روحاني يحذر من خطر الإطاحة بالنظام
أطلق الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، في آخر اجتماع دوري مع وزراء حكومته، تحذيرات حول التعامل مع دونالد ترامب والمخاطر الناجمة عن اتخاذ قرارات خاطئة. وأكد أن النظام الإيراني يمر بمرحلة حساسة، وأن خطأ واحدًا يمكن أن يدمر كل شيء.
جاءت هذه التصريحات في وقت يعاني فيه العديد من المحللين والمسؤولين السياسيين، خاصة فيما يتعلق بقرارات النظام الإيراني تجاه عروض ترامب للتفاوض، من حيرة وأسئلة دون إجابات.
وكان رد الفعل الأول للنظام الإيراني على عرض ترامب بالتفاوض هو تصريح محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس، نيابة عن الحكومة للصحافيين بأن إيران ليس لديها أي أساس للتفاوض مع ترامب. وأضاف في ردّه على عرض ترامب للقاء بزشكيان، أنه من الممكن أن يلتقي شخصان، لكن إيران لا تنوي التفاوض.
هل يرغب ترامب بالفعل في لقاء مسؤولي النظام الإيراني كفرد فقط، أم إنه ينوي مناقشة القضايا النووية الإيرانية؟ طرح المسؤولين الإيرانيين لمثل هذه التصريحات غير الواضحة قد يكون مؤشرًا على عدم الاهتمام باحتياجات المجتمع الحقيقية.
وأعلن عارف ردًا على تصريحات ترامب حول معارضة إيران للحصول على أسلحة نووية، أن إيران تعتبر صنع الأسلحة النووية حرامًا وفقًا لفتوى خامنئي.
وهذا التصريح لا يتوافق مع حقائق العلاقات الدولية، حيث يعتقد العديد من الدول والمحللين الدوليين، خاصة في الولايات المتحدة، أن قرارات إيران وبرامجها النووية، حتى لو كانت بناءً على فتوى المرشد، لا يمكن أن تكون ضمانًا لعدم صنع أسلحة نووية.
وفي العلاقات الدولية، تُتخذ القرارات بناءً على الحقائق والتطورات الحالية، ولا يمكن الوثوق بسهولة بتصريحات مسؤولي النظام الإيراني. لذلك، فإن تصريحات عارف حول حرمة صنع أسلحة نووية لا تحمل أي وزن قانوني أو سياسي للعديد من الدول.
في هذا السياق، فإن عرض ترامب للتفاوض والاتفاق وضع النظام الإيراني في موقف معقد. فبدلًا من التهديد العسكري، يقدم ترامب عرضًا بالتفاوض، مما يضع النظام الإيراني في مأزق. ورفض طهران لعرض التفاوض قد يمكن ترامب من استخدام هذا الموقف لمزيد من الضغط على إيران.
هناك عدة أسباب تجعل خامنئي غير راغب في التفاوض مع ترامب. أولها أن خامنئي وغيره من مسؤولي النظام الإيراني أكدوا في الماضي أن سياسة الضغط الأقصى التي يتبعها ترامب ضد إيران ستفشل. وإذا قررت إيران التفاوض، خاصة مع ترامب، فقد تتعرض لانتقادات واسعة وقد يُنظر إليها داخليًا على أنها هزيمة سياسية.
كما أن عدم رغبة إيران في التفاوض مع ترامب يعود أيضًا إلى قضية "عدم التفاوض مع قاتل سليماني". والعديد من مسؤولي النظام الإيراني، بما في ذلك قادة الحرس الثوري، يدركون جيدًا أن أي تفاوض مع ترامب، الذي يُعتبر مسؤولًا عن مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، قد يُضعف شرعية النظام وسياساته بين مؤيديه.
لكن هذا ليس السبب الوحيد. ففي الواقع، يعتقد مسؤولو النظام أن العداء مع أميركا يمكن أن يحميهم. ويستخدم خامنئي وقادة الحرس الثوري العداء مع أميركا كأداة لتبرير المشاكل الاقتصادية والسياسية الداخلية. واستمرار هذا العداء يسمح لهم بإلقاء اللوم على عاتق العدو الخارجي والحفاظ على صورة الشرعية داخل البلاد.
وفي الحقيقة، يحتاج خامنئي والعديد من مسؤولي النظام الإيراني بشكل كبير إلى الحفاظ على العداء مع أميركا، لأن هذا العداء يسمح لهم بقمع أي انتقادات داخلية وتبرير سياساتهم. هذه الاستراتيجية، وإن كانت مفيدة على المدى القصير، قد تؤثر سلبًا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد على المدى الطويل.
كما أن العداء مع أميركا مفيد جدًا للحرس الثوري والمؤسسات التابعة له. فـ"الحرس" يستفيد من العقوبات والضغوط الخارجية لإنشاء أعمال تجارية داخل وخارج إيران. لذلك، ليس لديهم أي رغبة في التفاوض مع أميركا، لأن ذلك قد يعرض مصالحهم الاقتصادية والسياسية للخطر.
ومع ذلك، فإن الضغوط الاقتصادية والسخط العام داخل البلاد قد تجبر المسؤولين في النهاية على تغيير سياساتهم. في الوقت نفسه، فإن التهديدات الإسرائيلية والإجراءات العسكرية المحتملة ضد إيران تضيف إلى الوضع المعقد والهش للنظام.
في النهاية، ما يشكل خطرًا على إيران في هذه الظروف هو أن النظام أصبح في موقف أضعف من السابق. والأزمات الداخلية، مثل المشاكل الاقتصادية وزيادة السخط الشعبي والإخفاقات العسكرية خارج البلاد، وضعت النظام الإيراني في وضع هش.
وترامب وإسرائيل يدركان جيدًا هذا الوضع وقد يستغلانه كفرصة لمزيد من الضغط أو حتى إنهاء نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.