صحيفة إسبانية: إيران تستخدم سياسة "احتجاز الرهائن" لـ"زرع الفتنة" بين الدول الأوروبية

قالت صحيفة "إل بايس" الإسبانية في تقرير لها إن طهران تستخدم سياسة "احتجاز الرهائن" من المواطنين الأوروبيين كوسيلة للضغط من أجل الإفراج عن أموال مجمدة، وعن إيرانيين محتجزين في أوروبا.

وأوضح التقرير أن الهدف من الإفراج عن الصحافية الإيطالية تشيشيليا سالا، ورفض الإفراج عن المواطنين الفرنسيين كان لـ"زرع الفتنة" بين الدول الأوروبية، مشيرا إلى أن طهران تستخدم المواطنين الفرنسيين كأداة ضغط على الدبلوماسيين الفرنسيين في مفاوضات الملف النووي.

وقال كليمنت تيرميه، الذي كتب تقريراً حول دبلوماسية احتجاز الرهائن لمعهد العلاقات الدولية الفرنسي (إيفري)، إنه يعتقد أن إيران تحاول زرع الخلاف بين الأوروبيين من خلال الإفراج عن سالا وعدم الإفراج عن المواطنين الفرنسيين.

وتم الإفراج عن تشيشيليا سالا في 8 يناير (كانون الثاني) بعد 20 يوماً من الاحتجاز، وبعد 4 أيام من الإفراج عنها، أصدر كارلو نورديو، وزير العدل الإيطالي، أمراً بالإفراج الفوري عن محمد عابديني نجف آبادي، الإيراني المحتجز في إيطاليا.

وقبل يومين من الإفراج عن تشيشيليا سالا، كانت صحيفة "ال جورنالي" الإيطالية، المقربة من الحكومة الإيطالية، قد أفادت بأن جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، قد حصلت على موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعليق عملية تسليم عابديني إلى الولايات المتحدة.

وقد تم تفسير هذا الإجراء من قبل إيران كإعطاء امتياز لإيطاليا في وقت وصول ترامب إلى السلطة، وكان ذلك قبل المفاوضات مع الدول الأوروبية في جنيف للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.

وبعد 5 أيام من الإفراج عن سالا، تم أيضاً الإفراج عن ناهيد تقوي، المواطنة الإيرانية-الألمانية، بعد 4 سنوات من السجن في سجون النظام الإيراني، وعادت إلى ألمانيا.

ومع ذلك، لا تزال المعلمة الفرنسية سيسيل كوهلر وشريكها جاك باريس، بالإضافة إلى أوليفييه غروندو، السائح الفرنسي البالغ من العمر 34 عاماً، قيد الاحتجاز في إيران.

غضب طهران من تهديد فرنسا باستخدام "آلية الزناد"

وأشار ديفيد ريغولت رز، الخبير في الشؤون الإيرانية والباحث في معهد الشؤون الدولية والاستراتيجية الفرنسي (إيريس)، إلى أن هذا الحدث مرتبط بغضب إيران من تهديدات فرنسا بشأن "آلية الزناد".

كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا في 6 يناير (كانون الثاني) إلى حوار استراتيجي بين الدول الأوروبية ودونالد ترامب بشأن إيران، مع الإشارة إلى احتمال اتخاذ قرار بشأن تنفيذ "آلية الزناد".

وأشارت صحيفة "إل بايس" الإسبانية إلى أن طهران تستخدم سياسة احتجاز الرهائن لتحرير الإيرانيين الذين تم احتجازهم في أوروبا بتهم تتعلق بالإرهاب.

وفي العام الماضي، تم الإفراج عن أسد الله أسدي، السكرتير الثالث في سفارة إيران في فيينا، الذي تم الحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة محاولة تفجير اجتماع منظمة مجاهدي خلق في فرنسا، وفي المقابل تم الإفراج عن أوليفييه فاندكاستيل، الناشط البلجيكي، وكامران قادري ومسعود مصاحب، اثنين من المواطنين مزدوجي الجنسية النمساويين-الإيرانيين.

الإفراج عن الأصول المجمدة

هدف آخر للنظام الإيراني من سياسة احتجاز الرهائن هو تحرير الأصول المجمدة في دول أخرى.

في عام 2016، بعد تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة الذي تزامن مع توقيع الاتفاق النووي أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بأن الولايات المتحدة أرسلت طائرتين محملتين بالنقد، بمجموع 1.7 مليار دولار، إلى إيران.

واتهم منتقدو حكومة باراك أوباما الرئيس الأميركي آنذاك بـ"إعطاء فدية" للنظام الإيراني. كما انتقد مايك بومبيو، وزير الخارجية في حكومة دونالد ترامب، هذا الاتفاق، قائلاً إن الدول المعادية مثل كوريا الشمالية وروسيا ترى تقديم مليارات الدولارات إلى إيران مقابل إطلاق سراح الرهائن كـ"سعر السوق" لاحتجاز الرهائن.

ومع ذلك، قامت السلطات الإيرانية بحملة دعاية واسعة حول هذا الإجراء.

وقال محمود علوي، وزير الاستخبارات في حكومة حسن روحاني، إنه بناءً على توجيه من المرشد علي خامنئي وقرار المجلس الأعلى للأمن القومي، "تم استرداد 400 مليون دولار بالإضافة إلى 1.31 مليار دولار كفوائدها".

كما قال محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، في عام 2015: "إذا اندلعت حرب بين إيران وأميركا، فسنأسر ألف أميركي في الأسبوع الأول، وعندها سيتعين عليهم دفع عدة مليارات من الدولارات لإطلاق سراح كل واحد منهم. حينها قد يتم حل مشكلاتنا الاقتصادية".

نقطة التحول في سياسة احتجاز الرهائن

اعتبر معهد "ستيمسون" الأميركي أن عام 2014 مثل نقطة تحول في سياسة احتجاز الرهائن، حيث أصبحت هذه السياسة أداة استراتيجية في السياسة الخارجية، خاصة في مفاوضات الملف النووي، مشيرا إلى قضية احتجاز جيسون رضائيان.

كما حذر المعهد من أن هذه السياسة تسارعت بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
وفي السنوات الأخيرة، تم احتجاز عدد أكبر من المواطنين الأوروبيين في إيران.

وفي هذا السياق، قال تقي رحماني، الناشط السياسي، لصحيفة "إل بايس" إن طهران كانت تعتقد أن الديمقراطيين سيفوزون، ولكن مع وصول ترامب إلى السلطة وتبني سياسته، ترى أن الضغط على أوروبا أصبح أسهل.

البرلمان الأوروبي يدين "دبلوماسية احتجاز الرهائن"

وفي 23 يناير (كانون الثاني) الجاري، أدان البرلمان الأوروبي بشدة "دبلوماسية احتجاز الرهائن" التي تنتهجها إيران، وطالب طهران بالإفراج عن المواطنين الأوروبيين الذين أصبحوا ضحايا لهذه السياسة.

كما دعا البرلمان الأوروبي إلى إلغاء الأحكام والاتهامات ضد 3 مواطنين فرنسيين وأحمد رضا جلالي، المواطن الإيراني-السويدي، وإعادتهم إلى بلدانهم.

وطالب البرلمان الأوروبي مجلس أوروبا بإدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية وفرض عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد جميع منتهكي حقوق الإنسان في إيران.