المقربون من خامنئي يحذرون من انهيار النظام
تصاعدت التوترات الكلامية بين المسؤولين الأميركيين والنظام الإيراني بشكل كبير، وأكد ترامب، مرة أخرى، أنه إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع واشنطن، فإن هناك "أحداثًا سيئة للغاية"، وفي الوقت نفسه، بدأت أصوات النقد تتزايد داخل النظام الإيراني ضد سياسات المرشد علي خامنئي.
ويحذّر العديد من السياسيين في إيران، رغم أنهم لا يجرؤون على ذكر اسم خامنئي، من أن النظام سينهار ما لم تتغير السياسات الحالية.
وفي الأسابيع الأخيرة، وجه عدد كبير من المسؤولين والخبراء في إيران انتقاداتهم علنًا، بعضهم يعبر عن مواقفه بوضوح أكبر، بينما لا يزال البعض الآخر يتجنب ذكر اسم خامنئي، ويستخدم مصطلحات مثل "الحكم" أو "النظام" في تصريحاته.
وساهمت زيادة إمكانية نشر مقاطع الفيديو على "يوتيوب" في جعل هذه الانتقادات أكثر وضوحًا، فالسياسيون والمحللون المختلفون، بمن فيهم رئيس منظمة التخطيط والميزانية السابق، مسعود روغني زنجاني، قد عبروا بشكل أكثر صراحة عن انتقاداتهم مؤخرًا.
وأعلن روغني زنجاني، في مقابلة، أن خامنئي يعارض رفاه الشعب، وهي تصريحات قلما كانت تُسمع من قبل مسؤولي النظام الإيراني.
ومن بين المنتقدين الآخرين محمد حسين عادلي، محافظ البنك المركزي الإيراني السابق، خلال فترة تولي الرئيس الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني.
وقال عادلي مؤخرًا إنه بسبب المشاكل الناجمة عن التوترات بين إيران وأميركا، فإن البلاد تخسر سنويًا ما لا يقل عن 50 مليار دولار في مجال الواردات والصادرات.
وقدر أن حجم التجارة الخارجية لإيران في العام الماضي كان نحو 150 مليار دولار، ونتيجة للعقوبات والحاجة إلى الالتفاف عليها، ارتفعت تكاليف التجارة الإيرانية بنسبة تصل إلى 30 في المائة تقريبًا.
وأضاف أن هذا الخسارة تعادل إجمالي ميزانية الحكومة، وأن كل إيراني قد تكبد خسائر بلغت في المتوسط نحو 53 مليون تومان في العام الماضي؛ نتيجة لمعاداة الولايات المتحدة، وإذا توقفت السياسات المناهضة لأميركا التي ينتهجها خامنئي، يمكن أن تحقق الحكومة الإيرانية دخلاً يساوي ضعف ما تحصل عليه الآن.
ويعتقد طيف واسع من المسؤولين في إيران الذين يريدون الحفاظ على النظام أن الوضع حرج.
ويحذرون من أن السخط العام قد بلغ ذروته، وأن استمرار السياسات الحالية سيعرض النظام لخطر الانهيار.
والهدف الأساسي لهؤلاء الشخصيات هو بقاء النظام الإيراني، وليس الدفاع عن حقوق الشعب؛ فهم قلقون بالدرجة الأولى من انهيار النظام وفقدان مصالحهم وتحقيق الموارد الاقتصادية.
ومن الشخصيات الأخرى، التي تنتقد سياسات خامنئي، مرتضى ألويري، وهو من المسؤولين السابقين في إيران، فقد انتقد في مقابلة، دون الإشارة إلى اسم خامنئي مباشرة، السياسات الاقتصادية والاستراتيجية الكبرى للبلاد.
وصرح ألويري بأن سياسات خامنئي المتعلقة بالاكتفاء الذاتي في إنتاج بعض السلع، وخاصة القمح، كانت واحدة من العوامل الرئيسة لأزمة نقص المياه في إيران.
ويعتقد خامنئي، الذي دافع دائمًا عن الاكتفاء الذاتي في الزراعة، باعتباره مبدأً أساسيًا، أن إيران يجب أن تتجنب المشاكل، التي واجهها الاتحاد السوفيتي في العقود الماضية، فيما يتعلق بتوفير القمح.
ولكن وفقًا للمنتقدين، لم يعد هذا النهج مقبولاً على المستوى العالمي، وقد أدى إلى مشاكل هيكلية في الاقتصاد الإيراني.
ومن بين هؤلاء المنتقدين، يقف الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، على رأس مجموعة تؤمن بأنه من الضروري التفاوض مع الولايات المتحدة.
كما يعتقد الرئيس الإيراني الحالي، مسعود بزشكيان، أنه يجب إيجاد طريقة للتفاوض، لكنه وضع وجهات نظره جانبًا؛ بسبب معارضة خامنئي.
وهذا في حين أن أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وحسن روحاني كانوا جميعًا يؤيدون حل النزاعات مع أميركا، لكن خامنئي عارض دائمًا هذا النهج.
ويُظهر مصير رفسنجاني، الذي تم العثور على جثته بشكل مشبوه في المسبح، والقيود المفروضة على خاتمي، مدى التكلفة العالية التي يمكن أن يدفعها مسؤولو النظام في إيران، عند معارضتهم لسياسات خامنئي.
حتى بين المحافظين، مثل محمد رضا باهنر، الذي لعب دورًا رئيسًا لسنوات في البرلمان الإيراني، تم طرح تحذيرات حول مخاطر التضخم والأزمة الاقتصادية.
وتعكس هذه الانتقادات الانقسام المتزايد داخل نظام الحكم الإيراني؛ وهو انقسام يزداد عمقًا مع استمرار الاستياء الداخلي والضغوط الخارجية.
وقد يؤدي تشكيل هذا التيار النقدي بين المسؤولين والإداريين السابقين في إيران إلى خلق بيئة يمكن أن تطالب بتغييرات هيكلية في قمة السلطة. ومع تصاعد هذه الانتقادات، هناك احتمال لطرح مطالب بإزاحة خامنئي عن السلطة.