بعد فشل "المصالحة الوطنية" مع المتشددين.. هل يفكر الرئيس الإيراني في مصالحة الشعب؟
أطاح المتشددون في إيران باثنين من كبار مساعدي الرئيس مسعود بزشكيان هما: وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي من خلال سحب الثقة في البرلمان. بينما استقال مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف تحت الضغط.
واتهم المتشددون عبد الناصر همتي بالفشل في السيطرة على ارتفاع الأسعار والتضخم وانهيار قيمة التومان الإيراني، بينما واجه ظريف انتقادات بسبب جنسية أفراد عائلته الأميركية. وقد دافع بزشكيان بقوة عن كلا الرجلين.
وكان السؤال الرئيسي في الصحف الإيرانية أمس الاثنين: "هل سيتوقف المتشددون عند هذا الحد؟"، حيث توقعت بعض الصحف استمرار الهجمات على بزشكيان وحكومته.
وقال محللون سياسيون تحدثوا إلى وسائل إعلام باللغة الفارسية خارج إيران، إن أي شخص في موقع بزشكيان كان سيستقيل فورًا تقريبًا.
وداخل إيران، ظل المحللون صامتين أو شعروا بالخوف الشديد من التعبير عن آراء قد تُعتبر تهديدًا لنزاهة الحكومة أو تزرع الفتنة بين المسؤولين.
وما لم تذكره وسائل الإعلام والمحللون والسياسيون في إيران هو أن همتي تم عزله بسبب مشاكل اقتصادية تعود جذورها إلى رفض المرشد علي خامنئي التفاوض مع الولايات المتحدة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة في إيران. ورغم أن الكثيرين اعترفوا في الأشهر الأخيرة بأن العقوبات الأميركية هي المحرك الرئيسي للمصاعب الاقتصادية في البلاد، إلا أنهم تجنبوا باستمرار إلقاء اللوم على خامنئي في هذا الوضع.
وحتى بزشكيان وهمتي حين وصفا بالتفصيل المشاكل الاقتصادية العميقة في إيران خلال خطاباتهما في البرلمان، تجنبا ذكر خامنئي صراحة كمسبب لهذه الأزمة. لكن بزشكيان أوضح قائلاً: "أردت التفاوض مع الولايات المتحدة، لكن خامنئي منع المفاوضات، ولذلك قلت إننا لن نتفاوض".
هذا التصريح وحده كان مدمرًا، حيث كان بزشكيان يحاول بشدة إيصال رسالة إلى الأمة بأن المعاناة ليست خطأه. وأن تحويل اللوم إلى وزير الاقتصاد ساعد في تبرئة المرشد من المسؤولية عن إطالة أمد المصاعب المالية في البلاد.
ومع سيطرة خامنئي على المشهد السياسي والإعلامي في البلاد، لم يتبقَ لبزشكيان مجال كبير للدفاع عن نفسه أكثر. ومن المرجح أن يُترك معزولًا، يواجه هجمات متزايدة من المتشددين الذين يعارضون رئاسته ولم يخفوا يومًا رغبتهم في الإطاحة به.
وقد نقل موقع "فرارو" الإصلاحي عن المتحدث السابق باسم الحكومة علي ربيعي قوله: "أيام أصعب تنتظر بزشكيان".
هذا وانتقد إصلاحيون آخرون، بمن فيهم رجل الدين محمد علي أبطحي، المساعد السابق للرئيس محمد خاتمي، انتقد بزشكيان لمحاولاته التوافق مع المتشددين. وجادل أبطحي بأن بزشكيان عين متشددين متطرفين في مناصب رئيسية في حكومته دون تأمين دعمهم لإدارته.
وكتب رئيس بلدية طهران الأسبق غلام حسين كرباسجي، الذي يمتلك حاليًا صحيفة "هم ميهن" الوسطية: "سيصبح المتشددون أكثر جرأة إذا لم يعترض بزشكيان واستمر في تقديم تنازلات للمتطرفين".
ونصح كرباسجي بزشكيان قائلاً: "يجب أن يكون هناك حد لفكرة المصالحة الوطنية". وأضاف أن عزل همتي كان خطوة فئوية ولن تؤدي على الأرجح إلى أي تحسن في الوضع الاقتصادي للبلاد. وأوضح أن "المتشددين المتطرفين كانوا دائمًا يحملون ضغينة ضد همتي منذ يونيو (حزيران) 2021 عندما كان ينافس شخصيات متشددة بارزة مثل سعيد جليلي وإبراهيم رئيسي كمرشح رئاسي وسأل عن فهمهم لاقتصاد البلاد".
وفي إشارة إلى "فشل المصالحة الوطنية كمشروع رئيسي لبزشكيان"، حذرت صحيفة "رويداد24" الإصلاحية الرئيس الإيراني قائلة: "فشلت المصالحة مع الآخرين في السلطة. فكر في المصالحة مع الشعب".