واشنطن تعرض طائرة انتحارية إيرانية.. دليل جديد على تدخل طهران في حرب أوكرانيا

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن القوات الأوكرانية أسقطت طائرة مسيّرة انتحارية إيرانية من طراز "شاهد 136"، خلال حرب روسيا على أوكرانيا، وتم نقل الطائرة إلى أميركا كدليل على التدخل الإيراني المباشر في الحرب، وستُعرض في واشنطن خلال مؤتمر العمل السياسي للمحافظين.

ووفقًا للتقارير، من المقرر أن يلقي دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، خطابًا في هذا المؤتمر.
جدير بالذكر أن الطائرات المسيّرة الانتحارية من طراز شاهد تُعدّ من بين الأسلحة الفتّاكة المستخدمة في الحرب الأوكرانية، حيث تُطلِقها القوات الروسية في أسراب نحو أهداف في أوكرانيا.

ووفقًا لوسائل إعلام أوكرانية، فإن هذه الطائرات تستهدف المستشفيات والمدارس والمباني السكنية أكثر من المواقع العسكرية.

وبحسب "وول ستريت جورنال"، وصلت هذه الطائرة المسيّرة، التي تُعدّ أحد الأدلة على الدور الإيراني المباشر في الحرب، إلى قاعدة أندروز العسكرية في ماريلاند يوم الثلاثاء على متن طائرة "C-130" تابعة لسلاح الجو البولندي.

ووفقاً لهذا التقرير، تُعدّ الطائرة المسيّرة "شاهد 136" الأكثر استخدامًا عسكريًا في العالم، حيث تُصنَّع تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، الذي تصنّفه الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.

يذكر أن الطائرة المسيّرة التي ضربت ملجأ احتواء الإشعاع في مفاعل تشيرنوبل النووي المُدمَّر يوم 5 فبراير (شباط)، كانت من طراز "Geran-2"، وهو الاسم الروسي للطائرة المسيّرة "شاهد 136" الإيرانية.

وفي 28 يناير (كانون الثاني) 2024، استخدمت قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران طائرة مسيّرة من الطراز نفسه في هجوم على قاعدة أميركية صغيرة تُعرف باسم "برج 22" شمال شرقي الأردن، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين.

أما الطائرة المسيّرة "شاهد" التي وصلت إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع، وتوجد حاليًا في منطقة كوينز بنيويورك، فقد قامت القوات الخاصة الأوكرانية والبولندية، بالتعاون مع المنظمة الأميركية غير الربحية "الاتحاد ضد إيران النووية"، بانتزاعها من ساحة القتال ونقلها إلى الولايات المتحدة.

وتتميّز هذه الطائرة بجناح على شكل دلتا ومقدّمة بارزة تضمّ رأسًا حربيًا، كما أن لونها الداكن يجعل من الصعب اكتشافها أثناء التحليق ليلاً.

ورغم تعرّض مراوح محركها لأضرار عند إسقاطها من قِبَل القوات الأوكرانية، فإن بقية أجزائها بقيت سليمة. وقد قام الأوكرانيون بتعطيلها وتفكيك رأسها الحربي، فيما أجرى البولنديون عمليتي تفتيش قبل نقلها إلى الولايات المتحدة.

وقد صرح مارك والاس، رئيس منظمة "الاتحاد ضد إيران النووية"، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة خلال رئاسة جورج دبليو بوش، لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن الطائرة المسيّرة نُقلت إلى واشنطن ليلًا عبر شاحنة، حيث سيتم عرضها خلال مؤتمر العمل السياسي للمحافظين نهاية هذا الأسبوع.

وقال والاس إن هدفه من عرض هذه الطائرة هو دفع صُنّاع القرار إلى "الاعتراف بالطائرة المسيّرة (شاهد) الإيرانية كأكثر أسلحة الإرهاب والقتل الجماعي استخدامًا".

وفي حديثه مع الصحيفة، شبّه والاس هذه الطائرة بالقنبلة الطائرة "V-1" التي استخدمها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية لاستهداف لندن.

