قتل النساء في إيران: جريمة عائلية أم استراتيجية حكومية لقمعهن؟

خلال النصف الثاني من شهر يناير (كانون الثاني)، قُتل ما لا يقل عن سبع نساء بإيران في جرائم قتل بدافع الشرف.
ولا يخفى أن القانون الذي يمنح القتلة الحصانة، والحكومة التي تروج للعنف، والنساء اللواتي غيرن أنماط حياتهن، كل ذلك حوَّل قتل النساء من مأساة عائلية إلى قضية سياسية.
وقتل النساء في إيران ليس مجرد نتيجة للتعصبات العائلية أو الثقافة التقليدية. فغالبًا ما تحدث جرائم القتل بدافع الشرف كرد فعل على سلوكيات تعكس تغير دور المرأة في المجتمع: الرغبة في الاستقلال، وترك الزواج القسري، واختيار شريك الحياة، والمشاركة في المجتمع، وحتى اتخاذ القرارات المتعلقة بالملبس.
هذه التغيرات، التي تسارعت مع تزايد وعي النساء في السنوات الأخيرة، هددت الهياكل الأبوية وأجبرت الحكومة على الرد.
ويمكن اعتبار هذه الجرائم جزءًا من سياسة القمع الحكومية التي، بالتعاون مع القوانين الأبوية، تجعل الفضاء العام غير آمن للنساء وتشجع المجتمع على السيطرة عليهن واستبعادهن.
تسهيل قتل النساء
أحد العوامل الرئيسية لاستمرار جرائم القتل بدافع الشرف هو الدعم القانوني من الحكومة لهذه الجرائم وغياب القوانين الرادعة. ويعلم القتلة أن القانون يقف إلى جانبهم وأنهم سيواجهون عقوبات مخففة.
والد رومينا أشرفي، الفتاة البالغة من العمر 14 عامًا التي قُطع رأسها في عام 2020، كان على دراية تامة بهذه الحصانة. فقبل شهر من الجريمة، وبعد اتصاله بصهره الذي كان محاميًا، علم أنه كونه ولي الدم "لن يُقتص منه".
وبعد اعتقاله، قال دون ندم إنه لم يعد يستطيع رفع رأسه في مكان إقامته بعد نشر صور ابنته.
كان يعلم أنه ليس فقط لن يواجه عقوبة شديدة، بل إن الكثيرين من حوله سيثنون عليه.
هذا الوعي بالحصانة القانونية هو نتيجة لسياسات النظام الإيراني تجاه جرائم القتل بدافع الشرف. وقوانين مثل المادة 630 من قانون العقوبات الإسلامي التي تسمح للرجل بقتل زوجته عند الشك في خيانتها، والمادة 220 التي تعفي الأب من القصاص في حالة قتل ابنته، وغياب قانون شامل لحماية النساء من العنف المنزلي، توجه رسالة للقتلة بأن قتل النساء ليس جريمة خطيرة، بل هو عمل للدفاع عن "شرف الرجال".
قتل النساء كأداة للسيطرة على المجتمع
جرائم القتل بدافع الشرف ليست فقط أداة للعائلة "لحفظ السمعة"، بل هي جزء من سياسة حكومية أوسع لمنع التغيرات الاجتماعية.
وفي العقدين الأخيرين، ازداد حضور النساء في المجتمع، وأصبحت مطالبهن بالمساواة والحرية أكثر انتشارًا. والنظام الإيراني الذي يرى هذه التغيرات تهديدًا لسلطته، يستهدف النساء على المستويين العام والخاص.
فعلى المستوى العام، يقمع النظام النساء من خلال التشديد على الحجاب الإجباري، ومنع دخول النساء إلى بعض الأماكن العامة، وفرض قيود على العمل، ومحاولة إقصائهن.
وعلى المستوى الخاص، يتم تسهيل العنف ضد النساء، حيث إن الدعم القانوني لجرائم القتل بدافع الشرف، وعدم إقرار قوانين حماية، ونشر ثقافة "حماية الشرف"، جعلت النساء غير آمنات حتى في منازلهن.
ومن خلال هذه السياسات، تحاول إيران جعل النساء سلبيات ومنعزلات في المنزل، وتحويل الرجال إلى أدوات لقمعهن، وبالتالي تفويض جزء من برنامج قمع النساء إليهم. هذه الاستراتيجية لم تعمم فقط العنف ضد النساء، بل جعلت الفضاء العام غير آمن لهن.
قتلة الشرف.. منفذو القمع الحكومي غير الرسمي
تم استخدام جرائم القتل بدافع الشرف كأداة للقمع الاجتماعي أيضًا. فالقاتل المتسلسل، سعيد حنائي، الذي قتل 16 امرأة تعمل بالدعارة في مشهد من أغسطس (آب) 2000 إلى أغسطس 2001، قال: "عندما يسألونني عن جرمي، أقول إنه العمل ضد النساء العاملات في الدعارة، في مقابل جريمة مثل العمل ضد الأمن القومي".
فكان يعتقد أنه يؤدي واجبًا دينيًا واجتماعيًا. ابنه أيضًا، بعد اعتقال والده، أعلن أن الناس يدعمون عمله وأنه سيستمر في هذا الطريق.
وأحد الأمثلة المعروفة لجرائم القتل بدافع الشرف بهدف "تطهير المجتمع" هو جرائم القتل المتسلسلة في كرمان عام 2002، التي نفذتها مجموعة من الشباب المتدينين بدوافع مشابهة لسعيد حنائي.
في هذه القضية، قتل ستة شباب تتراوح أعمارهم بين 19 و22 عامًا في مدينة كرمان عدة نساء ورجال اعتبروهم "مفسدين". كانوا يعتقدون أن قتل هؤلاء الأشخاص سيطهر المجتمع، وكانوا يعتبرون أنفسهم منفذي "الحدود الشرعية".
وقال أحد أعضاء المجموعة خلال التحقيقات: "لقد قدمنا خدمة كبيرة للمجتمع. هؤلاء الأشخاص كانوا يدمرون الأمن الأخلاقي للمدينة، ولم يكن أحد يجرؤ على مواجهتهم. اضطررنا للتدخل".
هذه الأمثلة تظهر أن قتل النساء ليس قضية شخصية أو عائلية، بل هو جريمة حكومية. لكن المجتمع الإيراني لم يعد يقبل بهذا الوضع. الاحتجاجات ضد جرائم القتل بدافع الشرف، والمطالبة بتغيير القوانين، وصمود النساء في مواجهة القمع، هي علامات على تحول لا مفر منه.
ليس من المستغرب أنه بعد انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، رغم أن عدد الجرائم يبدو أنه ازداد، إلا أن رد فعل المجتمع ورفضه لهذه الجرائم قد ازداد أيضًا.