أميركا وأوروبا: صبرنا على البرنامج النووي الإيراني ليس بلا حدود

طالبت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن يكون مستعدا للإبلاغ عن انتهاكات النظام الإيراني وامتناعه عن التعاون مع الوكالة. وأعلنت الدول الأربع في بيان مشترك من أن صبرها على البرنامج النووي الإيراني "ليس بلا حدود".

وفي بيان لها أثناء جلسة مجلس محافظي الوكالة، يوم الأربعاء 5 مارس (آذار) 2024، قالت كورين كيتسل، الممثلة الدائمة لبريطانيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، بالنيابة عن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، إن المجتمع الدولي أظهر صبرًا كبيرًا تجاه البرنامج النووي الإيراني، لكن هذا الصبر لن يدوم إلى الأبد.

وأكد البيان أنه إذا لم يتم تحقيق "تقدم واضح وموثوق من الناحية الفنية" في التعاون بين طهران والوكالة، فإن مجلس محافظي الوكالة يجب أن يدرس ويعلن عدم التزام إيران بالتزاماتها في إطار الضمانات.

ويمكن أن يؤدي هذا الإجراء إلى إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وكان رافائيل غروسي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد أكد في جلسة مجلس المحافظين، أن تطوير البرنامج النووي الإيراني يشكل "قلقًا بالغًا"، وأضاف أنه سيتم تقديم تقرير شامل حول الانتهاكات التي ارتكبها النظام الإيراني في هذا السياق.

كما أضاف غروسي أن إيران تؤكد أنها أبلغت الوكالة بكل المواد والأنشطة والمواقع النووية الضرورية وفقًا للاتفاقات المرتبطة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، لكن "هذا الادعاء يتناقض مع نتائج الوكالة التي تكشف عن العثور على جزيئات يورانيوم من أصل بشري في مواقع غير معلنة في إيران".

الترويكا الأوروبية وأميركا: الوقت ليس في صالح إيران

وفي البيان نفسه، أكدت الدول الأربع على ضرورة "التعاون الكامل" من إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقالوا: "لا ينبغي لأي دولة أن تتمكن من انتهاك التزاماتها في إطار الضمانات دون محاسبة".

وأضاف البيان: "بسبب عدم التعاون المستمر من إيران، لا تستطيع الوكالة توفير الضمانات الضرورية والموثوقة التي تؤكد أن البرنامج النووي الإيراني سلمي تمامًا وأنه لا توجد مواد أو أنشطة نووية غير معلنة في إيران".

وأوضحت الدول الأربع: "حتى الآن، اختارت إيران مسارها. لنكن واضحين: إذا لم تغير إيران مسارها، سيتعين على مجلس محافظي الوكالة اتخاذ مسار آخر. الوقت ليس في صالح إيران".

وقبل هذا البيان بساعات، عبر ممثل الاتحاد الأوروبي في جلسة مجلس المحافظين عن قلقه بشأن البرنامج النووي الإيراني، ودعا طهران إلى استئناف تنفيذ البروتوكول الإضافي بشكل طوعي حتى تتمكن الوكالة من التأكد من عدم وجود أنشطة نووية سرية.

يذكر أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا كانت قد اقترحت خلال العام الماضي إصدار قرار ضد البرنامج النووي الإيراني في مجلس المحافظين، الذي أكد على ضرورة التعاون الفوري من طهران مع الوكالة.

وفي هذا القرار، طلب من المدير العام للوكالة تقديم تقرير شامل حول مسار البرنامج النووي الإيراني.

البرنامج النووي الإيراني "يتجاوز أي مبرر مدني معقول"

كما حذرت الدول الأربع من أن امتناع إيران عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدم الوفاء بالتزاماتها، في وقت يستمر فيه البرنامج النووي الإيراني في التوسع إلى مستوى "يتجاوز أي مبرر مدني معقول"، يعد "مثيرًا للقلق الشديد".

وأشاروا إلى الأنشطة غير المعلنة في مواقع تورقوزآباد، ورامين، وماريوان، ولويزان-شيان. وقالوا إن إيران امتنعت عن تقديم معلومات حول هذه المواقع.

كما اعتبرت هذه الدول التصريحات الأخيرة لمسؤولي النظام الإيراني حول قدرته على إنتاج قنبلة نووية والحاجة إلى تغيير "العقيدة النووية" في طهران مصدر قلق متزايد.

ردود فعل المسؤولين الإيرانيين

تجدر الإشارة إلى أن إبراهيم رضائي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أكد أن النظام الإيراني يمتلك القدرة على إنتاج سلاح نووي، وإذا تحقق هذا الأمر في المستقبل، "سيعلن ذلك بكل شجاعة".

وفي الأشهر الأخيرة، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 على عشرات الأهداف العسكرية في إيران، ذكر بعض المسؤولين الإيرانيين احتمال تعديل "العقيدة النووية" لإيران.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، قال كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية ومستشار خامنئي، إن إيران قد تعيد النظر في عقيدتها النووية إذا تعرضت "لتهديد وجودي".

وأضاف خرازي أن إيران "تمتلك القدرة اللازمة" لتصنيع سلاح نووي ولا تواجه أي "مشاكل" في هذا المجال.

إيران تتبع "التحايل والتأخير"

واستنادًا إلى تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أن إيران لم تنفذ التزاماتها بموجب المادة 3.1 من الاتفاق، وهو ما يعد انتهاكًا للضمانات النووية.

وبموجب هذه المادة، يتعين على إيران إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأي منشآت نووية جديدة.

وأضافت الدول الأربع: "إن امتناع إيران عن تقديم هذه المعلومات للوكالة، بالنظر إلى تاريخها في بناء منشآت نووية سرية، يزيد من القلق بشأن نواياها".

وفي ختام بيانهم، قالت هذه الدول: "على مدار السنوات الماضية، أتيحت لإيران العديد من الفرص للتعاون، لكنها اختارت بدلاً من ذلك مسار التصعيد والتحايل والتأخير. وإذا استمرت إيران في هذا المسار، فإنها ستتحمل مسؤولية عواقب ذلك".

وفي تقريرها الأخير في مارس 2024، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد زادت بشكل كبير من مخزونها من اليورانيوم المخصب في الأشهر الثلاثة الماضية، وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن مخزون اليورانيوم الإيراني قد يكون كافيًا لصناعة 6 قنابل نووية.