جدل المفاوضات السرية.. ومعركة ظريف والمتشددين.. وتصحيح سياسات طهران
اهتم عدد كبير من الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الخميس 23 يناير (كانون الثاني) بمشاركة محمد جواد ظريف، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، حيث أثيرت تقارير وشائعات بأنه أجرى "مفاوضات سرية" مع مسؤولين أميركيين.
صحيفة "آرمان أمروز" أشارت إلى الموضوع، وعنونت بالقول: "هل تفاوض ظريف في دافوس مع مسؤولين أميركيين؟"، لافتة إلى تصريحات رسمية لمسؤولين في الحكومة نفوا فيها أن يكون ظريف أجرى مفاوضات مع الولايات المتحدة أو أي طرف آخر، وأكدت أن هذه الأخبار مجرد شائعات لا صحة لها.
صحف أصولية هاجمت ظريف بسبب تصريحاته بدافوس، وقالت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، في تقرير لها حول هذه الزيارة: "خسارة خالصة في مهمة دافوس"، متهمة ظريف بالافتراء على الفرقاء السياسيين في الداخل والذين يصفهم بـ"المتشددين".
أما صحيفة "آرمان ملي" فانتقدت هذه الهجمة على ظريف، وقالت إن المعارضين للحكومة وشخص ظريف لا يتعاملون بحرص على مصلحة إيران، حيث إن جميع دول العالم تستغل مثل هذه المناسبات لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، لكن في طهران فنجد المتطرفين يسارعون حتى قبل أن تهبط طائرة ظريف في سويسرا يبدؤون بشن هجماتهم، وافتراء أحاديث حول المفاوضات السرية مع أميركا بهدف عرقلة أي تفاهم محتمل مع واشنطن.
من الملفات الأخرى التي تناولتها الصحف الإيرانية هو ملف سقوط مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومقتله هو وعدد من مرافقيه، حيث يستمر التضارب والغموض حول طبيعة الحادث وملابسته.
صحيفة "هم ميهن" أشارت إلى هذا التضارب بين الروايات الرسمية وغير الرسمية، وقالت إننا نلاحظ وجود حالة من التمييز في هذا الملف، حيث تتم مهاجمة ومحاكمة بعض الأطراف عندما تشكك في حقيقة ما جرى، بينما يقوم طيف آخر بنقد والتشكيك بالرواية الرسمية دون أن يكون محط انتقاد أو هجوم من الجهات الأمنية والقضائية.
الصحيفة قالت إن الرواية الرسمية التي تقول إن سبب السقوط يعود لسوء الأحوال الجوية ليست مقنعة، إذ بموجبها تبرز عدة أسئلة تبحث عن إجابات دقيقة، فعلى سبيل المثال إن كان سوء الأحوال الجوية هو سبب الحادث فلماذا لم يتم توقع ذلك ومنع الرحلة من الطيران؟ وإذا كان سبب السقوط هو تأخير تحليق المروحية بسبب انشغال الرئيس ووفده بزيارة بعض القرى الحدودية، فمن هو الذي رتب هذه الزيارات وأخر الرحلة عن موعدها؟ وما هي الجهة المسؤولة عن ذلك؟
والآن يمكن قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"آرمان ملي": على طهران تصحيح سياساتها بدل الانشغال بتحليل سياسات ترامب المستقبلية
قال الخبير السياسي بيروز مجتهد زاده، في مقابلة مع صحيفة "آرمان ملي"، إن على إيران أن تدرس جيدا نهجها وتصحيح الأخطاء والحاسبات التي قامت عليها سياساتها في السنوات الماضية، بدل الانشغال بما سيقوم به ترامب من سياسات حيالها.
وأضاف الكاتب أن طهران عليها أن تصحح فكرة أن عليها مواجهة الولايات المتحدة الأميركية، باعتبار إيران قوة إقليمية وأميركا قوة عالمية، وأنه من الخطأ اعتبار البلدين في مستوى واحد من حيث الإمكانات والقدرات.
