60 بالمائة من العمالة في إيران "غير رسمية".. و10 ملايين شخص خارج "التأمين الاجتماعي"

أظهرت تقارير جديدة من "منظمة التأمين الاجتماعي" الإيرانية، أن نحو 10 ملايين شخص من سكان البلاد لا يتمتعون بتغطية الضمان الاجتماعي، وهو ما يعكس انتشار العمل غير الرسمي في إيران، والذي يشكل وفقًا لتقارير البنك الدولي 60 في المائة من إجمالي العمالة في البلاد.
وذكرت صحيفة "اعتماد"، في تحقيق لها، أن عدد المؤمن عليهم إلزاميًا في منظمة التأمين الاجتماعي بلغ نحو 16 مليون شخص العام الماضي، في حين يُقدَّر عدد السكان النشطين في البلاد بنحو 26 مليونًا و462 ألف شخص.
ونتيجة لذلك، فإن ما يقارب 10 ملايين شخص إما يعملون لحسابهم الخاص بدخل غير مستقر ويفضلون عدم الاستفادة من تغطية التأمين الاجتماعي، أو يعملون في القطاع غير الرسمي للاقتصاد ومحرومون من مزايا التأمين الاجتماعي.
ووفقًا لتقرير مساعد "دراسات الاقتصاد في غرفة طهران"، فإن قطاعات مختلفة من الاقتصاد الإيراني، بما فيها الزراعة والصناعة والخدمات، متورطة في "الاقتصاد غير الرسمي"؛ حيث إن العديد من الورش والمهن تستمر في العمل بهذه القطاعات، دون دفع الضرائب، ودون الالتزام بقوانين العمل.
وأظهر تقرير البنك الدولي لعام 2022 أن حصة العمالة غير الرسمية في إيران تبلغ 63 في المائة للنساء و58 في المائة للرجال. هذا الاتجاه يختلف عن المتوسط العالمي، الذي تكون فيه حصة الرجال أعلى في العمالة غير الرسمية.
كما أن أكثر من 75 في المائة من العاملين في المناطق الريفية في إيران يعملون في القطاع غير الرسمي، في حين أن نصف الوظائف في المناطق الحضرية غير رسمية أيضًا.
وتشير الدراسات إلى أن العمالة غير الرسمية في إيران تشكل الحصة الكبرى في قطاع الزراعة، حيث إن 78 في المائة من الوظائف في هذا القطاع غير رسمية. في حين أن ثلثي العمالة في قطاع الصناعة غير رسمية، و50 في المائة من الوظائف في قطاع الخدمات تقع ضمن هذه الفئة.
ومن المشاكل الكبيرة للاقتصاد غير الرسمي هو عدم وجود معلومات واضحة حول حجم الإنتاج والأنشطة في هذا القطاع، مما يجعل من الصعب على الحكومة مراقبته.
ووفقًا لتقرير "مركز التخطيط والمعلومات الاستراتيجية" التابع لوزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي الإيرانية، فقد بلغت حصة العمالة غير الرسمية في عام 2019 نحو 59.2 في المائة. وكانت النساء يشكلن الحصة الكبرى في الوظائف غير الرسمية.
وأضاف التقرير أن الاقتصاد غير الرسمي في البلدان النامية يعتبر مصدرًا مهمًا لكسب العيش، ولكنه في الوقت نفسه يمكن أن يؤثر سلبًا على الوظائف الرسمية. فالشركات غير الرسمية، تتنافس بشكل غير عادل مع الشركات الرسمية؛ بسبب تهربها من اللوائح والضرائب، مما قد يؤدي إلى انخفاض فرص العمل في القطاع الرسمي.
وحلّل "مركز أبحاث البرلمان الإيراني"، في تقرير له، الاقتصاد غير الرسمي من منظورين مختلفين، استنادًا إلى آراء بعض الاقتصاديين. فبعض الاقتصاديين يعتبرون هذا القطاع بمثابة قوة اقتصادية يمكن أن تسهم في النمو والتنمية من خلال إصلاح القوانين. في المقابل، يعتقد آخرون أن الاقتصاد غير الرسمي، بسبب الاستفادة من التهرب الضريبي وعدم الالتزام بالقوانين، يعزز المنافسة غير العادلة مع القطاع الرسمي.
وبشكل عام، يُعتبر نمو العمالة غير الرسمية في إيران تحديًا جديًا لصانعي السياسات، ويتطلب تخطيطًا وإصلاحات أساسية في النظام الاقتصادي والتأميني في البلاد.
وكل هذا يحدث في وقت يرى فيه العديد من الخبراء المستقلين أن عدم كفاءة مسؤولي النظام الإيراني هو أساس جميع الأزمات الاقتصادية والمشكلات المعيشية في المجتمع، ولا يوجد أمل في تحسينها دون تغييرات جذرية.