مع اقتراب العام الإيراني الجديد.. حكومة طهران تواجه صعوبات في زيادة الأجور ومواجهة التضخم
قبل أيام من بداية العام الإيراني الجديد (يبدأ في 20 مارس/آذار الجاري)، لم تحدد الحكومة بعد الأجور الجديدة، والتي يتم تعديلها سنويًا لعشرات الملايين من العاملين في القطاعين العام والخاص.
التحدي يتمثل في أن التضخم المرتفع العام الماضي يتطلب زيادة الحد الأدنى للأجور الشهرية الحالي إلى ثلاثة أضعاف، والذي انخفض إلى ما يعادل 120 دولارًا.
ومع ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية العميقة في إيران تجعل من شبه المستحيل على الشركات التي تسيطر عليها الحكومة استيعاب مثل هذه الزيادة الحادة في تكاليف العمالة.
ووفقًا للتقديرات الرسمية، تحتاج عائلة مكونة من ثلاثة أفراد إلى ما لا يقل عن 400 دولار شهريًا لتغطية الاحتياجات الأساسية.
وحتى موظفو الحكومة من المستوى المتوسط، مثل السكرتير الصحافي للوزارات، يكسبون فقط حوالي 160 دولارًا شهريًا، وفقًا لمصدر مطلع في طهران أخبر "إيران إنترناشيونال".
بينما تمتلك هذه القيمة قوة شرائية أكبر في إيران مقارنة بالولايات المتحدة أو أوروبا، إلا أنها لا تزال تمثل دخلًا عند مستوى الفقر.
وفيما كان من المقرر عقد اجتماع بين ممثلي الحكومة والأعمال والعمال اليوم الثلاثاء 11 مارس (آذار)، لكن مصادر أخبرت وسائل الإعلام المحلية أنه لا يُتوقع اتخاذ أي قرار.
ومع بداية عيد النوروز في 20 مارس (آذار) وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يعاني العديد من الإيرانيين لتأمين مستلزمات العيد.
وأخبر محلل اقتصادي في طهران "إيران إنترناشيونال" بأن الأسواق بالتجزئة راكدة حيث لا يستطيع الناس تحمل تكاليف التسوق للعام الجديد.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تتراوح بين 30 إلى 100 في المائة منذ بداية يناير (كانون الثاني)، مدفوعة بفقدان العملة الإيرانية نصف قيمتها مقابل الدولار الأميركي في الأشهر الأخيرة.
ويؤثر هذا الانخفاض بشكل مباشر على تكلفة واردات الغذاء، وكذلك الآلات والأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية.
وفي الوقت نفسه، تشدد إدارة ترامب العقوبات الاقتصادية، مهددة بتقليل صادرات النفط الإيرانية أكثر؛ وهي العمود الفقري لاقتصادها المركزي الخاضع للسيطرة الحكومية.
وتطالب واشنطن طهران بالتخلي عن برنامجها النووي، لكن المرشد علي خامنئي رفض حتى الآن التفاوض وفق شروط الرئيس دونالد ترامب.
بالمقارنة، فإن الحد الأدنى للأجور في العراق المجاور يبلغ ضعف نظيره في إيران، بينما في تركيا، يبلغ الحد الأدنى للأجور ما يقارب سبعة أضعاف، ليصل إلى 8000 دولار سنويًا. وبسعر الصرف الحالي، لا يتجاوز متوسط الراتب في إيران 1500 دولار سنويًا.
وأثارت هذه الصعوبات المالية المتزايدة مخاوف من اضطرابات اجتماعية، مشابهة للاحتجاجات الجماعية في عامي 2019 و2022. وتظهر تحذيرات حول خطر اندلاع انتفاضة على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، مع انتشار الفقر بين الطبقة المتوسطة الدنيا.
وقبل ثورة عام 1979، كانت الطبقة المتوسطة الحضرية في إيران تتمتع بمستويات معيشة مرتفعة، مع تحسن فرص امتلاك المنازل والسيارات والسفر إلى الخارج. أما اليوم، فتعكس الضغوط الاقتصادية هذه المكاسب، مما يزيد من السخط في جميع أنحاء البلاد.