لماذا أصبح نظام طهران أكثر تزعزعًا من أي وقت مضى؟
سلطت مجلة "تايم" في تقرير لها الضوء على الأسباب التي أدت إلى التراجع الحاد في قوة النظام الإيراني داخل البلاد وكذلك في المنطقة، مشيرة إلى أن الأشهر الأخيرة كانت كارثية على هذا النظام وقدرته على تهديد منافسيه وأعدائه الإقليميين.
وبحسب التقرير، الذي نُشر يوم الأحد 2 فبراير (شباط)، فقد أضعفت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بشدة مستويات القيادة في "حماس" و"حزب الله" اللبناني، وهما من أقوى الجماعات المسلحة المتحالفة مع طهران.
وأضافت "تايم" أن الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد في سوريا لم يؤدِّ فقط إلى فقدان أهم حليف لإيران بين حكومات المنطقة، بل أدى أيضًا إلى قطع الطريق الذي كانت تستخدمه طهران لتزويد حزب الله بالسلاح والدعم.
وفي أول زيارة خارجية له، توجه أحمد الشرع، رئيس الجمهورية السورية في المرحلة الانتقالية، يوم الأحد إلى السعودية، حيث التقى ولي العهد محمد بن سلمان.
ويرى المراقبون أن اختيار السعودية كوجهة لأول زيارة خارجية للشرع يحمل رسالة واضحة إلى طهران.
وكان الشرع قد صرّح سابقًا، في 20 ديسمبر (كانون الأول) بأن المعارضة، بإسقاطها بشار الأسد، أعادت مشروع إيران في المنطقة 40 عامًا إلى الوراء.
جهود إسرائيل المستمرة لمواجهة تهديدات إيران
تابعت مجلة "تايم" تقريرها، قائلة إنه رغم استمرار الحوثيين في هجماتهم على السفن الدولية في البحر الأحمر، إلا أن إسرائيل الآن تخطط لشن هجمات مباشرة ضد هذه الجماعة المدعومة من إيران بشكل أكثر جرأة.
وأضافت المجلة أن إيران شهدت في الأشهر الأخيرة انهيارًا للجماعات المنضوية تحت "محور المقاومة" وتراجع نفوذها الإقليمي.
ووفقًا لما ذكرته المجلة، أصدر بنيامين نتانياهو، رئيس وزراء إسرائيل، في عام 2024 أمرًا بشن هجمات مباشرة على أهداف في الأراضي الإيرانية، لأنه كان يعلم أن خيارات طهران للرد ستكون محدودة.
ومنذ ذلك الحين، عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يعيد تبني سياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران.
وسيزور نتانياهو البيت الأبيض يوم الثلاثاء 5 فبراير لملاقاة ترامب، حيث سيتحدث معه عن القضايا الإقليمية، بما في ذلك تهديدات إيران.
ووصفت تايم هذه الزيارة بأنها أول زيارة من زعيم دولة أجنبية إلى الولايات المتحدة للقاء ترامب.
وأضافت المجلة أن ترامب لا يسعى إلى حرب شاملة ومكلفة ضد طهران، لكنه سيراقب بعناية أي مؤشر على سعي قادة إيران لامتلاك قنبلة نووية.
كما أشارت تايم إلى أن هناك احتمالية لزيادة الضغوط في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل للقيام بعمل عسكري ضد طهران.
وفيما يتعلق بالعلاقات بين طهران وموسكو، ذكرت المجلة أن إيران قد أدركت الآن أن روسيا، حليفها الرئيسي خارج الشرق الأوسط، منشغلة في النزاع الأوكراني، ويجب عليها تلبية "احتياجاتها" الخاصة.
الأزمات الداخلية في إيران
في جزء آخر من تقريرها، أشارت تايم إلى الأزمات الداخلية التي تواجه إيران، وأكدت أن هذه المشاكل قد تمثل تهديدات أكبر لقادة الحكومة الإيرانية.
وجاء في التقرير: "الاقتصاد الإيراني ينهار تحت وطأة العقوبات، والقيمة الوطنية للعملة الإيرانية في انخفاض موالتضخم لا يقل عن 30 في المائة وشرائح واسعة من الشعب الإيراني أصبحت غاضبة بشكل كبير ومحبطة".
وكانت آخر الاحتجاجات والاضطرابات العامة في إيران تتعلق بأزمة الطاقة التي تسببت في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع وإغلاق المدارس والأعمال التجارية.
وأضافت تايم أن اقتصاد إيران ضعيف ومليء بالفساد الإداري، فعلى الرغم من أنها تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، فإنها تواجه نقصًا شديدًا في الغاز، ما أجبرها على اللجوء إلى "حرق النفط"، ما حول مدنها إلى أكثر المدن تلوثًا في العالم.
كما تناولت المجلة الجهود المستمرة من قبل الحكومة الإيرانية لفرض قوانين اجتماعية صارمة، مثل فرض الحجاب الإجباري والرقابة على الإعلام، وذكرت أنه بالنسبة للكثير من الإيرانيين، فإن السلوك العدائي للشرطة تجاه حرية لباس النساء يمثل تجربة مريرة أخرى، بجانب الأضرار الناتجة عن العزلة الاقتصادية لإيران.
وأشارت تايم إلى مقاطعة الانتخابات من قبل أغلب المجتمع الإيراني، وأضافت أن الاستياء قد وصل الآن حتى إلى داعمي النظام المتشددين، الذين أصيبوا بخيبة أمل لعدم اتخاذ طهران أي خطوة لإنقاذ بشار الأسد.
ووفقًا للتقرير، أنفقت إيران في السنوات الأخيرة مليارات الدولارات لدعم الأسد وإنقاذه من الحرب الأهلية في بلاده، ولكن هذه الاستثمارات الآن "قد ضاعت".
كما أن جزءًا من الشعب الإيراني، الذي كان يأمل في أن يستطيع مسعود بزشكيان إحداث تغييرات إيجابية في البلاد، أصبح يعتبره الآن "شخصًا ضعيفًا".
من سيخلف المرشد خامنئي في إيران؟
واصلت تايم تقريرها مشيرة إلى سؤال أكثر أهمية في خلفية القضايا السياسية في إيران: من سيتولى السلطة في البلاد بعد وفاة علي خامنئي، الزعيم البالغ من العمر 85 عامًا والمريض؟
أوردت المجلة أن الحرس الثوري والمؤسسات الدينية كان لديهما سنوات عديدة للاستعداد لخلافة خامنئي، إلا أن هذه ستكون أول عملية انتقال للسلطة في أعلى المستويات السياسية في إيران بعد وفاة روح الله الخميني.
وجادل العديد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بأن النظام في طهران قد اقترب بما فيه الكفاية من حافة الهاوية، وأن الضغط في الوقت المناسب قد يدفعه نحو الهلاك، لكن يجب أخذ هذا في الحسبان: رغم أن طهران متضررة، إلا أنها لا تزال تمتلك ترسانة ضخمة من الصواريخ والطائرات المسيرة.
وأشارت تايم إلى أنه إذا شعر قادة النظام الإيراني أنهم مدفوعون إلى زاوية ما، سواء داخل البلاد أو خارجها، وأنهم في خطر، فيمكنهم اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى جر المنطقة إلى صراعات أخرى، وبذلك قد يتحول ضعف إيران إلى مشكلة عالمية.