تحليل

غضب الإيرانيين من "هِبة خامنئي المليارية" للبنانيين

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

أثار تقرير "إيران إنترناشيونال" الأخير حول تفاصيل المساعدة المليارية التي قدمها المرشد الإيراني علي خامنئي لعائلات لبنانية ردود فعل واسعة بين الإيرانيين، حيث أعرب العديد من المتابعين عن استيائهم من هذا الإجراء عبر رسائل تعبر عن سخطهم.

ويعتقد هؤلاء المواطنون أنه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب الإيراني، فإن تخصيص مثل هذه المبالغ الطائلة لدعم حزب الله اللبناني وأنصاره هو أمر غير مبرر.

ويؤكد المنتقدون لهذه المساعدة المالية أن مسؤولي النظام يدّعون دائمًا نقص الموارد المالية لحل المشكلات الداخلية، بينما ينفقون مبالغ ضخمة لدعم الجماعات التابعة لهم في دول أخرى.

السؤال الأساسي الذي يطرحه الإيرانيون هو: ألم يكن من الأفضل توجيه هذه الموارد المالية لتخفيف الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الشعب الإيراني؟

من أبرز النقاط في ردود الفعل هو حجم الغضب الشعبي العارم تجاه هذا الإجراء.

وأعرب العديد من متابعي "إيران إنترناشيونال" الذين أرسلوا رسائل بالإضافة إلى ذكر مشكلاتهم الاقتصادية، عن استغرابهم من تخصيص مثل هذه المساعدات للعائلات اللبنانية في وقت يعاني فيه الشعب الإيراني من صعوبات كبيرة في توفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والدواء.

وأشار بعض المواطنين إلى أنهم عند مراجعتهم صناديق التقاعد لاستلام مستحقاتهم البسيطة، يتم إخبارهم بأن "الصناديق فارغة"، بينما يرون في الوقت نفسه تخصيص مليارات الدولارات لدعم حزب الله اللبناني.

ووفقًا للمعلومات المنشورة، فإن المساعدة المالية التي قدمها خامنئي شملت مبالغ تصل إلى 1.3 مليار تومان لكل عائلة من أنصار حزب الله في بيروت، و1.1 مليار تومان للعائلات المقيمة خارج بيروت.

بالإضافة إلى ذلك، تم دفع مبالغ تتراوح بين 300 إلى 400 دولار لنحو 233,500 عائلة لبنانية، ليصل إجمالي المبلغ إلى حوالي 7 تريليونات تومان.

وقد تم تأكيد هذه المساعدات من قبل نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله اللبناني، والتي تم تقديمها قبل ثلاثة أشهر.

ووصل الغضب الشعبي في إيران تجاه هذه المساعدات إلى مستوى عالٍ، لدرجة أن العديد من المتابعين عبروا عن آرائهم بلغة حادة وناقدة تجاه قرارات خامنئي.

وتشير التحليلات الاجتماعية إلى أن هذا الغضب الشديد له جذور في الاستياء العميق من أداء النظام، وإهمال مطالب المواطنين، والفساد المستشري.

ويعتقد بعض المواطنين أن النظام الإيراني ليس فقط فاشلًا وفاسدًا، بل إنه يتعمد اتباع سياسات تُعتبر نوعًا من التحدي للشعب.

ومن النقاط الأخرى التي ظهرت في رسائل المتابعين هي الإشارة إلى الروابط التاريخية والعائلية بين العديد من مسؤولي النظام الإيراني ورجال الدين الشيعة في لبنان.

ويعتقد بعض المعارضين أن مسؤولي النظام الإيراني، وخاصة رجال الدين الحاكمين، لا يعتبرون أنفسهم إيرانيين بسبب ارتباطاتهم التاريخية، ولهذا السبب يفضلون مصالح لبنان والعراق على مصالح إيران وشعبها.

وتشير الأدلة التاريخية أيضًا إلى أن تأسيس المؤسسة الدينية الشيعية في إيران خلال العصر الصفوي تم بفضل مجموعة من رجال الدين اللبنانيين، ولا تزال هذه الروابط قائمة حتى اليوم.

كما أن العلاقات العائلية بين بعض العائلات الدينية في إيران ولبنان، بما في ذلك عائلة الصدر التي تُعد من أكثر العائلات الدينية نفوذًا في إيران ولبنان والعراق، لا تزال قوية.

على سبيل المثال، زوجة أحمد الخميني تنتمي إلى هذه العائلة، ولا يزال أفراد هذه العائلة يتمتعون بنفوذ في مؤسسات النظام الإيراني.

ومحمد الصدر، أحد كبار مسؤولي النظام الإيراني وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، ينتمي أيضًا إلى هذه العائلة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الروابط المالية والسياسية بين قادة الحرس الثوري وحزب الله اللبناني تستحق الاهتمام.

ومن الأمثلة على هذه العلاقات، زواج زينب سليماني، ابنة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الذي قُتل، من ابن هاشم صفي الدين، نائب حسن نصر الله الذي قُتل أيضًا، مما يظهر عمق هذه العلاقات.

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشعب الإيراني، فإن الكشف عن هذه المساعدات المالية الضخمة لحزب الله اللبناني قد زاد من الاستياء والغضب الشعبي.