خاص

بترايوس: الهجوم على إيران سيشمل المنشآت النووية والدفاعات الجوية والقواعد الصاروخ

كشف الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق للمنطقة المركزية الأميركية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، أن أي عملية عسكرية أميركية لن تقتصر على استهداف المنشآت النووية، بل ستشمل أيضاً الدفاعات الجوية والقواعد الصاروخية.

وقال بترايوس إن الجيش الأميركي يمتلك منذ نحو 15 عاماً خطة شاملة للهجوم على المنشآت النووية والأهداف العسكرية الحيوية للنظام الإيراني، وهي خطة خضعت لتحديثات مستمرة مع مرور الزمن.

وأشار إلى أن هذه الخطة وُضعت خلال فترة قيادته للمنطقة المركزية الأميركية (سنتكوم)، وأن القوات الأميركية سبق أن أجرت محاكاة عملية لتنفيذها داخل الأراضي الأميركية، ضمن تدريبات عسكرية فعلية استعداداً لأي مواجهة محتملة مع إيران.

• خطة قديمة لكنها لا تزال فعالة

يقول الجنرال ديفيد بترايوس، الذي تولّى قيادة القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) بين عامَي 2008 و2010، إن خطة تدمير البرنامج النووي الإيراني "تم إعدادها منذ سنوات طويلة".

وفي هذا الحوار، أشار بترايوس إلى أن القوات الأميركية وصلت ذات مرة إلى مرحلة "الاستعداد الكامل"، حيث جرى تجهيز جميع الطائرات، والقواعد الجوية، والقنابل، وعمليات التزود بالوقود جواً، وحتى تأمين الطعام والمياه مسبقاً.

وأكد بترايوس- في إشارة إلى ضرورة تنفيذ عملية شاملة- أنه "لا شيء محدودا" في مثل هذه العملية، مضيفاً أن العملية لا تستهدف البنية التحتية النووية الإيرانية فقط، بل يجب أيضاً تدمير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الإيرانية، "لأنه لا يمكن إرسال طائرات للتحليق بينما لا تزال هذه الأنظمة نشطة".

كما ذكّر بترايوس بأن إسرائيل كانت قد نجحت سابقاً في إلحاق أضرار كبيرة بمنظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة "S-300" التي تستخدمها إيران، مشيراً بذلك إلى أن دخول الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مع إيران لن يقتصر على استهداف منشآت تخصيب اليورانيوم فحسب، بل إن أنظمة الدفاع والصواريخ الإيرانية، بل وحتى بعض القدرات الهجومية لطهران، ستكون ضمن دائرة أهداف الهجوم المحتمل.

• القنبلة الخارقة العملاقة… سلاح لا تملكه سوى أميركا

من وجهة نظر القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، فإن نشر قاذفات الشبح الاستراتيجية "B-2" في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وتنفيذها رحلات متكررة إلى المنطقة، لا يُعد فقط رسالة ردع، بل هو جزء من "الاستعدادات المحتملة" لتنفيذ هجوم عسكري.

وهذه القاذفات قادرة على حمل نوعين على الأقل من القنابل الخارقة للتحصينات:
اولا: القنبلة الخارقة العملاقة (MOP) التي تزن نحو 14 طناً، والمخصصة لضرب المنشآت المحصنة بشدة في أعماق الأرض.
ثانيا: قنبلة أصغر تزن قرابة 2.5 طن، مخصصة لاستهداف المنشآت الواقعة على أعماق أقل.

وأكد بترايوس أن إسرائيل لا تملك مثل هذه القنابل، ولا الطائرات القادرة على حملها، قائلاً: "هذه أسلحة ثقيلة ومدمرة للغاية، ولديها القدرة على إلحاق أضرار هائلة، خاصة وأن كثيراً من المنشآت النووية الإيرانية تقع في مناطق نائية".

وأضاف بترايوس أن إمكانية استخدام هذه القنابل، وخاصة القنبلة (MOP)، ضد البنية التحتية النووية الإيرانية، ليست أمراً وارداً فحسب، بل ستكون ضرورة في حال تنفيذ هجوم عسكري.

