أقارب ضحايا إعدامات الثمانينيات في إيران يحتجون على منعهم من زيارة قبور ذويهم

وجّه عدد من عائلات المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، الذين أُعدموا في ثمانينيات القرن الماضي في إيران، رسالة إلى الرئيس مسعود بزشكیان، معربين عن احتجاجهم على منعهم من دخول مقبرة خاوران التي تضم جثامين ذويهم، منذ أكثر من 11 شهرًا، مشيرين إلى أن الانتهاكات الأمنية زادت من معاناتهم.

وطالبت العائلات، ومن بينها ذوو ضحايا المجازر، التي ارتُكبت بحق السجناء السياسيين في صيف 1988، في رسالتهم، بـ"وقف دفن جثامين أخرى في هذه المقبرة" و"إزالة جميع العوائق والقيود المفروضة على زيارتهم، وإحياء ذكرى أحبائهم". ولم يرد بزشكیان على هذه الرسالة حتى الآن.

وقال ذوو الضحايا، في رسالتهم إلى بزشكیان: "منذ 11 شهرًا تم إغلاق مقبرة خاوران أمامنا. ورغم تكرار زياراتنا وكتابة رسائل إلى المسؤولين والمؤسسات المختلفة للمطالبة بفتح المقبرة ومنحنا حق الحداد وزيارة قبور أحبائنا دون قيود، لم نتلقَّ أي رد حتى الآن".

وأوضحوا أن رسالتهم الأخيرة، التي جاءت بعد شهور من المراجعات والانتظار، تم تحويلها من قِبل مجلس أمن محافظة طهران إلى وزارة الاستخبارات، لكن المسؤولين هناك أبدوا "تصرفات مهينة، وأعلنوا صراحة أنهم غير ملزمين بالرد"، بعد عدة أسابيع من المتابعة.

وذكر ذوو الضحايا، في رسالتهم، التي يعود تاريخها إلى سبتمبر (أيلول) 2024، أن "مسؤول مراقبة المقبرة، الذي يُعرّف نفسه باسم مسعود مؤمني، يتعامل مع العائلات بأسلوب مهين؛ حيث يحدد وقت الزيارة، ويمنع وضع الزهور، ويطلب بطاقة الهوية الوطنية للسماح بالزيارة، مما يزيد من معاناتهم".

وأضافوا: "لقد توجهنا مرارًا، وبصبر، وبطرق قانونية، عبر رسائل ومراجعات متكررة إلى المؤسسات المعنية، مثل البلدية، ومجلس المدينة، وإدارة بهشت زهرا، لكن دون جدوى. نطالب الآن بأبسط حق إنساني وأخلاقي وقانوني لنا كأقارب، وهو حق الحداد وزيارة قبور أحبائنا".

وأوضحت عائلات الضحايا، في رسالتهم الموجهة إلى بزشكیان، أنه رغم اعتراض البهائيين، يتم دفن موتى بهائيين في الأماكن نفسها الخاصة بدفن أحبائهم، ما يزيد من آلامهم ويثير حزنهم مجددًا.

وطالبوا بـ"وقف دفن موتى آخرين في مقابر أحبائهم" و"فتح أبواب مقبرة خاوران، وإزالة جميع القيود، والسماح بزيارة القبور، ووضع الزهور، وإحياء ذكرى أحبائنا بحرية".

وفي أغسطس (آب) الماضي، أفادت بعض عائلات السجناء السياسيين، الذين أُعدموا في الثمانينيات، بأنهم عند وصولهم إلى مقبرة خاوران في طهران لزيارة قبور ذويهم، وجدوا أبواب المقبرة مغلقة، واضطروا إلى ترك باقات الزهور خلف الأبواب المغلقة.

وأظهرت الصور، التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أن ذوي الضحايا، الذين يطالبون بالعدالة، قد زيّنوا بوابة "خاوران" بالزهور ووضعوا صور أحبائهم المعدومين عند المكان.

وعلّقت زوجة أحد السجناء السياسيين الذين تم إعدامهم، عبر حسابها بمنصة "إكس" على منع العائلات من دخول "خاوران"، قائلة: "نحن نمتلك إرادة فولاذية وأحذية من حديد في هذا الطريق".

وفي الجمعة الأولى من يوليو (تموز) الماضي، منعت القوات الأمنية أيضاً دخول عائلات الضحايا إلى مقبرة خاوران.

وفي وقت سابق، وتحديدًا أيام 3 و4 و16 مارس (آذار) من العام الماضي، أغلقت القوات الأمنية أبواب المقبرة أمام عائلات الضحايا، الذين ذكروا أن العناصر الأمنية طلبوا منهم إبراز بطاقات الهوية الوطنية لدخول المقبرة، لكن ذلك قوبل برفض من الحاضرين آنذاك.

وفي يونيو (حزيران) من العام 2022، انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر إقامة جدران خرسانية عالية حول مقبرة خاوران، وتركيب كاميرات مراقبة في محيطها.

كما وردت تقارير في تلك الفترة عن زيادة القيود من قِبَل المسؤول الجديد للمقبرة على زيارات العائلات وأفراد آخرين لقبور ضحايا إعدامات عام 1988.

وفي العقود الثلاثة الماضية، ظهرت تقارير متعددة تشير إلى محاولات النظام الإيراني، لتدمير قبور المعدومين في عام 1988.

وطالبت العائلات مرارًا، خلال هذه الفترة، بمساءلة السلطات الإيرانية عن إعدام أحبائهم، وتسليم وصاياهم، وتحديد أماكن دفنهم بدقة.

وفي الأول من أغسطس الماضي، نشر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران، تقريرًا حول إعدامات الثمانينيات، مؤكدًا أن مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان لا ينبغي أن يتمتعوا بالحصانة؛ بسبب مرور الزمن.

يُذكر أنه في ثمانينيات القرن الماضي، لاسيما في صيف عام 1988، تم إعدام آلاف السجناء السياسيين والعقائديين في إيران سرًا، وبخلاف قوانين النظام الإيراني، دُفنت جثثهم في مقابر جماعية مجهولة دون أسماء، في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك مقبرة خاوران، بجوار قبور البهائيين.

وجرى تنفيذ هذه الإعدامات الجماعية، بناءً على فتوى وأمر من المرشد الإيراني السابق، روح الله الخميني.

ولا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد الضحايا، لكن التقديرات تشير إلى أنها تتراوح بين 3 و5 آلاف شخص، وأحيانًا أكثر. ومع مرور أكثر من أربعة عقود، لم تُعلن السلطات الإيرانية حتى الآن عن أماكن الدفن أو تسمح لعائلات الضحايا بإحياء ذكراهم.

وفي السنوات الأخيرة، زادت السلطات من القيود في مقبرة خاوران؛ حيث أقامت جدرانًا إسمنتية مرتفعة، ونصبت كاميرات مراقبة، وأغلقت الأبواب، مانعةً العائلات من دخول المقبرة.