تراجع الإيرادات الإيرانية بعد انهيار صادراتها النفطية إلى الصين
![](https://i.iranintl.com/images/rdk9umy0/production/a6514b274b96493d63a9cabce8ed204ce202513c-1399x600.webp?rect=167,0,1067,600&w=992&h=558&fit=crop&auto=format)
انخفضت واردات الصين من النفط الخام الإيراني بأكثر من النصف، في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أن حظرت حكومة بكين ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من دخول ميناء شاندونغ، وهو أكبر ميناء صيني يستقبل النفط الإيراني.
وكشفت تحقيقات "إيران إنترناشيونال" أن مبيعات النفط الإيراني إلى الصين شهدت انخفاضًا حادًا الشهر الماضي، بينما بدأ تراجع عائدات التصدير قبل أشهر، بالتزامن مع فرض العقوبات الأميركية على عشرات الناقلات، التي تنقل النفط الإيراني.
وفرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، عقوبات على عشرات الناقلات، التي تنقل النفط الإيراني، بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ورغم أن هذا أدى في البداية إلى انخفاض نسبي في تفريغ النفط الإيراني بالموانئ الصينية، فإن الضربة الحقيقية جاءت في أوائل يناير 2025 عندما منعت الصين، خوفًا من عقوبات أميركية محتملة في ظل إدارة دونالد ترامب، ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من دخول ميناء شاندونغ.
وتعد المصافي الصينية الصغيرة والمستقلة، والتي تُعرف باسم "إبريق الشاي"، هي المنفذ الوحيد أمام النفط الإيراني، ويوجد معظمها في ميناء شاندونغ؛ حيث يتم تفريغ 90 في المائة من شحنات النفط الإيراني.
وتُظهر إحصائيات شركة "كيبلر" أن شحنات النفط الإيراني إلى الصين انخفضت إلى أقل من 850 ألف برميل يوميًا في يناير، مقارنة بأكثر من 1.8 مليون برميل يوميًا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال كبير المحللين في "كيبلر"، حميدون فلاح زاده، لـ "إيران إنترناشيونال": "إن الاحتياطيات العائمة للنفط الإيراني تضاعفت ثلاث مرات أيضًا لتصل إلى 35 مليون برميل خلال هذه الفترة".
وهذا يفسر التناقض بين ادعاءات إيران بشأن الشحنات الثابتة وانخفاض الصادرات إلى الصين.
وترسو معظم الناقلات في مياه قبالة سنغافورة وماليزيا، بينما تسعى إيران إلى العثور على ناقلات غير خاضعة للعقوبات؛ لنقل الشحنات إلى ميناء شاندونغ الصيني.
وعلى الرغم من أن حجم شحنات النفط الإيراني إلى الصين شهد انخفاضًا نسبيًا في أواخر عام 2024، وتراجع بشكل حاد في يناير الماضي، فإن بيانات الجمارك الإيرانية تشير إلى أن الانخفاض الحاد في عائدات النفط بدأ في وقت مبكر، يعود إلى أكتوبر الماضي.
ومنذ مارس (آذار) إلى سبتمبر (أيلول) 2024، كان مسؤولو الجمارك والحكومة الإيرانية يعلنون بانتظام أرقام الإيرادات النفطية الشهرية. ومع ذلك، ظلوا صامتين منذ أكتوبر الماضي، حتى أشار وزير الشؤون الاقتصادية الإيراني، عبدالناصر همتي، مؤخرًا إلى عائدات تصدير النفط بشكل موجز في تغريدة حول التجارة الخارجية للبلاد.
وأشارت أحدث البيانات الصادرة عن إدارة الجمارك الإيرانية إلى أن طهران صدّرت نفطًا بقيمة 23 مليار دولار، في الأشهر الستة الأولى من السنة المالية الإيرانية الحالية (من 21 مارس إلى 21 سبتمبر). ولم يتم الإعلان عن أي أرقام رسمية أخرى حتى أعلن همتي، مستشهدًا ببيانات الجمارك، أن عائدات تصدير النفط الإيراني بلغت 30 مليار دولار، خلال الأشهر العشرة الماضية.
وهو ما يعني ببساطة، انخفاض الإيرادات الشهرية لتصدير النفط الإيراني من 3.83 مليار دولار في النصف الأول من السنة المالية (مارس- سبتمبر)، إلى 1.75 مليار دولار فقط، خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ولا يزال السبب وراء انهيار عائدات النفط الإيراني بشكل يفوق بكثير تراجع حجم مبيعات النفط الخام إلى الصين غير واضح. ومع ذلك، يبدو أن العقوبات الأخيرة، التي فرضتها إدارة بايدن، على عشرات الناقلات في أكتوبر 2024 قد زادت بشكل كبير من تكلفة نقل النفط الإيراني إلى الصين، مما أدى إلى انخفاض حاد في الإيرادات.
وعلاوة على ذلك، توقفت صادرات النفط الإيراني إلى سوريا أيضًا في الأشهر الأخيرة، بعد سقوط حكومة بشار الأسد. وعلى الرغم من انخفاض حجم التصدير إلى نحو 60 ألف برميل يوميًا فقط، فإنه لا يمكن لهذا وحده تفسير تراجع عائدات النفط الإيراني إلى النصف، خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ومنذ أكتوبر الماضي، عانى الريال الإيراني أيضًا انخفاضًا حادًا في قيمته؛ حيث ارتفع سعر الدولار الأميركي الواحد من نحو 600 ألف إلى 900 ألف ريال في السوق الحرة؛ مما يسلط الضوء على تحدٍ كبير تواجهه الحكومة الإيرانية، في تلبية احتياجات البلاد من العملات الأجنبية.
يذكر أنه في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، فرضت واشنطن عقوبات على أكثر من 180 ناقلة تنقل النفط الخام الروسي.
ووفقًا لوكالة "رويترز"، فقد أدى هذا الإجراء إلى زيادة تكلفة استئجار ناقلات غير خاضعة للعقوبات لنقل النفط الروسي إلى الصين بمقدار 3.5 مرة. ونتيجة لذلك، اتجهت بعض الناقلات، التي لم تكن خاضعة للعقوبات سابقًا وكانت متورطة في تهريب النفط الإيراني، نحو روسيا، مما جعل من الصعب على إيران العثور على ناقلات غير خاضعة للعقوبات لنقل نفطها إلى الموانئ الصينية.
في هذا الصدد، أفادت شركة "تانكر تراكرز"، المتخصصة في تتبع ومراقبة السفن باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، في 13 فبراير (شباط) الجاري، بأن ناقلة نفط عملاقة (VLCC) كانت تعمل سابقًا في تهريب النفط الإيراني، تتجه الآن إلى الصين محملة بـ 1.9 مليون برميل من النفط الخام الروسي.
وبالمثل، أكدت "كيبلر" أن عدة ناقلات كبيرة كانت تعمل سابقًا لصالح إيران اتجهت الآن إلى روسيا.
وفي الوقت نفسه، تجاوزت احتياطيات النفط العائمة لروسيا 88 مليون برميل، ويبدو أن التحديات اللوجستية أمام البلاد لن تُحل قريبًا.