• هجوم مشترك أم عملية أميركية منفردة؟

تحدّث الجنرال بترايوس أيضاً في هذا الحوار عن احتمالية التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتنفيذ هجوم محتمل على إيران.

ويرى القائد السابق لـ"سنتكوم" أن واشنطن تملك القدرة الكاملة لتنفيذ عملية عسكرية مستقلة، ولا تحتاج بالضرورة إلى تدخل إسرائيلي.

وبحسب بترايوس، فإن إشراك إسرائيل في مثل هذه العملية قد يحمل بعض الفوائد ضمن سيناريوهاته المختلفة، لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن عبور الطائرات للأجواء التابعة لدول ثالثة، والحساسيات الإقليمية، قد تشكّل عائقاً أمام تنفيذ عملية مشتركة واسعة النطاق.

وأشار بترايوس إلى سجلّ الجيش الإسرائيلي في استهداف المنشآت النووية، سواء عبر قصف مفاعل سوريا النووي سابقاً، أو من خلال عملياته المحدودة ضد منشآت إيرانية، قائلاً: "لقد نجحت إسرائيل مرتين في اختراق منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، وتمكنت حتى من تدمير منشآت إنتاج محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب".

لكنه أضاف أن مشاركة إسرائيل بشكل مباشر إلى جانب الولايات المتحدة في حال اتخاذ واشنطن قراراً نهائياً بالهجوم، ستظل رهناً بظروف المنطقة وتعقيداتها في ذلك الوقت.

• الرد الإيراني المحتمل

أشار الجنرال ديفيد بترايوس إلى التهديدات الأخيرة من قادة الحرس الثوري الإيراني بشأن استهداف القواعد الأميركية في المنطقة، قائلاً في حواره مع "إيران إنترناشيونال" إن واشنطن تأخذ هذه التهديدات "بشكل جدي للغاية"، وأن الاستعدادات العسكرية الجديدة تم التخطيط لها خصيصاً لمواجهة هذا الخطر.

ومع ذلك، حذر بترايوس في الوقت نفسه من أن إيران موجودة في "منزل زجاجي أكثر منا" مقارنة بالقوات الأميركية، مضيفا: "في رأيي، هم في منزل زجاجي أكثر منا، وإذا قامت إيران بأي خطوة تؤدي إلى مقتل جنود أميركيين أو جنود حلفائنا، فإن الولايات المتحدة ستكون قادرة على إلحاق أضرار أكبر بكثير وأشد بإيران.. وهو رد سيكون شديداً للغاية".

وبحسب بترايوس، في حال حدوث هجوم، فإن أي خطة للانتقام من إيران ستكون جزءاً مهماً من أهداف الهجوم الأميركي، بما في ذلك قواعد الصواريخ الباليستية، وأنظمة الدفاع الجوي، وأي موقع آخر يمكن أن يشكل تهديداً للقواعد والسفن الأميركية وحلفائها.

• الدبلوماسية أم المواجهة العسكرية؟

أشار الجنرال بترايوس إلى أن الرئيس دونالد ترامب، بناءً على ما رأيناه منه، "ينهي الحروب، ويفضل عدم بدء أي صراع جديد"، لكنه أضاف في الوقت نفسه: "لقد أظهر ترامب بوضوح أنه إذا أصبحت الحرب أمراً لا مفر منه، فإنه يمتلك الاستعداد والقدرة للدخول فيها".

وتابع بترايوس بالحديث عن أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد أوضحا مسبقاً أنهما لن يسمحا لإيران بامتلاك سلاح نووي، قائلا: "هناك قلق عميق بشأن مدى اقتراب إيران من بناء سلاح نووي. هم عملياً على بُعد مرحلة واحدة فقط من عملية تخصيب اليورانيوم اللازمة لإنتاج سلاح نووي".