ويبلغ طول الطائرة 3.35 متر، وعرضها 2.44 متر، ويصل مداها الأقصى إلى 2575 كيلومترًا، أي أكثر بكثير من مدى " V-1". أما رأسها الحربي، فيحتوي على شحنة متفجرة تعادل 50 كغم من "TNT"، وتُقدَّر تكلفة تصنيعها بـ8 آلاف دولار.

ووفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، فإن لدى الولايات المتحدة أسبابًا وجيهة للقلق من هذه الطائرة المسيّرة.

من جهة ثانية، فإن نورمان رول، الذي عمل 34 عامًا في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وكان مسؤولًا عن ملف إيران في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، ويعمل الآن مستشارًا كبيرًا في "الاتحاد ضد إيران النووية"، قال للصحيفة إن "إيران تُصدّر قوتها عبر وكلائها".

وأضاف: "روسيا نفسها كوكيل للنظام الإيراني في هذا الشأن، حيث ساعدت على توسيع نفوذ إيران ومنحتها القدرة على العمل على الساحة الدولية".

وقد صرّح المسؤول الأمني الأميركي السابق لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن "العالم لم يسبق له أن شهد حالة مثل إيران، التي تُنتج وتُصدّر الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل منتظم لاستخدامها ضد أهداف مدنية".

من جهته، قال مارك والاس للصحيفة إن الحصول على هذه الطائرة المسيّرة جاء نتيجة طلب قدّمه مع رجل الأعمال الأميركي توماس كابلان إلى رادك سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي، وهو الطلب الذي استجاب له بعد التنسيق مع نظيره الأوكراني.

وفي مكالمة هاتفية مع الصحيفة، قال سيكورسكي: "هناك محور عدواني بين إيران وروسيا. نظام طهران يبث الموت والدمار في كل اتجاه، وعلينا أن نواجه هذا التهديد بشكل مشترك ومباشر لإزالته".

وعن كيفية تعامل القوات الأوكرانية مع طائرات "شاهد"، أوضح سيكورسكي أن أوكرانيا تمتلك "نظامًا ذكيًا للغاية لتحديد مواقع الطائرات المسيّرة عبر الصوت، حيث تُستخدم آلاف الهواتف الذكية المتصلة بالشبكات الخلوية لرصد صوت الطائرات المسيّرة القادمة، ما يسمح بتتبّع مسارها في سماء أوكرانيا واستهدافها وإسقاطها من قبل الوحدات المتنقلة".

لكن رغم براعة الأوكرانيين في اصطياد هذه الطائرات، فإن "شاهد" (أو غرنان بحسب التسمية الروسية) تُلحق دمارًا واسعًا، حيث استخدمت القوات الروسية آلاف الطائرات المسيّرة لمهاجمة أوكرانيا منذ بداية الحرب.

كيف تم نقل هذه الطائرة المسيّرة إلى الولايات المتحدة؟

قال مارك والاس لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن إخراجها من أوكرانيا كان تحديًا أمنيًا معقدًا، موضحًا: "الإيرانيون حاولوا لسنوات إخفاء الدور الحقيقي لهذا السلاح الإرهابي للدمار الشامل، لذلك كان علينا تهريبها تحت جنح الظلام".

وأضاف أن دخولها إلى الولايات المتحدة كان محظورًا باعتبارها منتجًا إيرانيًا يخضع للعقوبات، لكنه أشار إلى أن سجل منظمة "اتحاد ضد إيران النووية" في التعاون مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، خاصة في قضايا تتعلق بـ"سفن الأشباح التي تهرّب النفط"، ساعد في الحصول على ترخيص لاستيرادها خلال عشرة أيام فقط.

أما نورمن رول، الخبير السابق في مجتمع الاستخبارات الأميركي، فقد شبّه إيران بـ"مُشعل الحرائق المتسلسل"، قائلًا: "النظام الإيراني يرعى علنًا جهات أخرى تُشعل الأزمات في دول المنطقة".

وأوضح: "طهران تختار جهات تشاركها أيديولوجيتها، وتوفر لها الحماية، وتدعمها سياسيًا وتقنيًا وماليًا، ثم تراقب كيف تتحرك هذه الجهات لضرب أعداء إيران".