكي قدّما في وقت سابق مشروع قانون بعنوان “تحرير العراق من النفوذ الإيراني”، يهدف إلى تقليص دور طهران وتعزيز استقلال بغداد. وقال جو ويلسون، النائب الجمهوري، إن هذا المشروع جاء بدعم من نائب ديمقراطي.
من جهته، أكد عزت الشابندر، السياسي الشيعي المقرّب من ائتلاف السلطة في العراق، أن المحادثات بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وزعماء بعض الميليشيات وصلت إلى “مراحل متقدّمة جداً”، مشيراً إلى أن هذه الجماعات مستعدة للاستجابة لمطالب واشنطن بنزع السلاح، قائلاً: “هذه الجماعات ليست عنيدة ولا تصرّ على الاستمرار بواقعها الحالي”.
وبحسب الشابندر، فإن هذه الجماعات “مدركة تماماً” لخطر استهدافها بغارات أمريكية.
وتحدث القادة الستة، الذين التقتهم رويترز في بغداد وأحد أقاليم جنوب العراق وطلبوا عدم كشف أسمائهم، عن انتمائهم إلى كتائب حزب الله، حركة النجباء، كتائب سيد الشهداء، وأنصار الله الأوفياء.
ونقلت رويترز عن أحد قادة كتائب حزب الله قوله، أثناء حديثه وهو يرتدي قناعاً أسود ونظارات شمسية: “ترامب مستعدّ لتصعيد المواجهة معنا إلى مستوى أكثر خطورة. نحن نعلم ذلك، ونريد تجنّب سيناريو كارثي كهذا”.
وأضاف هؤلاء القادة أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو الداعم الرئيسي لهم، منحهم “صلاحية كاملة” لاتخاذ ما يرونه مناسباً لتفادي الصدام مع واشنطن وإسرائيل.
وتشكّل هذه الجماعات جزءاً من تحالف “المقاومة الإسلامية في العراق”، الذي يضم نحو عشرة فصائل شيعية مسلّحة ويبلغ عدد مقاتليه حوالى 50 ألف عنصر، وفقاً لمصادر أمنية، ويملك أسلحة متطورة بينها صواريخ بعيدة المدى ومنظومات دفاع جوي.
ويُعدّ هذا التحالف من ركائز محور إيران الإقليمي، وهو المسؤول عن عشرات الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد مواقع أمريكية وإسرائيلية في العراق وسوريا منذ اندلاع حرب غزة قبل 18 شهراً.
وقال فرهاد علاء الدين، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس الوزراء العراقي، إن السوداني ملتزم بإخضاع السلاح لسيطرة الدولة، ويسعى لتحقيق هذا الهدف عبر “حوار بنّاء مع مختلف الأطراف الوطنية”.
وكشف مصدران أمنيان عراقيان أن السوداني يحاول إجبار جميع فصائل “المقاومة الإسلامية في العراق” على تسليم أسلحتها، رغم ولائها لفيلق القدس بدلاً من الحكومة العراقية.
وأشارا إلى أن بعض هذه الجماعات بدأت منذ منتصف يناير بإخلاء مواقعها وتقليص وجودها في مدن كبرى مثل الموصل والأنبار، تحسّباً لضربات أمريكية محتملة، كما كثّفت قياداتها إجراءاتها الأمنية من خلال تغيير مقارّها وسياراتها وأرقام هواتفها بشكل متكرر.
وفي هذا السياق، شددت وزارة الخارجية الأميركية على ضرورة أن تخضع هذه الجماعات لسلطة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وليس لإيران.
لكنّ مسؤولاً أميركياً أبدى، في حديث لرويترز، تشكّكه في إمكانية استمرار عملية نزع السلاح على المدى الطويل، مذكّراً بأن هذه الجماعات أوقفت هجماتها في السابق تحت ضغط أمريكي، لكن الأمر كان “مؤقتاً”.
من جانبها، رفضت قيادات الحرس الثوري الإيراني ووزارة الخارجية الإيرانية التعليق على أسئلة رويترز بشأن هذه التطورات.