النظام الإيراني بين التفاوض والحرب.. والشعب يرزح تحت الضغوط والمعاناة
تعيش إيران حالة من الغموض. فلا أحد يعلم، على وجه الدقة، ما إذا كانت البلاد تتجه نحو التفاوض أو الحرب، حيث تعتمد جميع القرارات على خامنئي.
هذا الوضع غير القابل للتنبؤ أدى إلى تعطيل أو تباطؤ شديد في العديد من الأنشطة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية. في حين أن القمع وتقييد الحريات وانتهاك حقوق المواطنين لا يزال مستمرًا بلا هوادة.
وفي هذا السياق، فإن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، المعروف بولائه لخامنئي، أصبح بمثابة نسخة أكثر فشلًا من محمد خاتمي وحسن روحاني، ما يؤدي يومًا بعد يوم إلى تصاعد الغضب الشعبي.
لم يعد الناس في إيران مجرد ساخطين؛ بل هم غاضبون، ويمكن ملاحظة هذا الغضب في الأحاديث اليومية.
وبعد ستة أشهر من تولي بزشكيان الحكومة، لم يحدث أي تغيير إيجابي في البلاد. والجميع ينتظر نتيجة المواجهة بين خامنئي ودونالد ترامب.
إن تصريحات خامنئي الأخيرة لم تقدم أي توضيح لمسار نظام طهران، بعض المحللين اعتبروا تلك التصريحات مؤشرًا على استعداد للتفاوض، بينما رآها آخرون تأكيدًا لاستمرار السياسات المعادية لأميركا.
هذا الغموض أدى إلى ركود اقتصادي حاد في البلاد، مع استمرار الضغوط الكبيرة على المواطنين.
وعلى الجانب الآخر، لا يزال من غير الواضح ما هو نوع التفاوض الذي يريده ترامب. قد يطرح شروطًا تجعل قبولها صعبًا على النظام. في الوقت ذاته، تبقى سياسات ترامب تجاه إيران غامضة، باستثناء موقفه الواضح بشأن منع حصول طهران على السلاح النووي.
هذه الحالة الانتظارية والمعلقة، التي جمدت أهم شؤون البلاد، زادت من سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
ورغم العقوبات الشديدة، تستمر صادرات النفط الإيرانية بشكل سري، لكن من المتوقع أن تنخفض تدريجيًا مع عودة ترامب.
يذكر أن جزءا كبيرا من عائدات النفط يتم إهداره من قبل قادة الحرس الثوري ومقربي النظام.
أما سوق الأسهم والاستثمارات والإنتاج فهي في حالة غموض تام، وأسعار السلع الأساسية ترتفع يومًا بعد يوم. كما وصلت أسعار الدولار والذهب إلى مستويات قياسية، بينما يواجه المواطنون أزمة في تأمين احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك مواد غذائية بسيطة مثل البطاطس والبصل.
في ظل هذا الواقع، توصل كثير من الإيرانيين إلى قناعة بأنه سواء حدثت مفاوضات أم لا، فإن النظام الإيراني أصبح غير قابل للتحمل بالنسبة لهم.
لقد سئم الناس من سنوات طويلة من المفاوضات والاتفاقات والفشل المتكرر، ولم يعد لديهم أي أمل في تحسن الأوضاع.
جدير بالذكر أن التجربة خلال العقدين الماضيين أظهرت أن حياة الناس ظلت دائمًا في حالة أزمة بغض النظر عن نتائج المفاوضات.
الآن، يعرف الشعب أن التوصل إلى اتفاق أو عدمه لن يحدث فرقًا في مصيرهم. حتى إذا انخفضت العقوبات وتمكنت إيران من بيع النفط، فإن العائدات لن تُخصص للشعب، بل ستذهب إما لدعم الميليشيات الإقليمية مثل حزب الله وحماس أو لإهدارها من قبل المسؤولين الحكوميين في الداخل.
لهذا السبب، أصبح الكثيرون مقتنعين بأن إصلاح الوضع لم يعد ممكنًا، وأن الحل الوحيد هو إنهاء حكم النظام الإيراني.
هذا الرأي بات واضحًا بين الناس، سواء في الفضاء العام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بالنسبة للعديد من الإيرانيين، لم يعد يهمهم ما إذا كانت المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة ستنجح أم لا، لأن التجربة أثبتت أن النظام الإيراني لن يتغير.
هذا النظام عندما يكون ضعيفًا يلجأ إلى التفاوض والتهدئة لتخفيف الضغوط الدولية، وعندما يصبح في موقع قوة يعود لتصعيد سياساته العدائية.
إن عدم الثقة هذا هو نتيجة سنوات من الوعود غير المحققة واستغلال المسؤولين للأزمات الداخلية والخارجية.
الآن، الشعب أكثر غضبًا ويأسًا من أي وقت مضى، وهذه المشاعر باتت منتشرة في المجتمع، ويمكن ملاحظتها حتى في اللهجة القاسية والنقد اللاذع الذي يوجهه الناس علنًا لشخص خامنئي.