خامنئي يسارع الخطى باتجاه الحرب مع أميركا وإسرائيل

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

رفض المرشد الإيراني علي خامنئي مرة أخرى اقتراح التفاوض مع الولايات المتحدة، واتهم دونالد ترامب بالاستبداد. في حين أكد الرئيس الأميركي خلال الأيام الماضية أنه سيمنع طهران من الوصول إلى السلاح النووي، إما عبر اتفاق أو من خلال إجراء عسكري.

وبالتالي، أصبح البلدان أقرب من أي وقت مضى إلى صراع عسكري محتمل.

وأوضح خامنئي، يوم السبت 8 مارس (آذار) خلال لقائه مع كبار مسؤولي النظام الإيراني، أن سبب امتناعه عن التفاوض مع الولايات المتحدة هو محاولة واشنطن فرض رؤيتها حول البرنامج النووي، والقدرات العسكرية، والنفوذ الإقليمي للنظام الإيراني.

وبعبارة أخرى، أعلن خامنئي أن إيران لن تتفاوض مع ترامب حول برنامجها النووي، والصواريخ، ومجموعاتها الوكيلة.

ويبدو أن الولايات المتحدة وإيران قد دخلتا في مسار صراع عسكري محتمل أسرع مما كان متوقعًا.

في بداية فترة رئاسة ترامب، كان من المتوقع أن يقدم أولاً اقتراح اتفاق لإيران، وفي حالة رفضه، يتحرك نحو الخيار العسكري.

ومنذ البداية، كان واضحًا أن فرص التوافق بين خامنئي وترامب ليست كبيرة، حيث كان ترامب يسعى لاتفاق يؤدي إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني، وهو ما يرفض خامنئي قبوله.

وعلى عكس أوباما وبايدن اللذين كانا يسعيان لاتفاق لا يزيل التهديد النووي والصاروخي الإيراني بشكل كامل، أعلن ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو أنهما يسعيان للقضاء التام على هذا التهديد، ولن يسمحا لإيران باستخدام مسار التفاوض لشراء الوقت.

يذكر أن خامنئي، الذي أدرك أن هدف ترامب من التفاوض هو التوصل لاتفاق سريع لتفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، رفض هذا الاقتراح مرتين في فترة زمنية قصيرة.

وهذا الأمر يُظهر أن المرشد الإيراني قد اتخذ قراره، بل إنه يستعد حتى لصراع محتمل.

يشار إلى أنه في خطاب خامنئي أول من أمس السبت، تم تثبيت آية من القرآن في مكان إلقاء الخطاب تؤكد على التوكل على الله بعد اتخاذ القرار.

كما أنه، وعلى عكس الإجراء المعتاد الذي يجلس فيه قادة الفروع، وأمين عام مجلس صيانة الدستور، ورئيس مجلس خبراء القيادة، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام على جانبيه، قام هذه المرة بوضع جميع المسؤولين السياسيين على جانب واحد، والقادة العسكريين الكبار على الجانب الآخر، وهو إجراء غير معتاد.

ومع انخفاض احتمال التوافق بين طهران وواشنطن بشكل كبير، يبدو أن أوروبا ستتحرك نحو تفعيل "آلية الزناد" وإعادة عقوبات الأمم المتحدة.

وكانت الدول الأوروبية تنتظر حتى الآن نتيجة للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ولكن مع عدم وجود أفق واضح للتوافق، من المحتمل أن تبدأ في دراسة استخدام "آلية الزناد" أسرع مما كان متوقعًا.

و"آلية الزناد"، التي هي جزء من الاتفاق النووي، تعني أنه إذا طلبت واحدة من الدول الثلاث ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا تفعيل الآلية، فإن جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد طهران ستعود. وفي هذه الحالة، حتى روسيا والصين لن تكونا قادرتين على منع عودة هذه العقوبات.

التصعيد بين إيران والغرب: سيناريوهات المواجهة المحتملة

تصريحات خامنئي الأخيرة ضد أوروبا، بالتزامن مع تصريحاته ضد الولايات المتحدة، زادت من احتمال تحرك أوروبا نحو خيار المواجهة.

في ظل الظروف الحالية، يبدو أن الولايات المتحدة والدبلوماسية العالمية تستعدان لمرحلة مواجهة محتملة.

أحد الفرص القليلة المتبقية للدبلوماسية هو ضغط الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على خامنئي لقبول اتفاق قبل الدخول في مرحلة الصراع. ومع ذلك، تشير الأدلة إلى أن خامنئي غير مكترث حتى بالوساطة الروسية، وقد اتخذ قراره بعدم التفاوض والاستعداد للمواجهة.

إذا تطورت الأمور إلى مواجهة عسكرية، فإن الأهداف الرئيسية المحتملة لأي هجوم إسرائيلي أو مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة ستكون المنشآت النووية الإيرانية.

وفي مقدمة هذه الأهداف تأتي ثلاثة مواقع نووية رئيسية: فردو، ونطنز، ومفاعل الماء الثقيل في أراك.

• منشأة فردو: أهم مركز لتخصيب اليورانيوم في إيران، ويُعرف رسميًا باسم "مجمع التخصيب مسعود علي محمدي". يقع على طريق طهران-قم ويضم أجهزة طرد مركزي متقدمة.

• منشأة نطنز: تُعرف رسميًا باسم "مجمع التخصيب مصطفى أحمدي روشن"، وتقع بين كاشان وأصفهان. تعرضت في السابق لانفجارات بسبب عمليات تخريبية.

• مفاعل الماء الثقيل في أراك: كان موضع جدل داخلي في إيران خلال الاتفاق النووي بشأن ملئه بالخرسانة. يعد أحد المنشآت الحيوية في البرنامج النووي الإيراني.

وعلى الرغم من أن هذه المواقع الثلاثة تُعتبر الأهداف الأساسية للهجوم المحتمل، فإن نطاق الضربة قد يكون أوسع ليشمل منشآت أخرى مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

إذا استمر المسار الحالي وابتعدت إيران والولايات المتحدة عن الدبلوماسية وتحركتا نحو الصراع، فإن هناك سيناريوهين رئيسيين لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية:؛ هجوم إسرائيلي بضوء أخضر من الولايات المتحدة، أو مشاركة الولايات المتحدة مباشرة في الهجوم.

نظرًا لأن منشآت "فردو" و"نطنز" تقعان تحت الأرض، وانتشار المواقع النووية في أنحاء البلاد، يشكك بعض الخبراء العسكريين في قدرة إسرائيل على تدمير هذه المنشآت بمفردها.

ووفقًا للتقارير، حصلت إسرائيل على حوالي 1800 قنبلة من طراز "MK-84" أو "BLU-117" من الولايات المتحدة. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن تدمير هذه المنشآت بشكل كامل يتطلب مشاركة أميركية واستخدام قنابل أقوى، مثل "GBU-57" والطائرات الشبحية "B-2".

وتتميز قنابل"GBU-57"، التي تزن 30 ألف رطل (نحو 14 طنًا)، بقدرتها على اختراق 60 مترًا من الخرسانة قبل الانفجار.

وفي ظل هذه التطورات، إذا ظل المسار الدبلوماسي مغلقًا، فقد تكون المنطقة على أعتاب واحدة من أخطر المواجهات العسكرية في العقود الأخيرة.