وأشار مجتهد زاده إلى أنه ومن خلال تحليل تصريحات ترامب خلال حفل تنصيبه نفهم أنه سيسلك سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، والتي سبق وأن سلكها في الفترة الماضية من رئاسته، وكانت لها آثار مدمرة على الاقتصاد الإيراني.
ودعا الكاتب صناع القرار في إيران إلى اعتماد النهج الواقعي في إدارة البلد وسياساته الخارجية، محذرا من أن الوقت من أجل التغيير وحل المشكلات يمر بسرعة فائقة، وإذا لم تبادر السلطة في معالجة المشكلات فإن الوقت يكون انتهى تماما.
وأضاف أن الظرف الذي تمر به إيران لا يتيح لها خلق تحول جذري من خلال اعتماد التغيير في جانب صغير وجزئي.
كما دعا الكاتب الحكام في إيران إلى الخروج من "الشرانق" التي نسجوها حول أنفسهم، قائلا بصيغة أكثر تلطيفا: "يجب علينا الخروج من الشرانق التي نسجناها حول أنفسنا. بعض سياساتنا لا يمكن تبريرها إلا بأساليب القرن الماضي، في حين أن هناك تطورات هائلة في القرن الجديد، ويجب علينا أن نكون أكثر تنسيقا وتناغما معها".
"شرق": إشكاليات زيارة بزشكيان وانشغاله بالحديث في الاجتماعات بدل الاستماع
انتقدت صحيفة "شرق" الإصلاحية طريقة تنظيم اجتماعات رئيس الجمهورية، حيث يظهر بزشكيان متحدثا فقط، والآخرون يصغون من بداية الاجتماع إلى نهايته. وذكرت أنه من المفترض أن يكون الرئيس مستمعا بشكل عام في هذه الاجتماعات، ويسمع من مستشاريه والمسؤولين المحليين الذين يقصد محافظاتهم ويزورها.
ودعت الصحيفة إلى مراجعة برنامج سفر الرئيس بزشكيان في الشهر الماضي، وما إذا كانت هذه الزيارات ذات فائدة حقيقة أم إنها مضيعة للوقت؟
الصحيفة أيضا أشارت إلى زيارة الرئيس الإيراني إلى روسيا وطاجيكستان، والتوقيع على عشرات مذكرات التعاون بين إيران والبلدين، بالإضافة إلى التوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع روسيا، وقالت: "المهم في كل ذلك هو: ما هي المكتسبات الحقيقية وراء هذه الزيارة وفوائدها؟".
"جوان": تصريحات ظريف تهدد الأمن القومي الإيراني
قالت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، إن محمد جواد ظريف مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وخلال مشاركته في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي كشف عن أضغانه وحقده تجاه الفرقاء السياسيين في الداخل، مشيرة إلى أن تصريحاته كانت ضد الأمن القومي الإيراني، إذ "عرى مشكلاتنا الداخلية أمام مسامع وعيون الأعداء".
وأوضحت الصحيفة أن ظريف بتصريحاته التي هاجم فيها "المتشددين"، وأكد أنهم ليسوا من يحكم إيران الآن، وذلك عبر قوله: "لو كان المتشددون يحكمون الآن في إيران لما استطعت أنا شخصيا أن أمشي في شوارع طهران"، وأنه "لولا فوز بزشكيان في الرئاسة لكان من المحتمل أن نشاهد وقوع الحرب في المنطقة"، واصفة هذا الكلام بأنه "كذب" و"افتراء" بحق معارضي الحكومة الذين بلغ عددهم في الانتخابات 13 مليون شخص، وهم الذين صوتوا لصالح المرشد الأصولي الخاسر سعيد جليلي.
كما قالت الصحيفة إن حديث ظريف عن نجاح حكومة بزشكيان في إفشال الحرب في المنطقة "عار من الصحة"، لأن ظريف والحكومة أساسا ليس لهم إمكانية الدخول في الحرب أو السلم وهذا القرار خارج صلاحياتهم.