"بلومبرغ": العقوبات الأميركية خفّضت صادرات النفط الإيراني إلى الصين

ذكرت وكالة "بلومبرغ"، في تقرير لها، أن العقوبات الأميركية المفروضة على الشركات وناقلات النفط، التي يُقال إنها تلعب دورًا في تصدير النفط الإيراني إلى الصين، قد أدت إلى إبطاء تدفق وخفض تلك الصادرات وزيادة تكاليفها.

وأضافت "بلومبرغ"، في تقريرها الذي نُشر يوم السبت 8 مارس (آذار)، أن العقوبات الأميركية أجبرت المزيد من التجار على الالتفاف حول العقوبات، مما تسبب في اضطراب سوق النفط.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد وقّع في 5 فبراير (شباط) الماضي، أمرًا تنفيذيًا باستئناف سياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران، بهدف "تصفير" صادرات النفط الإيرانية، محذرًا من أنه يجب ألا تبيع النفط لدول أخرى.

وأفادت "بلومبرغ" بأن مديري مصافي النفط الخاصة في الصين، وهم المشترون الرئيسون لشحنات النفط الإيرانية، أبلغوا عن اضطرابات في تسليم الشحنات؛ بسبب زيادة الصعوبات اللوجستية وارتفاع التكاليف. وقال هؤلاء المديرون، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم لـ "بلومبرغ": "إن بعض ناقلات النفط الإيرانية تم اعتراضها في الطريق، مما أدى إلى مزيد من الاضطراب في السوق".

وكانت التجارة مع الصين، التي تُعد أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، مصدرًا ماليًا حيويًا لطهران لفترة طويلة، وقد كثفت الولايات المتحدة جهودها لقطع هذا المسار.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أنه بعد الجولة الأخيرة من العقوبات على ناقلات النفط، أصبح أكثر من ثلثي نحو 150 ناقلة نفط نقلت النفط الخام الإيراني في عام 2024 مدرجة على القائمة السوداء الأميركية.

منع دخول ناقلات النفط الإيرانية
قامت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، في الأسابيع الأخيرة من وجودها في السلطة، بفرض عقوبات على عشرات الشركات والسفن لدورها في نقل النفط الإيراني، وذلك في أعقاب انتقادات واسعة طالتها بسبب سياستها تجاه طهران.

وفي أعقاب هذا الإجراء، وكذلك مخاوف بكين من احتمال تشديد العقوبات بعد تولي دونالد ترامب السلطة، أعلنت مجموعة موانئ شاندونغ الصينية، في 8 يناير (كانون الثاني) الماضي، منع دخول السفن المحظورة المحملة بالنفط الإيراني والروسي.

وكانت "شاندونغ" في السنوات الماضية الوجهة الرئيسة لشحنات النفط الإيرانية.

وأشارت النتائج، التي رصدتها "إيران إنترناشيونال" إلى أن هذا القرار تسبب في عواقب وخيمة على طهران؛ حيث انخفضت مبيعات النفط الخام الإيراني إلى الصين بشكل حاد في يناير الماضي.

حذر مضاعف في التعامل مع إيران
لا تعترف الصين بالعقوبات الأحادية الأميركية، ودافعت مرارًا عن حقها في التجارة مع إيران. ومع ذلك، أدت هذه العقوبات إلى زيادة الحذر بين الموانئ وشركات الشحن، التي تتعامل مع خارج البر الصيني في التعامل مع شركات وناقلات النفط المحظورة.

ووفقًا لتقرير "بلومبرغ"، فقد طلبت مجموعة موانئ شاندونغ، التي تقع في مقاطعة تضم مركز مصافي النفط الخاصة في الصين، من مشغليها في وقت سابق من هذا العام تجنب التعاون مع ناقلات النفط المحظورة.

تكاليف باهظة للالتفاف حول العقوبات
ذكرت "بلومبرغ" أن تكاليف الالتفاف حول القيود الأميركية ارتفعت بشكل حاد؛ حيث بلغت تكلفة استئجار ناقلة عملاقة غير محظورة لنقل النفط الإيراني من ماليزيا إلى الصين في أوائل هذا الشهر ما بين 5 و6 ملايين دولار، وهو ما يعتبر رقمًا قياسيًا غير مسبوق، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وفقًا للتجار.

وتظهر بيانات شركة "كبلر"، المختصة برصد بيانات قطاع الطاقة، أن استخدام ناقلات النفط الأصغر حجمًا، والتي عادةً ما تكون أقل كفاءة من حيث التكلفة، قد زاد. ففي فبراير الماضي، تم نقل النفط في ماليزيا بين ناقلة عملاقة محملة بالنفط الإيراني وثلاث سفن أصغر، وهي عملية بطيئة ومكلفة.

وأشار محللو الشحن أيضًا إلى انخفاض عدد السفن المتاحة في السوق، وهو ما أصبح تحديًا كبيرًا مع توسع القائمة السوداء الأميركية. وأكدت "بلومبرغ"، في تقريرها، أن نقص السفن يمكن أن يعقّد تجارة النفط الإيراني مع الصين بشكل أكبر.

خصومات كبيرة لجذب المشترين الصينيين
عادةً ما يقدم وسطاء وتجار النفط الإيراني خصومات مقارنة بمعايير الأسعار العالمية، مثل خام برنت. ووفقًا لتقرير "بلومبرغ"، فإن أي زيادة مفاجئة في هذه التكاليف أو عدم توفر السفن المناسبة يمكن أن يقضي على أرباح التجار وربحية الصفقة.
وقد ارتفع سعر النفط الإيراني المقرر تسليمه إلى الصين، في الأسبوع الماضي، وتراوحت الخصومات مقارنة بخام برنت من 0.5 إلى 1 دولار للبرميل، بينما كانت الخصومات في الأسبوع السابق 1 إلى 1.5 دولار.

استمرار التجارة رغم الضغوط
ومع ذلك، فإن زيادة التوترات في هذه التجارة لا تعني توقف الصين عن شراء النفط الإيراني. فقد ازدهرت هذه التجارة منذ عام 2018 مع عودة العقوبات الأميركية ضد طهران، وأظهرت قدرة على التكيف مع الظروف الجديدة.

وأفادت "بلومبرغ" الشهر الماضي، بأن تدفق النفط الإيراني إلى الصين وصل إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر، بسبب تراكم الشحنات المتأخرة.

وفي مياه ماليزيا، التي تُعد أهم مركز لنقل النفط الإيراني، يتم نقل الشحنات بشكل سري مع إيقاف أجهزة تتبع السفن. وتظهر الصور الفضائية أن ما يصل إلى 7 عمليات نقل تمت خلال يوم واحد "في الظلام التام".

وقد تعمد الحكومة الأميركية أيضًا إلى تشديد العقوبات الثانوية ضد الأفراد الذين يتعاونون مع طهران، وهذا الإجراء يمكن أن يزيد الضغط على صادرات النفط الإيراني إلى الصين.

وقال المدير العالمي لأبحاث الشحن في شركة "أويل بروكريدج"، أنوب سينغ، لـ "بلومبرغ": "استهدفت الولايات المتحدة حتى الآن السفن وملاكها، ووجدت السوق حلولاً للالتفاف حول هذه العقوبات. ولكن هناك أهدافًا أكثر حيوية، من البنوك والحكومات إلى الدول التي تمنح السفن أعلامها وشركات التأمين".