ظل حرب كبرى في الشرق الأوسط يخيم على إيران

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

في الوقت الذي يقترب فيه الدولار من عتبة 100 ألف تومان، وتواجه السدود نقصًا حادًا في المياه، وتعاني المدن الإيرانية من تلوث هوائي شديد وانقطاعات متكررة للكهرباء، وبينما يعيش المواطنون الإيرانيون بجيوب فارغة وأسواق راكدة في ليلة العيد، تجد إيران نفسها في وضعية حرجة.

إلى جانب هذه الأزمة الاقتصادية، تقف البلاد على أعتاب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط قد تقرّب إيران أكثر من حافة الانهيار.

وتشير الأدلة إلى أن المرشد علي خامنئي يدفع البلاد نحو صراع كبير. ولكن هل سيكون مستعدًا في اللحظات الأخيرة للتراجع وقبول مطالب إدارة ترامب، والتخلي عن حلم صنع سلاح نووي؟ أم إنه سيدفع بإيران والمنطقة نحو حرب تكون عواقبها غير متوقعة؟

في وقت بلغت فيه التوترات بين إيران والولايات المتحدة ذروتها في اليمن، أعلن دونالد ترامب أن أي هجوم من الحوثيين سيُعتبر بمثابة هجوم من إيران.

هذا الموقف ستترتب عليه عواقب وخيمة على طهران، ومع ذلك، أكد الحوثيون أنهم سيستمرون في هجماتهم، وقاموا يوم الثلاثاء، بعد تهديد ترامب، بإطلاق صاروخ باليستي نحو إسرائيل.
وفي طهران، لا توجد أي إشارة إلى الاستعداد للتوافق مع الإدارة الأميركية.

وأكد مسؤولو الولايات المتحدة أن أي اتفاق يتطلب وقفًا كاملًا للبرنامج النووي وإنهاء دعم إيران للمجموعات الموالية لها في المنطقة. ومع ذلك، فإن تصريحات مسؤولي النظام الإيراني تشير إلى استعدادهم للمواجهة وليس للتفاوض.

وهدد موقع "نور نيوز"، القريب من مجلس الأمن القومي الإيراني، مؤخرًا بأن إيران قد تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) وتغير سياستها النووية.

وعلى المستوى الدولي، يُنظر إلى الانسحاب من هذه المعاهدة على أنه خطوة نحو بناء أسلحة نووية.

في هذا السياق، تحدثت بعض الشخصيات الحكومية صراحة عن ضرورة امتلاك السلاح النووي. من بينهم نظام الدين موسوي، المدير السابق لوكالة "فارس" الإخبارية، الذي صرح مؤخرًا أن هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية كانت بسبب عدم امتلاكها أسلحة نووية، بينما كانت الولايات المتحدة تمتلكها.

هذه التصريحات تشير إلى أن أجزاء من الحرس الثوري قد خلصت إلى أن الحرب مع الولايات المتحدة حتمية، وأن إيران تحتاج إلى أسلحة نووية للفوز في هذه الحرب.

قبل ذلك، أشار مسؤولون مختلفون في إيران، بما في ذلك علي أكبر صالحي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية، وكمال خرازي، وزير الخارجية السابق، بشكل ضمني إلى قدرة طهران على بناء أسلحة نووية.

حتى المرشد علي خامنئي أشار في تصريحاته الأخيرة إلى أن إيران لديها القدرة على صنع قنبلة ذرية إذا لزم الأمر.

هذا التصعيد في الخطاب النووي من قبل مسؤولي النظام الإيراني له دور مزدوج؛ فهو يعمل كتهديد لردع الولايات المتحدة عن زيادة الضغوط، ويعكس في الوقت نفسه قناعات القيادة الإيرانية بأن العامل الوحيد الذي يمكن أن يردع الولايات المتحدة وإسرائيل في ظل ضعف القوات الموالية لإيران ليس الصواريخ أو الطائرات المسيرة، بل السلاح النووي.

وبينما يؤكد مسؤولو النظام الإيراني على استمرار التوترات، توقع بعض الخبراء، مثل مسعود روغني زنجاني، الرئيس السابق لمنظمة التخطيط والميزانية، أنه في حالة استمرار الوضع الحالي، قد يصل سعر الدولار إلى 200 ألف تومان.

ولزيادة سعر الصرف تأثير مباشر على أسعار السلع الأساسية، حيث ارتفع سعر الذهب بنسبة 10 في المائة في يوم واحد فقط، ليصل إلى 97 مليون تومان.

هذه التطورات تُظهر أن السياسات المثيرة للتوتر والمغامرة للنظام الإيراني، دون مراعاة عواقبها على الشعب، لا تزال مستمرة.

في حين يحذر الخبراء الاقتصاديون من أن هذا الاتجاه سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، يواصل مسؤولو النظام الإيراني التأكيد على مسار المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب.

وفي ظل إسناد الولايات المتحدة هجمات الحوثيين مباشرة إلى إيران، يطرح السؤال: هل ستقتصر التوترات على مواجهات محدودة في اليمن، أم إنها ستؤدي إلى حرب واسعة النطاق بين إيران والولايات المتحدة؟

يبدو أن مسؤولي النظام الإيراني، من خلال التأكيد على برنامجهم النووي والتهديدات المتكررة، يستعدون لظروف الحرب، لكن عدم اهتمامهم بالعواقب الاقتصادية والاجتماعية لهذه السياسات على الشعب يُظهر أن القرارات الكبرى تتخذ دون مراعاة المصلحة العامة.

ووصلت إيران اليوم إلى نقطة أن كل خطاب لخامنئي ضد الولايات المتحدة يرفع سعر الصرف بآلاف التومانات، وكل تصريح لترامب ضد طهران يزيد من اضطراب الاقتصاد الإيراني.

السؤال الرئيسي الآن هو: هل سيتراجع النظام في النهاية، أم إنه سيقود البلاد نحو أزمة تتجاوز عواقبها حدود إيران؟

ظل حرب كبرى في الشرق الأوسط يخيم على إيران، وأصبح خطر الحرب أقرب من أي وقت مضى. حرب ليست حرب الإيرانيين، بل هي حرب خامنئي مع الولايات المتحدة وإسرائيل.