كما أشار بترايوس إلى التعزيزات العسكرية الكبيرة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى المنطقة، قائلاً: "الرئيس ترامب أكد مراراً أنه لن يسمح أبداً لإيران بامتلاك سلاح نووي، وبالتالي ما نراه اليوم هو استعدادات عسكرية محتملة، وكذلك محاولة لإرسال رسالة ردع إلى إيران، رسالة جادة وواضحة تقول: لا تواصلوا في هذا المسار، لأنه في حال فعلتم ذلك، ستكون الولايات المتحدة مضطرة للتحرك".

وفي الختام، صرح بترايوس بأنه إذا فشلت الطرق الدبلوماسية ولم تتوقف إيران عن التوجه نحو بناء الأسلحة النووية، سيتم تنفيذ خطة الهجوم الأميركية التي كان قد ساهم شخصياً في تصميمها وتحديثها.

• إيران.. وحزب الله وحماس: استراتيجية الوكلاء والهشاشة الإقليمية

في جزء آخر من حواره، أشار الجنرال بترايوس إلى حزب الله اللبناني وحركة حماس باعتبارهما أبرز الجماعات الوكيلة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى تأثير الضغوط الأخيرة من إسرائيل والتطورات الإقليمية على هذه القوى المدعومة من طهران.

ويعتقد بترايوس أن جزءاً من القدرة الانتقامية لإيران لا يكمن فقط في قوتها الصاروخية والدفاعية، بل أيضاً في شبكة من الجماعات المتحالفة معها في المنطقة. ومع ذلك، أشار إلى أن التغيرات الميدانية في السنوات الأخيرة قد ألحقَت ضربات قاسية بهذه الجماعات.

• حزب الله اللبناني: أهم وكلاء إيران في المنطقة

أكّد الجنرال بترايوس أن حزب الله اللبناني يُعد "أهم" أداة نفوذ إيرانية في المنطقة، مشيراً إلى أن إسرائيل، بعد "عملية سلسلة الإمداد"، تمكنت من تقليص ترسانة حزب الله من الصواريخ، والقذائف، والطائرات المسيّرة من حوالي 140 ألفا إلى نحو 10 آلاف فقط.

وأوضح بترايوس أن "عملية سلسلة الإمداد" السابقة قد وجهت ضربة قاسية لقادة حزب الله، وأدت إلى شلل مؤقت في قدرات المجموعة الهجومية. وأضاف: "لم تستهدف هذه العملية هيكل القيادة فقط، بل دمرت فعلياً القيادات العليا في الحزب. لم يكن هذا مجرد قطع رأس القيادة، بل كان بمثابة كسر لظهر حزب الله".

كما ذكر بترايوس أن إيران، من أجل الحفاظ على قوة حزب الله، كانت دائماً تسعى لنقل الأسلحة والذخائر عبر سوريا، ولكن التغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة، بما في ذلك التغيرات في سوريا، قد خفضت بشكل كبير قدرة إيران على إرسال الأسلحة إلى لبنان.

• دور سوريا في سلسلة الإمداد الإيرانية

من وجهة نظر بترايوس، كانت سوريا في وقت ما الحلقة الأساسية في سلسلة نقل الأسلحة والدعم اللوجستي الإيراني إلى حزب الله اللبناني. إلا أنه أشار إلى أن "سقوط بشار الأسد" والتطورات التي حدثت في مناطق شمال سوريا قد جعلت الطرق البرية والجوية الحيوية لإيران في دعم القوات الوكيلة في لبنان وحماس غير آمنة.

وأشار بترايوس إلى عدة حالات استهدفت فيها إسرائيل- حتى في عمق الأراضي الإيرانية- المنشآت العسكرية الحساسة أو أنظمة الدفاع، ليخلص إلى أن الاستراتيجية الإيرانية القائمة على الوكلاء أصبحت أكثر هشاشة في بيئة الشرق الأوسط الحالية.

وختم بترايوس: "إلى جانب سقوط نظام بشار الأسد… تغيرت الخريطة الجيوسياسية لمنطقة الشمال والشمال الشرقي لإسرائيل بشكل كامل. لم يعد بإمكان إيران استخدام الأراضي السورية بسهولة كطريق لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني. كما أن إسرائيل، من جانبها، تستهدف بشكل منهجي البنية التحتية الإيرانية في سوريا".