مع تأخر دفع الرواتب لعدة أشهر.. "عيد النوروز" يتحول إلى تحد هائل للعائلات الإيرانية
لم يتبق سوى أيام قليلة على حلول عيد النوروز الموافق 20 مارس (آذار). وتعرف هذه الأيام الأخيرة من السنة في الثقافة الإيرانية باسم "ليلة العيد".
في هذه الفترة، تستعد العائلات للاحتفال بعيد النوروز، حيث تقوم بتنظيف منازلها وإعدادها، وتقوم بشراء مستلزمات العيد مثل الملابس والمكسرات والفواكه بقدر الإمكان.
هذه التقاليد الإيرانية العريقة، التي ترمز إلى التجدد والفرح بقدوم الربيع، أصبحت في السنوات الأخيرة، بسبب الأزمات الاقتصادية الحادة الناتجة عن سياسات نظام طهران، عبئًا ثقيلًا على الكثير من الناس، وتحولت إلى تحدٍ هائل لعدد كبير من الإيرانيين كل عام.
الشراء، الذي يجب أن يكون تجربة ممتعة للناس في الأحوال العادية، أصبح في هذه الأيام مصدرًا للتوتر والإجهاد للعديد من العائلات، وخاصة لأرباب الأسر.
ما يُتحدث عنه أقل هو الرواتب والمستحقات غير المدفوعة للعديد من العمال وحتى الموظفين. هؤلاء الأشخاص يمكن أن نطلق عليهم اسم "المنسيون في ليلة العيد".
كثير من العمال في جميع أنحاء إيران عملوا طوال عام كامل على أمل تأمين لقمة العيش لأنفسهم ولعائلاتهم، ولكن الآن وقد حلّت ليلة العيد، لم يتم دفع رواتبهم، ووجدوا أنفسهم في ظروف صعبة.
في إيران، أصبح تأخير دفع رواتب العمال أمرًا شائعًا. حاليًا، هناك عمال لم يتقاضوا رواتبهم لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى تسعة أشهر.
على سبيل المثال، عمال شركة "كيش جوب" في محافظة هرمزغان لم يتقاضوا رواتبهم المتأخرة لثلاثة أشهر من ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى فبراير (شباط) 2025، وقد تم إخبارهم بأنهم سيحصلون بدلًا من ذلك على عيدية العام الماضي (مكافأة العيد).
القضية الرئيسية هي أن الراتب يكون ذا أهمية عندما يحتاجه الشخص. إذا لم يتم دفعه في الوقت المحدد، فإن استلامه لاحقًا لن يكون له تأثير كبير على حياة العامل.
الآن، مع اقتراب ليلة العيد والناس منهمكون في التسوق، يحتاج العمال إلى رواتبهم أكثر من أي وقت مضى. لكن عندما لا يدفع أصحاب العمل- الذين غالبًا هم جهات حكومية أو مقاولون مرتبطون بالدولة- رواتب هؤلاء العمال، فإنهم لا يستطيعون شراء الملابس والاحتياجات اللازمة لعائلاتهم.
إذا تم الإعلان عن دفع رواتب العمال بعد العطلة، فإن ذلك لن يساعد في تخفيف صعوبة ليلة العيد عليهم. مثل هذه التأخيرات تؤذي نفسية الأطفال وتضع العمال في موقف محرج أمام عائلاتهم. في حين أن الخطأ ليس من العمال، بل الحكومة وأصحاب العمل هم المسؤولون عن هذه الأزمة.
هذه المشكلة مستمرة منذ سنوات في إيران. الكثير من العمال الكادحين يبذلون جهودًا كبيرة في نهاية العام للحصول على رواتبهم المتأخرة، ولكن أصواتهم لا تُسمع في وسائل الإعلام الحكومية.
في حين لم يتبق سوى أيام على عيد النوروز، لم يتم بعد دفع رواتب شهر مارس (آذار) للمتقاعدين من الضمان الاجتماعي، وتؤجل الحكومة وهيئة الضمان الاجتماعي الدفع بوعود متكررة. كما أن ديون الحكومة للمعلمين الذين يعملون بنظام الشراء بالخدمة لم تُسوَّ بعد.
تشير الدراسات إلى أن العديد من مجموعات العمال في جميع أنحاء إيران لم يتقاضوا رواتبهم بعد. من بين هذه المجموعات:
* عمال مصنع "فولاد سيادن" في أذربيجان الشرقية الذين لم يتقاضوا راتب شهريين وهدية العيد ومستحقاتهم السنوية.
* العمال بنظام المقاولة في مجال الاتصالات بخراسان رضوي وأذربيجان الغربية الذين لم يتقاضوا مستحقاتهم المتأخرة منذ عامين.
* عمال بلدية سنندج الذين لم يتقاضوا رواتبهم لشهرين على الأقل.
* عمال مصنع مياه "داماش" في رودبار الذين لم يتقاضوا رواتبهم لأربعة أشهر.
* عمال الخدمات في بلدية دره شهر بمحافظة إيلام الذين لم يتقاضوا رواتبهم لثلاثة أشهر وهدية العيد.
* عمال إدارة الموارد الطبيعية في إيلام الذين لم يتقاضوا رواتبهم لستة أشهر.
* متقاعدو صناعة الصلب في أصفهان وشاهرود والأهواز الذين لم يتقاضوا مستحقاتهم المتأخرة.
* متقاعدو الاتصالات في طهران وهرمزغان وهمدان وبيجار وتبريز ومريوان الذين لم تُسوَّ رواتبهم ومصاريفهم العلاجية.
* سبعة آلاف عامل في شركة "أبنیه فنی تراورس" الذين تم دفع هدية العيد لهم بشكل ناقص.
* موظفو شركة "تأسیسات بحرية" الذين لم يتقاضوا رواتبهم لشهرين ولم يتلقوا هدية العيد.
في مثل هذه الظروف، حيث يعجز النظام عن دفع رواتب عماله ومتقاعديه يطرح السؤال التالي:
كيف تم دفع مبالغ طائلة قبل ثلاثة أشهر لعائلات لبنانية متضررة من الحرب؟ لماذا كانت أولوية النظام هي العائلات اللبنانية وليس الدائنون الإيرانيون؟
وفقًا للتقارير، دفعت إيران لكل عائلة لبنانية مبلغًا يتراوح بين مليار و100 مليون إلى مليار و300 مليون تومان. هذا المبلغ يعادل 181 ضعف الحد الأدنى للأجور للعامل الإيراني. بهذا المبلغ كان يمكن دفع 181 شهرًا من الحد الأدنى للأجور لعامل إيراني، ولكن ذلك لم يحدث، والآن العديد من العمال الإيرانيين لم يتقاضوا رواتبهم لشهور.
من ناحية أخرى، تحاول إيران في شهر مارس (آذار) الحالي منع أي زيادة في الحد الأدنى لأجور العمال.
في حين يتم التفاوض على أي زيادة طفيفة في أجور العمال، قام النظام دون أي مقاومة بدفع 181 ضعف ذلك المبلغ للعائلات اللبنانية.
هذا التناقض الواضح يعكس أولويات النظام الذي يقدم مصالح وكلائه في المنطقة على رفاهية ومعيشة المواطنين الإيرانيين.