هل يواصل خامنئي العداء لأميركا أم يتجه إلى المفاوضات؟
يتحدث المرشد الإيراني، علي خامنئي، دائمًا، عن تقدم البلاد، بينما يرى المواطنون الإيرانيون يوميًا تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية.
ويؤكد خامنئي أن إيران في طريقها إلى قمم التقدم، لكن الواقع يظهر صورة مختلفة. فلماذا يصر خامنئي على أن العداء مع أميركا وقطع الاعتماد على الدولار هو الحل لمشاكل البلاد، في حين أن هذه السياسات لم تحل المشاكل، بل زادتها سوءًا؟ وهل سيتجه نحو المفاوضات والاتفاق مع أميركا أم سيختار المواجهة والصراع والحرب؟
في إيران، الشعب وحتى جزء من النظام يتابع قرار خامنئي: هل سيتجه نحو المفاوضات مع أميركا، خاصة مع دونالد ترامب، أم سيختار طريق المواجهة والصراع؟
وهذا التردد واضح حتى بين مسؤولي النظام، فعلى سبيل المثال، تحدث الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ومساعده للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، عن إمكانية التفاوض مع أميركا، لكن في الحكومة نفسها، عارض وزير الاستخبارات، إسماعيل خطيب، بشدة هذه المفاوضات ووصفها بالإجبار.
ومن ناحية أخرى، نظمت مجموعات متشددة، مثل جبهة الصمود، تجمعات طالبت فيها بإعدام ظريف، ورددت شعارات مثل: "الموت لظريف". في حين أن بزشكيان، كرئيس للحكومة، يعلم جيدًا أن استمرار هذا الوضع سيجعل حكومته أكثر إفلاسًا، وقد تنقطع عائدات النفط تمامًا. وأكد، خلال زيارته إلى خوزستان، أن إيران يجب أن تتعامل مع أميركا مثل الصين، لأن الحكومة في وضع قد تكون فيه خزينتها خاوية.
ومع وصول ترامب إلى السلطة واحتمال تشديد العقوبات على إيران، انخفضت قيمة الريال مقابل الدولار بشكل حاد؛ حيث وصل سعر الدولار إلى 84,200 تومان، في طهران، وارتفع سعر الذهب في الوقت نفسه، وهو يؤثر مباشرة على أسعار السلع والخدمات، مما يجعل الأوضاع الاقتصادية للناس أكثر صعوبة.
ومن ناحية أخرى، عطلت هذه التقلبات الاقتصادية جميع خطط الحكومة، بما في ذلك خطة زيادة أسعار البنزين.
وتتذرع الحكومة لزيادة أسعار البنزين بمنع تهريبه إلى الدول المجاورة بسبب اختلاف الأسعار، لكن مع استمرار ارتفاع سعر الدولار، سيظهر هذا الاختلاف مرة أخرى، وسيصبح تهريب البنزين أكثر ربحية. هذه العملية تكررت عدة مرات منذ عهد الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني، ولم تنجح أبدًا. وفي النهاية، لم تؤد هذه السياسات إلا إلى زيادة السخط العام والضغط الاقتصادي على الناس.
وأدى ارتفاع سعر الدولار والذهب إلى ارتفاع الأسعار في جميع القطاعات الاقتصادية؛ حيث خلقت زيادة أسعار الأدوية والمواد الغذائية ضغطًا كبيرًا على الإيرانيين، وأغضبتهم بشدة، وهي سلع لا يمكن الاستغناء عنها؛ فالدواء، على عكس السلع الأخرى، لا يمكن استبداله أو التوفير فيه.
وتسبب هذه المشكلة ضغطًا إضافيًا على الأسر، التي يعولها أشخاص بحاجة إلى الأدوية؛ فكثير من الناس لا يستطيعون الاعتناء بصحتهم؛ لأنهم لا يملكون دخلًا كافيًا لتغطية تكاليف العلاج. هذا الوضع لا يعرّض الصحة الجسدية للمواطنين للخطر فحسب، بل يعطل أيضًا صحتهم النفسية ويزيد من السخط العام.
ويكن القول إن الوضع الحالي في إيران هو نتيجة مباشرة لسياسات النظام الخاطئة، وخاصة العداء مع أميركا. وبينما يعاني الناس مشاكل اقتصادية متزايدة، يواصل خامنئي إطلاق شعارات غير مبنية على أساس ويصر على استمرار سياساته غير الفعالة.. فهل سيختار في النهاية طريق المفاوضات والتفاعل، أم سيقود إيران نحو الصراع وأزمات أكبر؟، والإجابة عن هذا السؤال ستحدد مستقبل البلاد.