مخيبةً آمال المجتمع الحقوقي.. واشنطن تمتنع عن انتقاد إيران بشأن انتهاكات حقوق الإنسان

امتنعت واشنطن، للمرة الأولى، عن انتقاد سجل النظام الإيراني في مجال حقوق الإنسان. وذلك خلال الدورة الثامنة والأربعين للاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.

جدير بالذكر أن هذا الموقف "غير المسبوق" اعتبره نشطاء حقوق الإنسان خطوة خطيرة، ورأوه مؤشراً على تجاهل الإدارة الأميركية الجديدة للانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في إيران.

وبحسب الوثائق، دأبت الولايات المتحدة منذ عام 2010 على انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وتقديم توصيات بشأن نظام طهران، لكنها امتنعت هذا العام عن القيام بذلك.

في المقابل، انتقدت دول أخرى مثل بريطانيا، السويد، سويسرا وباراغواي تعامل إيران مع النساء، وارتفاع معدلات الإعدام، وقمع المعارضين. كما أدانت أوكرانيا إرسال طهران طائرات مسيرة وصواريخ إلى روسيا لدعم الحرب في أوكرانيا.

وبدورها أدانت ألمانيا التمييز ضد المرأة وقمع الحريات الأساسية في إيران، وطالبت بإلغاء عقوبة الإعدام.

ما آلية الاستعراض الدوري الشامل؟

الاستعراض الدوري الشامل (Universal Periodic Review - UPR) هو أحد الآليات الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ويهدف إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأعضاء. وخلال الدورة الأخيرة، كانت إيران واحدة من بين 14 دولة خضعت للمراجعة.

ويستفيد نشطاء حقوق الإنسان من هذه الآلية لجذب الانتباه الدولي إلى الانتهاكات الجارية في إيران.

يذكر أن نازنين أفشين جم، الناشطة الإيرانية-الكندية في مجال حقوق الإنسان، وصفت امتناع الولايات المتحدة عن انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران بأنه "ضربة لجهود الدفاع عن حقوق الإنسان".

وقالت في حديثها مع "إيران إنترناشيونال": "شعرت بالصدمة والحزن عند سماع هذا الخبر. نحن نعتمد على الدول الديمقراطية الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، باعتبارها قطباً أخلاقياً لمحاسبة الأنظمة".

أفشين جم، التي أسست "حركة العدالة لإيران"، كانت سابقاً ناشطة في منظمة "إيقاف إعدام الأطفال"، حيث قدمت تقاريرها إلى جلسات الاستعراض الدوري الشامل.

أكدت قائلة: "عدم تقديم الولايات المتحدة لتقاريرها بشأن الانتهاكات الواضحة التي يرتكبها النظام الإيراني يُعدّ سابقة خطيرة. الآن ليس وقت التراجع، بل وقت المضي قدماً لضمان المساءلة".

إشارة مقلقة

أعرب تيمور إلياسي، ممثل جمعية حقوق الإنسان في كردستان لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، عن خيبة أمله من موقف الولايات المتحدة، قائلاً لـ"إيران إنترناشيونال": "بكسر تقليدها الطويل في دعم حقوق الإنسان، خيّبت الولايات المتحدة آمال المجتمع الحقوقي".

وأضاف: "هذا الموقف ليس إشارة جيدة لحقوق الإنسان. الوضع في إيران، سواء فيما يخص حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات، ازداد سوءاً، مع ارتفاع كبير في أعداد الإعدامات. إذا كانت الولايات المتحدة تسعى فعلاً للتعامل مع طهران ودعم الشعب الإيراني، فعليها أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار".

وقبل انعقاد جلسة الاستعراض الدوري الشامل في جنيف، فإن شادي أمين، مديرة شبكة "شش‌ رنك" والناشطة في حقوق مجتمع الميم، دعت الدول الأعضاء لدعم حقوق مجتمع الـ"إل جي بي تي كيو" في إيران.

وفي إيران، حيث تُعتبر المثلية جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام، طالبت 9 دول أعضاء طهران بإلغاء تجريم المثلية.

وقالت أمين: "لا يمكن لمجتمع حقوق الإنسان الإيراني الاعتماد على الحكومة الأميركية بعد الآن. على المجتمعات الشعبية أن تتحرك بنفسها، لأن ما قامت به الحكومة الأميركية غير مقبول".

رد طهران على الانتقادات

خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل، ردّت بعثة إيران برئاسة كاظم غريب آبادي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الدولية والقانونية، على الانتقادات الموجهة لوضع حقوق الإنسان في البلاد، مؤكدة أن "تقدماً كبيراً" قد أُحرز في تحسين حياة الإيرانيين.

وقد وصف غريب آبادي جميع الانتقادات الموجهة لإيران بشأن حقوق الإنسان بأنها "ذات دوافع سياسية".

وفي المقابل، في عام 2024، أعلنت لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أنها جمعت أدلة تشير إلى ارتكاب طهران جرائم تشمل القتل، التعذيب، والاغتصاب، متهمة إيران بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.