أسعار الأرز تتضاعف في إيران.. ومحتكرون يسيطرون على السوق وسط فساد حكومي

تشهد الأسواق الإيرانية اضطرابًا حادًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية؛ فبعد الزيت والبطاطس، جاء الآن دور الأرز، الذي ارتفعت أسعاره بشكل كبير، وصلت أحيانًا إلى الضعف؛ في ظل ندرة المعروض، سواء من الأرز المحلي أو المستورد، وذلك بسبب فشل السياسات الحكومية.
وفي طهران، وصل سعر كيلو الأرز المحلي إلى 160-200 ألف تومان (نحو دولارين)، بينما يتراوح سعر الأرز الباكستاني والهندي بين 55 و85 ألف تومان، في حين كان سعر كيلو الأرز قبل تلك الأزمات في الأسواق، يتراوح بين 85 و110 آلاف تومان، بينما كان سعر المستورد أقل من 70 ألف تومان.
وسجلت أسعار الأرز الإيراني زيادة كبيرة جدًا، مقارنة بالمستورد، وبناءً على ذلك، لا يمكن إرجاع سبب هذه الزيادة في الأسعار إلى تأثير تراجع سعر العُملة المحلية.
ويأتي ذلك بعدما أكد النائب البرلماني عن مدينة آمل بمحافظة مازندران، رضا حاجي بور، إلى وجود الأرز الإيراني وتوفره بكثرة، وأنه لا حاجة لاستيراده بعد الآن، وأن الأرز الموجود في الأسواق يكفي احتياجات الاستهلاك المحلي.
والآن، وبعد ما يقرب من أربعة أشهر من تصريحات هذا النائب، ارتفع سعر الأرز المحلي ليصل إلى الضعف تقريبًا في غضون بضعة أسابيع.
لماذا ارتفع سعر الأرز بنسبة 100 في المائة؟
إن تدخل الحكومة الإيرانية في الأسواق، وفقًا للتجربة، لا يؤدي فقط إلى زيادة الضغط على المستهلكين من خلال ندرة السلع أو ارتفاع أسعارها، بل يخلق أيضًا أرضًا خصبة للفساد؛ حيث لم يمضِ أكثر من أسبوعين على أزمة البطاطس في إيران، التي كان أحد أسبابها تدمير كميات كبيرة من المحصول والتصدير المفرط له، حتى بدأت أزمة الأرز.
وهذه ليست المرة الأولى، التي تشهد فيها السوق الإيرانية زيادة مفاجئة في أسعار الأرز؛ ففي عام 2021، وعلى الرغم من أن سعر الأرز الإيراني كان قريبًا من الأرز المستورد، فإن القيود المفروضة على استيراد الأرز تسببت في زيادة أسعاره بصورة كبيرة.
وقال المدير التنفيذي لشركة التجارة الحكومية في ذلك الوقت: "إن الجفاف الذي استمر 50 عامًا وأدى إلى تضرر المحاصيل الزراعية المختلفة، بما في ذلك الأرز، تسبب في انخفاض إنتاج الأرز المحلي بنسبة تتراوح بين 18 و19 في المائة".
ومن جهة أخرى، أبلغت جمعية مستوردي الأرز عن انخفاض مخزون الأرز المستورد، وطالبت مرارًا بتقليص فترة حظر استيراد الأرز الموسمي، لكن لم يتم الالتفات إلى أي من هذه المطالب، وفي النهاية ارتفعت الأسعار.
ووفقًا للبيانات الرسمية، في ذلك العام، فقد ارتفع سعر الأرز بنسبة تزيد على 131 في المائة.
تعميم حكومي
وفقًا للتعميم الحكومي، الذي صدر لأول مرة في عام 2023، أصبح مستوردو الأرز، الذين غالبًا ما يكونون تابعين لشركات قابضة كبيرة، ملزمين بشراء طن واحد من الأرز المحلي مقابل كل طن من المستورد.
وطُبقت هذه السياسة بشكل أكثر صرامة هذا العام، مما دفع المستوردين إلى الدخول في سوق الأرز المحلي.
وبالنظر إلى حجم الاستهلاك المحلي، لا يعد الأرز الإيراني منتجًا يحتاج إلى شراء أو دعم حكومي، ومن غير الواضح ما هو الدعم الذي تقدمه هذه السياسة للمزارعين، لكن تأثيرها على جانب الطلب والسوق أصبح واضحًا.
وقد أدى هذا التعميم عمليًا إلى ظهور نوع من الاحتكار في سوق الأرز المحلي، وجعله تحت سيطرة المستوردين. وهو أمر اعتبره المتحدث باسم اتحاد تجار المواد الغذائية، حسين فرهادي، تمهيدًا لظهور "سلاطين جدد" في السوق.
ويُشار إلى أن مصطلح "السلطان" دخل إلى الأدبيات الإعلامية الاقتصادية منذ عقد التسعينيات، وهو يشير إلى السيطرة الاحتكارية على الأسواق من قِبل شخص أو مجموعة معينة.
ومن جهة أخرى، ظهرت الآن حالات فساد في مجال استيراد الأرز. ففي 16 فبراير (شباط) الجاري، كشف نائب مدينة لنغرود في البرلمان الإيراني، مهرداد لاهوتي، عن فساد بقيمة 1400 مليار تومان في استيراد الأرز، وقال إنهم اشتروا الأرز الأجنبي بسعر أعلى بـ 300 دولار للطن الواحد.